فوجئت طالبات وخريجات كلية العلوم بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن "تخصص الأحياء الجزيئية والتقنية الحيوية"، أنَّ مسار دراستهن الجامعية الذي بذلن فيه جهداً كبيراً، وأمضين فيه سنوات من التعب والجد والاجتهاد والسهر، سيذهب أدراج الرياح، وذلك نتيجة ما اعتبرنه خطأً من الجامعة ارتكب في حقهنَّ، وذلك حينما لم تعمل على توفير ضمانة الاعتراف والتصنيف لمخرجات هذا التخصص من قبل "وزارة الخدمة المدنية" و"الهيئة السعودية للتخصصات الصحية"، حينما تمَّ إقرار هذا القسم من مجلس الجامعة قبل ست سنوات، إلى جانب عدم وجود تصنيف مدرج لهذا التخصص على موقع "وزارة الخدمة المدنية"، وبالتالي فإنَّه عند تقديم هؤلاء الخريجات على الوظائف يتمّ رفضهنّ من قبل "نظام جدارة" بحجة عدم وجود هذا التصنيف، ومن هنا حُرمت خريجات هذا المسار من الوظائف التعليمية والصحية، كما حُرمن أيضاً من العمل في مختبرات مراقبة الجودة والنوعية، وفي مجال التخطيط البيئي وصحة البيئة وحماية الحياة الفطرية ومجالات الهندسة الوراثية والإدارية أو أيّ وظيفة تنسجم مع تحصيلهنّ العلمي. د. نادرة المعجل: أوقفنا القبول وشكلنا لجنة لدراسة القضية.. وننتظر تصنيف الخدمة المدنية وأُصيبت العديد من الطالبات والخريجات باليأس والإحباط ومعايشة هذا القلق منذ مدة تزيد على ثلاث سنوات دون الوصول إلى نتيجة تُذكر سوى إيقاف القبول في هذا المسار، وعلى الرغم من ذلك، إلاَّ أنَّ الدراسة لا تزال مستمرةً في هذا القسم وقلق الطالبات اللاتي يجلسن على مقاعد الدراسة والخريجات لا يزال كما هو فيما لا يزال تقرير مصير مستقبلهنَّ الوظيفي تحت رحمة بيروقراطية النظر والدراسة في ردهات الجامعة ووزارة الخدمة المدنية في ظل استمرار اعتذار "الهيئة السعودية للتخصصات الصحية" عن تصنيف هذا المسار، بحجة أنَّه ليس من ضمن التخصصات الصحية، وتأمل الطالبات أن تتحمل وزارة التعليم والجامعة مسؤوليتها في حل هذه المشكلة بما يضمن لهنَّ فرصة العمل في مجال هذا التخصص. توظيف الخريجات وأوضحت لمى، طالبة خريجة، أنَّ خريجات "جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن" تخصص أحياء - مسار الأحياء الجزيئية والتقنية الحيوية للعام الدراسي (1433/1436ه) - تمَّ تخريجهن من الجامعة دون الحصول على تدريب عملي مكثف، وذلك على الرغم من كون هذا التخصص هو المسار الأول في المملكة للطالبات، مُشيرةً إلى أنَّ عدم تصنيفه من قبل "الهيئة السعودية للتخصصات الصحية" أعاق عملية التدريب. وأضافت أنَّ ذلك أدَّى أيضاً إلى عدم توظيف الخريجات في جميع المستشفيات، مُشيرةً إلى أنَّ المشكلة نتجت عن فتح الجامعة هذا التخصص وتخريج بعض الدفعات دون أيّ دراسة مُسبقة ودون التفكير في مستقبل طالبات هذا المسار – على حد رأيها -، مُبديةً خشيتها هي وزميلاتها الخريجات من كون هذا التخصص غير معترف به، موضحةً أنَّهن خاطبن المسؤولين في الجامعة قبل التخرج وبعده حسب التسلسل الإداري. تدريب تطوعي وأضافت أنَّهنَّ لم يجدن أيّ تجاوب من قبل أولئك المسؤولين في الجامعة، وقالت: "عندما وجدنا الأبواب أمامنا مغلقة لجأنا إلى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وطلبنا التدريب التطوعي الذي ينتهي بالتصنيف لمدة سنة، وذلك على غرار تخصصات الأحياء الدقيقة والكيمياء الحيوية، إلاَّ أنَّه تمَّ إخبارنا بعد مرور عام كامل أنَّ المواد الدراسية غير مكتملة، وليست بالمستوى المطلوب، وبالتالي تمَّ رفض طلبنا". وبيَّنت أنَّ عميدة الكلية أبلغت الخريجات بعد ذلك بإقفال القبول في القسم، لافتةً إلى أنَّها أشارت عليهنَّ بالبحث عن حل مناسب بشكلٍ شخصي خارج أسوار الجامعة، مُضيفةً أنَّ المشكلة لن تجد الحل من الجامعة ما دام الموضوع برمته مقيّد بملزمة الوعود والتسويف ومصطلح "قيد الدراسة"، مشيرةً إلى أنَّ تداعيات هذه المشكلة تجاوزت ثلاث سنوات دون بارقة أمل تبعث على الطمأنينة عدا رمي المسؤولية على "هيئة التخصصات الصحية". تصنيف التخصص وتمنَّت نجاح الجامعة بإقناع "هيئة التخصصات الصحية" بتصنيف خريجات هذا المسار في أحد التخصصات المدرجة المصنفة لدى الهيئة، مثل: قطاع المختبرات الطبية، وذلك بعد استكمال ما ينقص من الخطة الدراسية وإضافة مواد تتناسب مع متطلبات الكادر الصحي، إلى جانب وضع سنة امتياز وتدريب عملي مكثف, داعيةً "وزارة الخدمة المدنية" إلى معالجة موضوع تصنيف هذا التخصص، مؤكدةً على أنَّ الجامعة هي من يتحمل مسؤولية هذا القرار ومعالجته بالطريقة التي تضمن لهنَّ إمكانية الحصول على وظائف مناسبة. وذكرت أنَّ أحد ممثلي "وزارة الخدمة المدنية" أشار في مداخلته بأحد البرامج التلفزيونية التي ناقشت مؤخراً مشكلة خريجات هذا المسار: "سيتم إدراج خريجات هذا المسار في سلم الرواتب العام"، وهو ما يُفهم منه توظيفهنَّ على المرتبة الأولى والثانية والثالثة على وظائف إدارية، مُتسائلةً: كيف يتمّ تحديد فرصة توظيفنا فقط في وظائف إدارية بعيداً عن تخصصنا العلمي والفني وعن المرتبة التي تلائم خريجات شهادة البكالوريوس؟. تطوير البرامج وأكدت د. نادرة بنت حمود المعجل، وكيلة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للشؤون التعليمية، على أنَّ سلسلة الدعم والتطوير التي نالتها الجامعة من القيادة الرشيدة، والتي تمثلت بداية في منشآت ضخمة عالمية وفريدة لم تحظ بمثلها أيّ مجتمعات نسائية في العالم، وما صاحب ذلك من إنشاء العديد من الكليات وتطوير أخرى، جعل الجامعة تسعى إلى تطوير البرامج الأكاديمية والخطط القائمة ومراجعتها، إلى جانب استحداث غيرها. وأشارت إلى أنَّ ذلك تمَّ بما يتوافق مع التوجّهات الإستراتيجية، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، بما في ذلك وزارتا "العمل" و"الخدمة المدنية"، والهيئات المهنية، مثل: "الهيئة السعودية للتخصصات الصحية" و"الهيئة السعودية للمهندسين"، مُضيفةً أنَّه في الوقت الذي تمَّ فيه إقرار تخصص الأحياء الجزيئية في مجلس الجامعة قبل أكثر من ست سنوات، كان التوظيف في الجهات الصحية متاحاً للخريجات. اعتذار خطّي وأضافت د. نادرة المعجل أنَّه على الرغم من ذلك إلاَّ أنَّ "الهيئة السعودية للتخصصات الصحية" أصدرت دليلاً محدثاً يتضمن التخصصات المدرجة والمصنفة لدى الهيئة، وذلك سعياً منها نحو الجودة، موضحةً أنَّ تخصص "الأحياء الجزيئية والتقنية الحيوية" في كلية العلوم لم يكن من بينها، كما أفادت الهيئة خطياً باعتذارها عن قبول تصنيف مخرجات كلية العلوم مسار "الأحياء الجزيئية والتقنية الحيوية"؛ لعدم ارتباط التخصص بالمجال الصحي. وقالت: "نظراً لكون هذا التخصص لم يعد متاحاً لتوظيف خريجاته في المجال الصحي وفقاً لضوابط الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فإنَّ الجامعة درست وضعه من خلال لجنة مشكلة بهذا الخصوص، إلى جانب مشاركة مرئيات القسم المختص والكلية المعنية، وكذلك مخاطبة جهات الاختصاص، مثل: وزارة الخدمة المدنية والهيئة السعودية للتخصصات الصحية"، ولفتت إلى أنَّه بناءً على نتائج الدراسة، صدر قبل عام قرار بإيقاف مسار "الأحياء الجزيئية" والاكتفاء بتخصص "أحياء عام". مقاومة كبيرة وأوضحت أنَّ الدراسة في قسم الأحياء تبدأ في الخمسة مستويات الأولى بتخصص واحد، وهو تخصص "أحياء"، ثمَّ تتخصص الطالبة في الثلاثة مستويات الأخيرة، أيّ ابتداءً من المستوى السادس في أحد ثلاثة مسارات، وهي: "الأحياء العامة" أو "الأحياء الدقيقة" أو "الأحياء الجزيئية والتقنية الحيوية"، مُشيرةً إلى أنَّه تمَّ إيقاف القبول في المسارين الأخيرين وتمَّ الاكتفاء بطرح مسار "الأحياء"، مُبيّنةً أنَّ الجامعة واجهت مقاومة كبيرة من الطالبات الراغبات في دراسة هذا التخصص حين قررت إيقافه. وأضافت: "وردت للجامعة شكاوى عديدة من الطالبات، سواءً خطياً أو حضورياً، يطلبن عدم إيقاف هذا المسار والمطالبة بتصنيفه، بل وظهر في بعض وسائل الإعلام شيء عن هذه المطالبات والشكاوى، بيد أنَّ الجامعة لم تنفذ تلك المطالب واستمرت في قرارها بإيقاف القبول في هذا المسار". إيقاف الدراسة وعن شكوى الطالبات والخريجات من عدم مساهمة وجدية الجامعة في حل هذه المشكلة من جذورها، أكدت د. نادرة المعجل على أنَّ الجامعة ساهمت بحل هذه المشكلة فور اطلاعها على الدليل المحدّث لهيئة التخصصات الصحية عبر عدد من الإجراءات، حيث أوقفت الدراسة في هذا المسار الذي يبدأ من المستوى السادس في "قسم الأحياء"، كما سمحت لطالبات المستوى السادس في القسم، أيّ اللواتي بدأن في دراسته، بالتحويل إلى مسار "الأحياء العام" ومعادلة ما تمت دراسته في ذلك المستوى واعتبارها كمقررات حرة. وبيَّنت أنَّ الجامعة عملت أيضاً على مخاطبة جهات الاختصاص لتصنيف هذا التخصص إلى جانب دراسة إمكانية نقل المسار إلى الكليات الصحية، إلاَّ أنَّ نتيجة دراسة الخطة الدراسية تضمنت أنَّ هذه الخطة تناسب "كليات العلوم" ولا تناسب "المسارات الصحية"، وبالتالي فإنَّ فتح التخصص في "الكليات الصحية" يحتاج إلى إعداد خطة جديدة متكاملة مناسبة للتخصصات الصحية، وتبدأ من المستوى الأول، هذا إلى جانب دراسة فتح دبلوم صحي في الجامعة، ولا يزال الموضوع قيد الدراسة. وأشارت إلى أنَّ الجامعة في تواصل مستمر مع "وزارة الخدمة المدنية" لتصنيف هذا التخصص على الأقل لتوظيف الخريجات، وقالت: "نحن في انتظار دراسة تصنيف هذا التخصص مع وزارة الخدمة المدنية التي وعدتنا مشكورة في آخر إفادة أنَّ الموضوع تحت الدراسة".