لا أحد يروق لهُ جل ما تقوم به إيران، لا أحد يود أن تكون هذه البلاد جزءاً من تاريخ وطنه وبلاده، بسبب وجود أقليات في هذا البلد، تظن الزعيمة بأنه يتوجب عليها أن يكون لها دور مهيب وصارخ، متناسية تماماً أن لهذه الدولة سلطة حقيقية وسيادة ونخباً اجتماعية وثقافية، ترفض هذا التدخل لأسباب طائفية، لذا، فأنا أشعر بالفخر بوطني السعودية؛ لأنه لم ولن يسمح بأي تدخل لأي دولة في شؤوننا الخاصة، سواءً أأعجب بعضهم أم لم يعجبهم، وحينما تفكر بإيران فلابد من أن تنزلق لتفكر في لبنان وطن الأرز، وما يربط إيران بلبنان هو الجسر الوحيد لها السيد حسن نصر الله، ولا أعرف كيف حال حسن نصر الله الآن، وهو يرى ما لا يتوقعه أو حتى يطيب لهُ، من مظاهر الاحتفالات والتظاهرات في الشارع الإيراني وعلى الأخص من الشباب والنساء، فرحين بنجاح التفاوض الأولي بين إيران والحلف الغربي؟ لا أعرف كيف سيقلب أوراقه، وأي ورقة سيتوقف أمامها طويلاً، مفكراً بصيغة لخطاب آخر، يهوِّن فيه على نفسه، ولاسيما عشية الهجوم الأخير الذي لاحقه من كل حدب وصوب، بعد خطابه ضد وطني السعودية، لافتاً إلى أن ما تقوم به السعودية هو تدخل عسكري، بعد أن غض الطرف عن نفسه، وعما يقوم به حزبه في العراق وسورية والبحرين واليمن وحتى السودان وليبيا. على نصر الله أن يحدد أهدافه جيداً الآن، ويعرف جيداً أن معظم الشعوب العربية لم تعد تفكر بعاطفتها كما كان، أو أن بالإمكان إلهامها بالكلمات الرنانة الجوفاء، والتي تبدو مهمتها فقط دغدغة المشاعر لا غير. حسن الذي لا يزال مصدوماً حتى الآن، من قوة المملكة وحسمها وحزمها، هو من قال عشية ضرب عاصفة الحزم على مواقع الحوثيين: «لقد باغتتنا السعودية في اليمن»، يبدو أنه كان ينتظر من الملك سلمان -حفظه الله- أن يطلب الإذن منه، حتى يكون مستعداً هو وأتباعه. إثر الاتفاق النووي الأخير بين إيران وواشنطن، وملامستنا لمدى فرحة الشعب الإيراني الكبيرة، يوضح لنا كيف أن إيران قد بالغت بشكل مثير، بفرض سلطتها الدينية على الشعب، ومحاولة قمع كل مظاهر الانفتاح، سياسياً واقتصادياً وثقافياً ومجتمعياً، على المجتمع الإيراني، الذي بات لا يحتمل أن يتنفس على الدوام تحت الماء، لهذا خلفت شباباً من الجنسين يبدو أن هاجسهم هو رؤية العالم الحقيقي الذي يعيشه قرناؤهم الذين استطاعوا أن يهربوا بجلودهم من نفق السلطة والحياة الشيعية، إلى رحابة الحياة. الكثيرون يودون أن يكون لهم عالمهم الخاص، من دون وجود أية مخاوف من المطاردة والملاحقة، والترصد بسبب الاستماع إلى أغاني البوب والجاز خلسة، أو ارتداء ربطة العنق والجينز، أو حتى محاولة تعلم اللغة الإنكليزية، حتى يكون الفرار من هذه البلاد (إيران)، فراراً أبدياً، متجهين إلى كاليفورنيا ونيويورك وباريس ولندن ودبي، حيث تكثر فيها الجاليات الإيرانية. وبما أننا اليوم نتحدث عن إيران «القاتمة»، التي بدلاً من أن تلتفت إلى صناعة تنمية بشرية حقيقية، وتهتم بالانفتاح السياسي والاقتصادي، نجدها تولي اهتماماً غير مسبوق بالتدخل في دول الخليج والدول العربية، فقد لفت انتباهي سؤال وُضع في موقع صحيفة النهار الإلكترونية، وشعرت بكثير من الألم والاختناق، وبالكره أكثر لهذه البلاد، فقد جاء السؤال كالآتي: «هل تعتقد بأن الاستقرار في لبنان سيستمر بعد ضرب نفوذ إيران في اليمن؟» وقد شاركت في الاستبيان، فقط لكي أعرف كيف يفكر اللبنانيون، فوجدت أن هناك 65 في المئة يعتقدون بأن لبنان سيستمر في استقراره، بإذن الله، أما سبب حنقي فكان شعوري بأن لبنان لن تستطيع أن تتخلص من وجود هذا الكابوس الإيراني، وكما يبدو لي وإلى الأبد، لكن الشباب في إيران الآن يعيشون أعظم أمنياتهم، بأن تتوافر جميع الصناعات الأميركية في وطنهم، وبأنه يحق لهم أن يدعوا الفنانة الأميركية الشابة «ريهانا»، لكي تقيم حفلة في الهواء الطلق، على رائحة كباب جلو إيراني.