الكل يدرك أن ايران تستغل التوجه الشيعي لكي تصل إلى مآربها، فهي لا تهتم بالشيعية ولا بتابعي الشيعية بل هي تستثمر كثيرا من هؤلاء لتحقيق مكاسب وطموحات وأطماع تاريخية ثأرية بطريقة ثورية، الكل يعلم ما عدا اتباعا بسطاء مغررا بهم، وهي دوما تغلف تلك المشاهد بالصبغة السياسية الاستكبارية. ان سياسة ايران هي سياسة توظيف للضعفاء. اعود الى فلسفة المتعة السياسية التي تتبناها ايران في تعاملها مع العالم عامة، ومع جيرانها، ومنطقتها خاصة فسياسة الدس والاندساس تتماهى مع المتعة والامتاع لديهم، فهم يصنعون سياسة من مركب عقيدي بمفاهيم ثورية، ورغبات ثأرية وطموحات شاذة. لذا فهي تخترع وتحاول ان تغرس بؤرا شيعية تنمو ليكون مسوغا لها التواصل والتدخل في أماكن تلك البؤر، حتى لو اخترقت سيادات الدول أو قوانينها، بل يذهب الأمر إلى زراعة طابور خامس حول تلك البؤر بما تستطيع من عمل استخباراتي او اعلامي، فتجد تلك البؤر توجه انتماءاتها وولاءتها الى ايران حتى لو حملت جنسية ومواطنة مختلفة. وهذا لم يسبق أبدا فلم يكن هناك مواطنون في دولة ما تجدهم يعيشون في وطن وولاؤهم لآخر، فالبوذي في تايلند وطنيته وانتماؤه لتايلند وليس للصين او اليابان حتى لو كان فيها بوذية أكبر. ولا اظن الهندوس في نيبال سيكون ولاؤهم للهند بسبب هندوسيتها، ولم نر ان الفرنسي يكن ولاءات لإيطاليا بسبب البابوية، أو الكنيسة الكبرى، ومعقل الكاثوليكية فيها، ولم تتوجه قلوب جماهير من الكاثوليكيين في البرازيل بولاءات، وتأييد لبلدان فيها معاقل النصرانية. متعة السياسة لدى ايران تنطلق من مبدأ المتعة ذاتها التي تجعلها تحترق في داخلها لتتماسك في ظاهرها، فتبدأ تلك المتعة بالسيطرة على الآخر، وتمر بمغالطة الحق، وانحراف القيَم لديها، وفرض التبعية، وتشتيت الواقع الاجتماعي والسياسي، وشحذ المتربصين، وإيقاد الفتن، وتصدير الشعارات، وتنتهي بالاستحواذ العقدي ثم الثوري فالعسكري. لم تواجه ايران بأطماعها وأذنابها مواقف حقيقية صارمة، مما جعلها تشعر بالمتعة في مزيد من السيطرة والتوسع والتمدد، وكان فيما سبق لا نسمع إلا خطابا سياسيا من جهات أخرى فايران هي الفعل وغيرها رد الفعل، وهذا الخطاب لا يحمل أي قيمة حقيقية يمكن أن تردع ايران أو تغيَر في نياتها، أو خططها فاستمرت بتغذية أذنابها وأذرعها بكافة الأطماع والأمنيات، وزودتها بكل ادوات التخريب، والسلاح، والعمل الاستخباراتي البغيض. وحين هبت عاصفة الحزم كانت الصدمة في طهران أعظم منها في صنعاء، لأن الواقع والوقع السياسي اختلف مشهده من قول إلى فعل، ومن حديث إلى عمل، ومن خطابات إلى عمليات، فكانت مواجهة مهمة قتلت المتعة في سياسة ايران لأن الأمور اختلت، واللذات تغيرت. عرفت ايران أن هناك قوة إقليمية مثلتها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والدول العربية ومن دعمهم من الدول الاسلامية لا تبالي بالمتعة بل تهتم بالحدث عمليا، واخبرتهم أن الصمت فيما سبق هو للحكمة والدراية وأن الأمور تتبدل بسهولة فالقوة موجودة بمنة الله وحوله، والخطط موضوعة، والمراقبة مستمرة، والنوايا مطايا، فكانت عاصفة الحزم هي قاتلة للمتعة الايرانية التي غرقت سياستها فيها. مستشار ومدرب إعلامي