يكاد الصوت الإعلامي للعالم الإسلامي وكذا العربي أن يكون غائبا تماما عن مخاطبة شعوب العالم، في وقت نحن خلاله في أمس الحاجة لبث رسائل إعلامية للشعوب تصحح المفاهيم الخاطئة المتتالية التي تروج لها سلوكيات مجموعات إرهابية غير مسلمة وربما لا تمت للعرب بصلة. لم تشهد سمعة العرب والمسلمين تشويها مثل الذي شهدته هذا العام بسبب قتل بعض الرؤساء المخلوعين لشعوبهم وسط صمت دول عظمى وتأييد أخرى، وبسبب جرائم بشعة يرتكبها إرهابيون ويروجون لمقاطعها وكأنها باسم الإسلام وهو منها ومنهم براء. في إحدى حلقات برنامج (الأسبوع في ساعة) منذ أكثر من شهر طالبت بوحدة إسلامية عربية على المستوى الإعلامي، وذلك أضعف الإيمان في هذا الوقت تحديدا لبعث رسائل تصحيح المفاهيم الخاطئة وتسليط الضوء على مواقف دول عظمى تدعي الإنسانية والمثالية وتمارس عكسها تماما وفضح مواقفها أمام شعوبها المغيبة عن حقيقة ما يحدث في المنطقة العربية والإسلامية. الشخصية المتميزة لوزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل ونعمة الجاذبية (الكاريزما) التي يتمتع بها الأمير لدى المتلقي عالميا وتصريحاته المقتضبة بالغة العمق في نكهة ساخرة عوضت كثيرا الغياب الإعلامي، فطبيعة تصريحات الأمير سعود الفيصل تجبر الركبان على تناقلها تماما مثلما يتم تناقل بيت شعر مؤثر وفريد. العبارة ليست الميزة الوحيدة لتصريحات وردود الفيصل، لكن الموقف أيضا مميز ويلفت الأنظار ويجبر الإعلام الغربي والشرقي والعالم أجمع على تداوله وتسليط الضوء عليه، ويفترض أن يوظفه الإعلام العربي، لكن الإعلام العربي لا يجيد توظيف المواقف الإيجابية!!. مداخلة الأمير سعود الفيصل، في رده على رسالة بوتين لمؤتمر شرم الشيخ بعد تلاوة الخطاب مباشرة كانت أحد وأحدث الأمثلة الكثيرة، فقد كانت ضربة معلم لا أعتقد أن بوتين وروسيا تعرض لمثلها في تاريخه، وهي بتداولها ستلفت انتباه من لا ينتبه من الشعب الروسي والعالم أجمع، ليس فقط لتناقض المواقف الروسية بل وبجاحتها. ستبقي مواقف و(التقاطات) سعود الفيصل رسائل إعلامية خالدة مثلما خلد التاريخ مواقف وعبارات وحكم والده الملك فيصل بن عبدالعزيز ــ تغمده الله بواسع رحمته.