لابد أن تكون الاثارة حاضرة في الحوار التلفزيوني، ولكن هذه الإثارة لا تعني رفع الصوت وتنقص الآخرين ووصفهم بكلمات لا تليق -كما اشتهر عن بعض المذيعين- والأدهى من ذلك السعي للنجاح من خلال الصعود على أكتاف الضيف المسكين والسعي لتدميره بحثاً عن الشهرة والظهور كما هو الحاصل في برامجنا التلفزيونية! فهناك حوارات تلفزيونية موجودة ومشهورة لا تستطيع أن تتابعها من كمية الزعيق الموجود إلا وجهاز التحكم بيدك لتخفض صوت المذيع بين دقيقة وأخرى، لأنك إذا واصلت الاستماع بنفس مستوى الصوت ستصاب بمجموعة من الأمراض العضوية والنفسية! اعتقادي أن هذه النوعية من الحوارات ستختفي والدليل تناقص جمهورها مع الوقت فطبيعة البشر أنها لا تحب الصراخ الدائم والتعالم الممجوج ومحاولات الصعود المكشوفة على جماجم الآخرين. نتمنى من مبدعينا التلفزيونيين وهم الذين يحظون بنسبة مشاهدة عالية وبالتالي نحن بأمسّ الحاجة لتميزهم، أن يستفيدوا من هذا المنبر الذي وفقوا له بالحرص على ما ينفع الناس وأن يقتدوا بالنجاح الإعلامي الذي تحقق للمؤسسات الاعلامية والذين لم يركزوا فقط على الاثارة -رغم أجواء الحرية غير المقيدة المتاحة لهم- بل على التمكن من الأداء وقوة المعلومة والضيف المميز لأنهم أيقنوا أن نجاح المذيع يتحقق من خلال نجاح ضيوفه. قد يقول البعض إن أساليب هؤلاء المذيعين مفيدة في تعرية التقصير والمقصرين، والمشاهد أن الإساءة الشخصية لهؤلاء المقصرين قد تجلب لهم التعاطف من حيث أراد المذيع الإساءة لهم. المذيع المتميز يستطيع أن يعري الفساد بذكائه ونوعية أسئلته مع التزامه بالأدب والهدوء. الخلاصة أن بلدنا يمر بتحديات كبيرة وخطيرة ولابد أن نكون جميعاً على قدر هذه التحديات وألا ننساق خلف المصالح الشخصية على حساب المصالح العامة! ٭ متخصص بالشأن الاجتماعي