من المشاهدات التي أعجبتني في سفْرتي الأخيرة لإسبانيا، عودة الإسبان لاستخدام العبوّات الزجاجية لمياه الشُرْب والعصائر والألبان ونحوها، بدلاً من العبوّات البلاستيكية!. تقريبًا لم تعد توجد هناك عبوّات بلاستيكية، وإن وُجِدت فقليلة للغاية، وبمواصفات تصنيعية من النخب الممتاز، سواءً لموادّها الخام، أو لسماكتها، أو لتدوير صناعتها، بما يضمن السلامة الكاملة من استخدام البلاستيك، الذي صدرت دراسات كثيرة عنه، من أرقى الجهات الصحية الدولية، عن خطره على البشر إذا ما أُسيء تصنيعه، أو تحلّل إلى مُكوّناته بفعل الحرارة، وأنه بالتأكيد يُعتبر أحد أسباب الإصابة بمرض السرطان!. وللأسف، يحصل العكس لدينا، فالعبوّات البلاستيكية قد اكتسحت أسواقنا كما يكتسح تسونامي الشواطئ التي تعترض طريقه، وأصبحت هي القاعدة والعبوّات الزجاجية هي الشواذّ، وأخشى من كثرة تصنيع العبوّات البلاستيكية، وحرص مصانعها على تخفيض تكلفة التصنيع طمعًا في ربحٍ أكبر، أن تقلّ جودتها، قصدًا أو بغير قصد، بما يضر صحّة ملايين البشر الغافلين!. لو استشارتني وزارة التجارة والصناعة، وهيئة الغذاء والدواء، لأشرت عليهما بالعودة للعصر الزجاجي في صناعة هذه العبوّات، فهي أكثر أمانا، وهي عودة ميمونة على جناح طائرة السلامة من الأخطار، والنبيّ سليمان عليه السلام، وفي القرآن الكريم، قد أمر الجنّ، بإذن الله، على صناعة صرحٍ ممرّدٍ من قوارير، وهو الزجاج، كي يُرسل الماء العذْب من تحته، في إعجاز علمي بعدم وجود خطرٍ من الزجاج على الماء!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، قالت أنّ هذه العودة -إن فُرِضت- لا تعني قطع أرزاق مصانع البلاستيك الوطنية، فمجالات تصنيعه في غير عبوّات المياه كثيرة، ممّا ليس فيها أيّ خطر على الصحة الغالية!. @T_algashgari algashgari@gmail.com