عسكرة الشعوب زين العابدين غرم الله الغامدي المشهد اليمني الإنساني يبعث على الأسى والحزن جراء اعتداء ميليشيات صالح والحوثيين وهو نتاج سنين من عسكرة الشعب اليمني وهنا يبرز سؤال عن عسكرة الشعوب العربية فهل من صالح الشعب العربي أن يكون مسلحـاً رؤى العسكرة كثيرة ومختلفة تبدأ بالتجنيد الإجباري أوالاختياري وتنتهي ببيع الأسلحة وترويجهـا دون ترخيص وتقنين ودون حسيب أو رقيب . بالنسبة للتجربة اليمنية المعقدة التي تختلط فيها عادات القبائل وتراثهـا المسلح والذي تعوَّد فيها الطفل اليمني على رؤية السلاح ليس في الأفراح فحسب بل في الحياة اليومية العادية وكما قد يظهر في قبائل مختلفة ممتدة على الساحل وجبال السروات في جنوب الجزيرة العربية وهي تجربة لايمكن القياس عليهـا نظراً لطبيعة الحياة القبلية التي جعلت مشهد السلاح أمراً مألوفا وجزءاً لايتجزأ من التراث اليمني الشعبي كرمز للقوة والشجاعة . مشكلة عسكرة الشعوب إنهـا في الغالب قد ترتد بشكل عكسي على الشعوب العربية التي يتم عسكرتهـا وهو ما نشهده اليوم في اليمن من تحول المجتمع إلى ميليشيات تديرها مجموعات مسلحة لايمكن السيطرة عليهـا وتوجه أسلحتهـا صوب صدور إخوانهم من اليمنيين العزَّل الذين لاحول لهم ولا قوة وهنا مكمن الخطر أن يتحول المجتمع إلى تطاحن عسكري بحيث يتم استهلاك الأسلحة في صراع قبلي أو مذهبي أو طائفي وتتحول المجتمعات العربية إلى جزر تبحر كل جزيرة ضد الأخرى وبدل أن تكون المجتمعات عاملة ومبدعة ومنتجة تتحول إلى ثكنات عسكرية متقاتلة تهلك نفسهـا بنفسهـا ويظهر في المجتمع وحوش ضارية يأكل بعضهـا بعضاً في غابة لاترحم أحداً كما يحدث الآن في اليمن وليبيا والتي تمت عسكرتهـا وتسليح الشعب فيهـا فتولدت فيهـا دوافع الانتقام والقتل والصراع يوقد شرارتهـا تجار الأسلحة وميليشيات تزعمتهـا أحزاب سياسية أوجمـاعات إرهابية أو بؤر طائفية كل ذلك نتيجة رؤى عسكرة الشعوب التي آمن بهـا العسكر في بعض الدول العربية المعاصرة .