الكلمة مسؤولية لذا لابد أن نعي جميعاً كيف نتعامل معها.. فرُب كلمة أدت إلى خصومة أو فرقت شمل أسرة.. ورب كلمة أفسدتْ وداً أو شتت مجتمعاً.. ولأهمية الكلمة وأثرها يحضرني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت} حديث شريف لو فقه الناس مضامينه جيداً لاجتنبوا كثيراً من المآسي وما يفسد الود بينهم.. فالحكمة كما قال «ابن المعتز» شجرة تنبتُ في القلب وتُثمِر في اللسان». إن من يقرأ تاريخ الإنسانية.. يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجِد الإنسان بل إنها عاشت وتكاثرت في أحضان كل الحضارات.. فمنذ فجر التاريخ والشائعة تمثل مصدراً مقلقاً في البناء الاجتماعي والمجال السياسي والانتماء الحضاري لكل الشعوب والمجتمعات.. لما تحدثه من زعزعة في الأمن والاستقرار خاصة في وقت الحروب أو الكوارث والفوضى.. وما يُؤسف له حقيقة أن يكون سوق الشائعات في المجتمع العربي سوقاً رائجاً بامتياز في الوقت الراهن حيث تتنوع الشائعات ما بين شخصية أو سياسية أو اقتصادية أو أمنية ومهما كان نوعها إلا أن تأثيرها يصيب أفراد المجتمع بشكلٍ عام بالشك والقلق فتكثر التخيلات والتحليلات وتجد الشائعة مرتعاً خصباً لها لتنمو أكثر.. فكم من إشاعة أطلقها مغرض وسمعها وصدقها متعجل أدت إلى تباغض وعداوة وكم من شائعة أساءت لسمعة فضلاء المجتمعات وكم من إشاعة كانت نكبة لشعوب أو هزيمة لجيوش وكم من إشاعة تركت جراحاً عميقة لا تندمل وفرقة دائمة لا تجتمع. انتشار الشائعات في أي مجتمع هو بمثابة وسيلة لانتشار تدني المعنويات فالطرف المستهدف للشائعة هو المعني بتمزيق معنوياته كما أنها تبني حواجز تحجب من خلالها انتشار الحقيقة فتحدث البلبلة في التعرف على الحقائق وربما يصعب تصديقها مما يفسح المجال لانتشار الأكاذيب والأخبار المبنية على مقاصد سيئة فتنشط الطاقات السلبية في نفوس أفراد المجتمعات. الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الشائعات لحقها تغيرات جديدة في هذا العصر وذلك بفعل ظهور وسائل الإعلام الجديدة وسيطرة الهواتف الذكية وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي مما أتاح لبعض مستخدميها في صنع الشائعات ونشرها والترويج لها خاصة في وقت الأزمات وكأن هذه الوسائل قد تحولت إلى قاطرات لنقل وتبادل الشائعات. الشائعات آفة خطيرة.. فإن وجدت لها بيئة خصبة فإنها تسري فيها سريان النار في الهشيم.. لذا فلابد من محاربتها واستئصال جذورها وذلك لا يتم إلا عن طريق نشر الأخبار الصادقة بموضوعية وحيادية مع الحرص على تثقيف أفراد المجتمع وتوعيته بمخاطر هذه الآفة المقيتة ووجوب التصدي لها من خلال وضع الخطط المضادة لمقاومتها والقضاء عليها.