"يقظة المملكة العربية السعودية ضد إيران" تحت هذا العنوان نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالا طويلا لمراسلها في السعودية "بنجامان بارث"، حول الحلف العربي ضد حوثيي اليمن مستشهدة برأي الصحفي السعودي جمال خاشقجي وديبلوماسي فرنسي في المملكة، ونظرا لأهميته ارتأيت أن أنقله إليكم. تقول الصحيفة "هل وجد العالم العربي مركز ثقله؟ سؤال يقتضيه إعلان المملكة العربية السعودية الحرب ضد ميليشيات الحوثيين في اليمن، وانضمام سريع لثمانية بلدان من المشرق والمغرب العربي إلى الحلف العربي إضافة إلى باكستان، الحليف التاريخي للمملكة. "اتخذت الرياض المبادرة لمصلحتها ومصلحة المنطقة كلها، وهذا هو بداية خطة لقص العشب تحت أقدام الإيرانيين حيثما استطعنا ". يقول خاشقجي في حديثه للمراسل الذي يتابع: مرض الملك عبدالله في السنوات السابقة، والصدمة التي أحدثها "الربيع العربي" كانت قاتلة لحليف المملكة الرئيس في المنطقة، المصري حسني مبارك، ما دفع إلى التريث والصمت تقريبا. أيضا تسبب عدم الالتزام الأميركي بوعود دعم الاستقرار في الشرق الأوسط بحالة ارتباك منعت المملكة من التصدي لمحاولات الجهات الراعية لجماعة الإخوان المسلمين، لتظهر وكأنها قائد جديد للمنطقة، باستثناء أرخبيل صغير في البحرين، حيث تدخلت قواتها عام 2011 للحفاظ على أمن البحرين، حينها حضرت المملكة العربية السعودية دون أي خشية من امتداد النفوذ الإيراني: لبنان حيث حليف إيران حزب الله يشل عمل مؤسسات الدولة. سورية، حيث قوات إيران وخزينتها تدعم نظام الأسد لمدة بحياة مصطنعة. في العراق، حيث تواصل الميليشيا الإيرانية خدمة مصالحها تحت ستار محاربة جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية. في اليمن حيث استولى الحوثيون، وهم حركة مسلحة قوامها من الأقلية الزيدية المدعومة من طهران، وتسببوا في سقوط صنعاء، مما اضطر الرئيس المنتخب، عبدربه منصور هادي، للهروب. كل هذا تغير بمجيء الملك سلمان في يناير، بمساعدة وزيرين قويي الشخصية من الجيل الثاني ابنه محمد بن سلمان في الدفاع وابن أخيه محمد بن نايف في الداخلية. في مارس 26، أرسلت المملكة قواتها الجوية لقصف مواقع الحوثيين. خادم الحرمين الشريفين قرع فعليا جرس إنذار الحرب لاستعادة اليمن، غير مبال بحقيقة أن هذا الهجوم قد يضر الولايات المتحدة، في المرحلة النهائية من المفاوضات بشأن النووي الإيراني، وأظهر الرياض كسلطة غير عادية، مما اضطر واشنطن أن تبارك الغارات بعد ذلك. ويتابع الكاتب مفندا تحت عنوان "النفحة القومية" نقلا عن ديبلوماسي غربي مقيم في الرياض: "لقد أدرك السعوديون أنهم لا يستطيعون الاعتماد سوى على أنفسهم، وبدأوا في جمع القوى لمواجهة نفوذ إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، وفي خطبة الجمعة أكد إمام المسجد الكبير في الرياض أن "عاصفة الحزم حاسمة وأعادت الأمل للأمة والمؤمنين جميعا". ويضيف: حتى إبرام اتفاق بين إيران والقوى الكبرى، الخميس 2 أبريل في لوزان، الذي يمكن أن يؤدي إلى إعادة إدماج إيران "عدوهم اللدود" في المجتمع الدولي، لم يتمكن من إضعاف هذا الفخر والمجد الجديد للسعوديين. الملك سلمان انتصر وضم إلى حلفه عبدالفتاح السيسي، رئيس مصر ونشر أسطولها على درب باب المندب لقناة السويس، ثم بدأ في قصف عدن المشغولة بالنزاعات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس هادي. لم يكتف الملك سلمان بهذه اللحظة منذ عام 2011 بل يمكن له أيضا أن يكون فخورا بعد تحسينه العلاقات مع أنقرة. حتى السودان المقربة من إيران، انضمت إلى الجبهة ضد الأخيرة وهو التحالف العربي الأوسع الذي لم يسبق له مثيل منذ حرب عام 1973 ضد إسرائيل. يستطرد الكاتب: بعد اليمن، قد يكون السلاح النووي جزءا من التطبيق العملي. في منتصف مارس حذر تركي الفيصل، مسؤول المخابرات السابق للمملكة، من أنه في حال الاتفاق بين الغرب وإيران، سيصبح ممكنا لدول الخليج من المطالبة بالحقوق نفسها التي تمنح للجمهورية الإسلامية، مضيفا "إذا حصلت إيران على القدرة على تخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى، المملكة العربية السعودية ستطلب نفس الشيء ولن تكون وحدها فقط". ومرة أخرى ينقل بارث عن خاشقجي "يتوقع أيضا سياسة أكثر حزما فيما يتعلق بالقضية السورية. وتوقع اتخاذ قرارات من الممكن أن تغير الوضع على الأرض. ويمكن أن يشمل فرض منطقة حظر جوي فوق شمال سورية، وتسليم صواريخ جو بكميات كبيرة، إضافة إلى أمور أخرى، انتصارات الثوار مؤخرا في إدلب "عاصمة المحافظة في شمال البلاد" ومعبر نصيف الحدودي مع الأردن تدل على التطورات المستقبلية". أما الشارع السعودي فلديه انطباعات أخرى حيث امتلأ تويتر ومنذ بدأت عاصفة الحزم بصور مركبة تظهر الأسد مهزوما هو والزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي، وزعيم حزب الله حسن نصرالله وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي. هل الأمير محمد بن سلمان بطل كما قاسم سليماني، رئيس العمليات الخاصة في إيران؟ "سؤال أجاب عنه خاشقجي قائلا "هذا الطرح له ميزة إيجابية لأنه يحرم تنظيم الدولة الإسلامية من واحدة من أقوى حججها في تجنيد الشبان، ويضيف "إلا أنه يجب التعامل مع الأمر بدقة، لأنه من الممكن أيضا أن يسرع أيضا من دخول المنطقة في حرب طائفية، كتلة ضد كتلة". ثم تنقل لوموند توقعات بعض المراقبين حول احتمال تكليف الملك سلمان للرئيس السيسي وبمجرد انتهاء العملية اليمنية بتشكيل فرق جديدة وتدعيم المجهزة حديثا للمشاركة في ليبيا ضد الميليشيات الجهادية، موضحة أن السعوديين يمتلكون خطة واضحة فيما يتعلق باليمن تتجلى في استعادة السلطة الشرعية للرئيس هادي وإحياء الحوار السياسي. يبقى أن آمل كحال كثير من السوريين واليمنيين والعرب ألا تكون هناك حدود لهذا الانتصار العربي السعودي في وجه الحلم الفارسي.. علنا نستعيد معه أماننا وكرامتنا وبلادنا المستباحة، وسلاحنا النووي العربي المرتقب وصولا إلى القدس ذات صباح.