×
محافظة الحدود الشمالية

إغلاق 33 منشأة وإيقاف 18 عاملا بالقريات وطريف

صورة الخبر

رغم ارتفاع أسعار خام الحديد منذ بداية الأسبوع الجاري بـ3 في المائة، ليصل سعر الطن الفوري إلى حدود 48.80 دولار، فإنها لم تحدث تغيرا حقيقيا في المسار السعري لخام الحديد. الزيادة السعرية الأخيرة جاءت نتيجة تراجع المخزونات الصينية من الصلب، وقرار بعض كبار المنتجين في أستراليا بوقف الإنتاج. وجاء هذا التحسن بعد موجات متواصلة من الانخفاضات السعرية لخام الحديد خلال الأيام الماضية، قدرت بنحو 2 في المائة، بلغ خلالها سعر التسليم الفوري للطن 46.70 دولار. وكان سعر خام الحديد قد شهد انخفاضا حادا في الشهور الـ18 الماضية، إذ تراجعت الأسعار من أكثر من 150 دولارا للطن إلى أقل من 50 دولارا، ليصل بذلك إلى أدنى مستوى له في السنوات العشر الماضية. وعلى الرغم من وجود اتفاق عام بين المحللين على أن المسار المستقبلي لأسعار خام الحديد هو المزيد من الانخفاض، إلا أن هناك تباينا في الآراء حول المستوى الذي يمكن أن تتراجع إليه الأسعار. بنك كريديت سويس أشار في تقرير له إلى أن الأسعار ستنخفض خلال الشهور الـ12 المقبلة إلى 45 دولارا للطن، بينما بلغت تقديرات "مورنج ستار" وهي مؤسسة بحثية مستقلة تعنى بتوقعات الأسعار، أن ينخفض طن خام الحديد إلى حدود 60 دولارا للطن. أما دويتشه بنك فقد أعلن أن السعر سيتراجع هذا العام إلى 40 دولارا، بينما وصلت تقديرات الحكومة الأسترالية إلى 35 دولارا للطن. وقال لـ "الاقتصادية" جيم مايرز المحلل الاقتصادي في بورصة لندن إنه إذا كانت لديك أسهم في مناجم استخراج خام الحديد أو شركات تتعامل فيه، فإن النصيحة هي أن تسرع بالتخلص منها الآن، فالعام الجاري وجزء من العام المقبل لن تكون الأسعار فيه لمصلحة خام الحديد. وذكرت وسائل إعلام أسترالية أخيرا أن بعض كبريات الشركات والمناجم المنتجة لخام الحديد تراجعت أرباحها بنحو 60 في المائة خلال العام الماضي نتيجة انخفاض الأسعار. وقد أعلنت أستراليا - أكبر مصدر لخام الحديد في العالم - التي ساهمت بنحو 46 في المائة من إجمالي الصادرات العالمية عام 2013، أن انخفاض الأسعار يعرضها لخسائر تقدر بنحو 25 مليار دولار أسترالي أي ما يعادل 19 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة. وكل انخفاض في قيمة الطن بعشرة دولارات أمريكية، يعني تراجعا في العوائد الأسترالية بنحو 2.5 مليار دولار أسترالي. لكن ما أسباب هذا التراجع الحاد في الأسعار؟ وما التداعيات الاقتصادية لذلك؟ يقول لـ "الاقتصادية" الدكتور دان ليت هانت أستاذ التجارة الدولية في كلية وارويك إن العامل الرئيسي وراء تدهور الأسعار هو انخفاض معدلات النمو في الصين، ومن ثم انخفاض معدلات الطلب على الصلب، ومن ثم على خام الحديد. وأضاف أن انخفاض معدلات النمو يعني تراجعا في عمليات الأعمار والتشييد سواء في مجال الإسكان بانخفاض أعداد الوحدات السكنية، أو بناء المدن الجديدة، والمطارات، والطرق والكباري والجسور. وواكب الانخفاض في الطلب الصيني زيادة في الإنتاج المحلي الصيني من خام الحديد. وتعتبر الصين أكبر منتج لخام الحديد في العالم، لكن إنتاجها المحلي لا يكفي فتقوم بالاستيراد خاصة من أستراليا ثاني أكبر منتج عالميا. وكان الإنتاج الصيني قد شهد طفرة في السنوات الماضية، فقد قفز من قرابة مليار طن متري مكعب عام 2010، إلى مليار ونصف المليار طن متري مكعب عام 2014، وقد استثمرت شركة Citic الصينية عشرة مليارات دولار لتطوير مناجم في مناطق نائية في غرب أستراليا. وإذا كان البعض يحمل انخفاض الطلب الصيني المسؤولية الأساسية لتراجع الأسعار، فإن البعض يعتبر أيضا أن الشركات العالمية الكبرى خاصة الأسترالية والبرازيلية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية من جراء الإفراط في الإنتاج، على أمل أن يؤدي انخفاض الأسعار إلى إخراج المناجم الصينية ذات التكلفة المرتفعة من الأسواق. يضاف إلى ذلك الارتفاع الكبير في قيمة الدولار ما دفع أسعار السع الأولية والمواد الخام إلى التراجع. وحيث إن خام الحديد كالنفط سلعة تسعر بالدولار، فقد تأثر ثمنها بشكل كبير، وفقد ما يقارب 60 في المائة من قيمته خلال عام ونصف العام. في ضوء التخمة الراهنة في الأسواق نتيجة زيادة المعروض وانخفاض الطلب، فإن عددا من عملاقة الإنتاج قاموا بإغلاق جزء من عملياتهم الإنتاجية أو أوقفوها بالكامل. فشركة أطلس للحديد وهي رابع أكبر منتج في أستراليا، أصدرت بيانا أعلنت فيه إغلاق مناجمها خلال هذا الشهر، على أن تقوم بوقف عمليات التصدير لاحقا نتيجة انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوى لها خلال عقد. وقد أقرت الشركة بأن برامج ضغط النفقات كافة، التي قامت بها لم تعد مجدية، في ضوء التراجع الشديد في الأسعار. ويقدر إنتاج الشركة الأسترالية التي أنشأت عام 2004 بنحو 13 مليون طن سنويا. وقد أدى انخفاض الأسعار إلى تقلص القيمة السوقية للشركة من ثلاثة مليارات دولار عام 2011 إلى مليار دولار العام الماضي إلى 110 ملايين دولار حاليا. وقال لـ "الاقتصادية" أليسون باتن الباحث في المعهد الدولي للأبحاث الاقتصادية إن أسواق خام الحديد ستقوم بعملية تصحيح عنيفة للغاية، فالعرض أكبر من الطلب وستشهد الفترة المقبلة إغلاقا لعديد من المناجم. وذكر أن الصين "تقاوم بشدة إغلاق مناجمها الصغيرة، وتقوم حاليا بدعمها على أمل تجاوز الأزمة الحالية". وأضاف "بكين لا تريد أن تكون مرهونة للمنتجين في أستراليا فقط، ولهذا تسعى إلى خفض اعتمادها على أستراليا بإبقاء مناجمها قيد العمل حتى مع انخفاض الأسعار". ورغم الأضرار التي أصابت منتجي وتجار خام الحديد، فإن الصورة لا تبدو سوداوية تماما من وجهة نظر البعض. ويعتبر الدكتور ايد مانسفيلد الاستشاري لعدد من الشركات البريطانية العاملة في الاستيراد والتصدير أن الوقت ملائم للشركات المنتجة للصلب للاستفادة من انخفاض أسعار خام الحديد والنفط لزيادة إنتاجها للحد الأقصى. وقال لـ "الاقتصادية" إن زيادة إنتاج الحديد والصلب يمكن أن يكون مدخلا جيدا لدفع معدلات التنمية الدولية، فالحديد والصلب إذا ما انخفضت تكلفة إنتاجهما، نتيجة تقلص أسعار خام الحديد والبترول، فإن الأسواق تتوقع أن تنخفض أسعار البيع أيضا. وأضاف أن الحديد والصلب مكونان أساسيان في عمليات البناء والتشييد، لذلك يمكن توقع انتعاش عمليات التشييد العمراني في البلدان التي تستورد الحديد والصلب من الخارج.