سبق لنا الحديث في مقالنا المنشور بتاريخ 10 جمادى الآخرة لعام 1436هـ الموافق 30 مارس 2015م تحت عنوان «عاصفة الحزم - حكمة ومشروعية» عن المشروعية القانونية لعاصفة الحزم التي قامت بها المملكة والدول العربية المتحالفة تلبية لنداء الاستغاثة الذي أطلقه الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي لإنقاذ اليمن من محنته ورفع الظلم والعدوان عنه. فلبت دول التحالف بقيادة المملكة النداء لإيقاف التمرد الحوثي المسلح للحفاظ على السلم والأمن الدولي والإقليمي. وقد تضامن المجتمع الدولي برمته مع الموقف السعودي والعربي الهادف إلى وحدة وأمن واستقلال دولة اليمن الشقيق، وقد توج تأييد مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء 14 أبريل القرار الحكيم لإنقاذ اليمن، وأصدر بذلك القرار رقم (2216) بموجب نصوص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بالإجماع وبأغلبية 14 صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت. وبالرغم من الامتناع الروسي عن التصويت إلا أن القرار يعتبر بمثابة اجماع لاختيارها اتخاذ قرار سياسي من خلال الامتناع عن التصويت والذي هو يعتبر ضمناً تأييداً له وإلا كان في مقدورها استخدام حق النقض (الفيتو) للحيلولة دون صدور هذا القرار، ولقد كان للدور المهم والمشرف من قبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي الأثر البالغ في الموقف الروسي تجاه هذا القرار حيث قام سموه بالاجتماع بالسفير الروسي في المملكة وبذل جهده الفاعل في اقناع الجانب الروسي تجاه سلامة هذا القرار. لذا يعتبر هذا القرار نصراً دبلوماسياً كبيراً لمساعي المملكة والدول المتحالفة، وأعطى عاصفة الحزم الصفة القانونية وفقاً للقانون الدولي ومواثيق هيئة الأمم المتحدة. وقد تضمن هذا القرار إلزام الحوثيين بسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، والكف عن العنف، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، وتسليم السلطة دون قيد أو شرط، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات ضد الدول المجاورة، علاوة على فرض عقوبات على زعيم الحوثيين وعلى نجل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وغيره من الالتزامات الأخرى. وقد تبنى مجلس الأمن هذا القرار تحت الفصل السابع من الميثاق في خطوة تؤكد عزمه على فرض العقوبات والتدابير في حالة عدم الامتثال لهذا القرار حفاظاً على السلم والأمن الدوليين، وهو ما يعني وجوب تنفيذ ما ورد بقرار المجلس حتى لو اقتضى ذلك اللجوء لاستخدام القوة، حيث يختص الفصل السابع ببيان ما يجب اتخاذه من أعمال بشأن أي عدوان يعرض السلم والأمن الدولي للخطر. ويحتوي الفصل السابع من الميثاق على التدابير التي يمكن للمجلس اتخاذها لإعادة السلم والأمن الدولي إلى نصابه، وهذه التدابير قد تكون تدابير مؤقتة أو تدابير عسكرية أو غير عسكرية. وقد خول الميثاق في المادة (41) للمجلس اتخاذ التدابير غير العسكرية التي لا تتطلب استخدام القوة كوقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات البحرية والجوية والبريدية واللاسلكية وغيرها سواء أكان الوقف كلياً أو جزئياً وقطع العلاقات الدبلوماسية. كما أجاز الميثاق لمجلس الأمن في المادة (42) اتخاذ تدابير قمع عسكرية في حالة إذا ما رأى المجلس أن التدابير المؤقتة أو التدابير غير العسكرية لا تفي بالغرض، وفي تلك الحالة يحق للمجلس أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. وختاماً فإن هذا القرار الدولي المهم صفعة للحوثيين ولأنصارهم ومؤيديهم، حيث جاء مؤكداً لسلامة مواقف المملكة والمتحالفين معها ومؤيداً لموقفها من الناحية القانونية والسياسية. وهو بفضل الله تم بحكمة القادة الميامين الذين اثبتوا أنهم أهل للمسئولية ورجالها فهنيئاً لامتنا بهذا النصر الدبلوماسي العظيم وتباً لأعداء الوطن والمتربصين به. حفظ الله الوطن وجنودنا البواسل. المحامي والمستشار القانوني