يقول الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ونصره: «لقبي كما هو رسمياً خادم الحرمين الشريفين ومن خدم الحرمين الشريفين خدم دينَه وبلادَه» كأني بالملك سلمان يضع أساس وإطار وهدف المواطنة لأبناء شعبه في عبارة مختصرة (خدمة الحرمين الشريفين) وهي خدمة نعتز بها ونتسارع لتحقيق أهدافها. في أمسية ربيعية من أماسي نجد استقبل خادم الحرمين الشريفين قادة القوات العسكرية من مختلف القطاعات وذلك مساء يوم الثلاثاء الثامن عشر من شهر جمادى الآخرة وقال لهم: «بلادكم قبلة المسلمين، كل مسلم يتَّجه لها في اليوم خمس مرات، لذلك أمنها واستقرارها الداخلي والخارجي مسؤوليتنا جميعاً.. ومن دافع عن بلاد الحرمين الشريفين وحدودها وأمنها فهو يدافع عن وطن يستحق منَّا الدفاع عنه، وشعب وفي يستحق منَّا توفير أمنه في الداخل والخارج». تحدث إلينا خادم الحرمين الشريفين خلال أقل من ثلاثة أشهر منذ تولّيه مسؤولية البلاد في 3/4/1436 هـ. في كل مرة أشعر أنّه يحدّثنا بشيء جديد عن مستقبل جديد. سألت نفسي مرات: هل نحن حقّاً في عهد جديد؟ هل لعهد سلمان صِبغةٌ جديدة تميّزه عن أسلافه؟ هل يضعنا الملك سلمان أمام مضامين جديدة للمواطنة وبناء الوطن؟ أحبُّ بلادي وحبّها يأتي بعد حُبّي لديني. في الدين أساس للأمانة والإخلاص والصدق، ومن أجل هذه القيم السّامية أحببتُ بلادي. في الدين أساس ثابت لواجبات الحاكم وحقوق المحكوم، ومن أجل هذا أحببتُ بلادي وحكّامها. كل شيء واضح ولا مزايدة عليه ولكن.. لماذا هذا الإحساس؟ أعدت التفكير وجاء الجواب مدوياً: نعم نعيش عهداً جديداً وعصراً جديداً. عهد المسؤولية والعمل الوطني، وعصر العرب. إنّ ملكنا حفظه الله بدأ عهده بتحديد المسؤوليات واختيار المؤهلين لأدائها. وزارته الأولى ضمَّت كفاءات وطنية جديدة تتولى حقائب الخدمات العامة للمواطنين. تسعون بالمائة من أفراد المجتمع السعودي متعلمون. ثلاث وثلاثون جامعة حكومية وسبع أهلية. مئات الكليات التقنية والمعاهد المتخصصة في أرجاء البلاد. التعليم حقٌّ مضمون لكل طفل سعودي ونسبة الالتحاق بمدارس التعليم العام تناهز 99 % من مجموع الأطفال. إعلام متطور. صحف ومجلات وإذاعات وقنوات تلفزيونية محلية وفضائية، وفكر متنور بين الناس. آلاف المصانع وآلاف المزارع التي تنتج حاجات الإنسان من الحبوب والفاكهة والأدوية والملبوسات والأثاث وغير ذلك هذا فضلاً عن الصناعات البترولية المتطورة. مدنٌ اقتصادية نموذجية تعمل على تنمية الاقتصاد الوطني واعداد الكوادر الوطنية المدرّبة، واستصلاح الصحارى وتحلية المياه. اقتصاد قوي والسعودية عضو في مجموعة الدول الاقتصادية العشرين في العالم. حضور دولي في الأمم المتحدة ومنظماتها، وفي صندوق النقد الدولي وفي البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وفي الجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، نجدها ركيزة فكرية وإنسانية في حركة عدم الانحياز وفي منظمة الدول المصدِّرة للنفط. شعب تعداده واحد وعشرون مليوناً كلهم على قلب رجل واحد يلبون سلمان لخدمة الدين والمليك والوطن. ومؤشر السعادة العالمي يضع مجتمعنا السعودي في أول قائمة الشعوب السعيدة على مستوى الشرق الأوسط. وطنٌ يتميز على جميع الأوطان فهو يحتضن الحرمين الشريفين ومهابط الوحي المقدس. مساحته أكثر من مليوني كيل مربع ويتجاور مباشرة مع تسعة أقطار عربية. تشرق شمسه في كل صباح من ضفاف الخليج العربي وتغرب على سواحل البحر الأحمر. وطنٌ ينعم بالتمسك بالثوابت الإسلامية وهي ثوابت للقيم الحميدة من أمن واستقرار. الشريعة الإسلامية هي المآل للاحتكام سواءً فيما يتعلق بالمواطن أو فيما يتعلق بالحكومة. من هذه المعطيات الموضوعية الإيجابية وممّا يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من إيمان بالله؛ وحبٍّ للوطن، وارتباط وثيق مع أشقائه العرب وإخوانه المسلمين، وخبرة واسعة في مجال الإدارة الوطنية ينطلق مليكنا وقائدنا لإدارة شؤون البلاد بما يحفظ لبلادنا، بلاد الحرمين الشريفين، أمنها واستقرارها والسير بها نحو التقدم والبناء. متمسكاً بثوابت الدين في التعامل مع الجار والصديق يَهبُّ المليك لدعوة اليمن الجار الشقيق إلى طاولة الحوار بدلاً من التناحر والشقاق. يفتح أبواب الرياض لاستضافتهم. يكرّر الدعوات لأبناء اليمن بأن الطريق السليم لتقدّم اليمن وعودته ليكون سعيداً هو بالالتفاف حول الشرعية وليس باعتقال رئيس البلاد ووزرائه وأعيان البلاد. يواصل دعم اقتصاد اليمن وتقديم الخدمات التعليمية والطبيّة لجميع المواطنين بدون تمييز. وتأبى قلّة ضالة التفكير إلا أن تواصل بث الشقاق والفتنة داخل الوطن اليمني؛ بل وتعلن صراحة تهديد الجيران وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية. وأكثر من هذا تقوم هذه الفئة الباغية بإجراء مناورات عسكرية على حدود السعودية إعلاناً عن النوايا العدوانية واستعداداً لتنفيذها كما يظنون. ويزحفون لملاحقة الرئيس الشرعي لليمن في عدن حيث لجأ بعد فراره من سجنهم في صنعاء. تحول اليمن (السعيد) إلى ساحة من الفوضى والرعب والخوف والمرض والجوع فيتوجه الرئيس الشرعي لليمن بنداء استغاثة إلى أشقائه العرب يدعوهم فيه لإنقاذ اليمن من هذا الوضع المخيف. هنا ومن منطق الوعي بمسؤولية حفظ البلاد وتحقيق الأمن للعباد، وتلبية لطلب السلطة الشرعية في اليمن، واحساساً بخطر البغاة اجتمع قادة الإمارات والبحرين وقطر والكويت بالرياض واتفقوا على اطلاق (عاصفة الحزم) لتحرير الوطن الجار المستغيث اليمن من ظلم الطغاة وإعادة الأمن إلى ربوعه وتمكين السلطة الشرعية من استئناف مرحلة البناء والتنمية في إطار مخرجات الحوار الوطني، ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومقررات الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي. انطلقت (العاصفة) بقيادة السعودية وحظيت بتأييد القمة العربية في مدينة شرم الشيخ بمصر العربية، ولقيت تأييد الدول الإسلامية ودول أوروبا وأمريكا وآسيا واستراليا. حتى الآن حقَّقَت (عاصفة الحزم) نتائج هامة وذلك باتحاد العرب -كل العرب- حول قرار اطلاق (العاصفة) وهو اتفاق تاريخي (يُجمع عليه العرب) منذ تأسيس الجامعة، وكرَّست هذه الحملة مفهوم القدرة العملية للعرب على حماية بلادهم بأنفسهم حيث جاءت خطّة (عاصفة الحزم) من حيث التخطيط والتنفيذ والمتابعة بعقول أبناء اتحاد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية... وهذا ما عزَّز ثقتنا في أنفسنا وفي شبابنا وفي سلامة السير نحو مستقبلنا. فهل نحن أمام عصر جديد؟ وهل لدينا الاستعداد لإطلاق قدرات شبابنا؟ وهل هؤلاء الشباب يسيرون بالعرب جميعاً نحو مستقبل تتحقّق فيه كرامة الإنسان العربي؟ فكر معي أيها القارئ وأيتها القارئة فإني أرى جيلاً جديداً يبني ولا يَهدُم، يحمي ولا يهدِّد، يصون ولا يُخرِّب...إنهم بالعلم والإيمان يسيرون بقيادة سلمان في ثقة بالله سبحانه.