لغة التخاطب العقلانية لا يجيدها إلا الكبار ممن وهبهم الله الحكمة والرزانة في معالجة الأمور كبيرها وصغيرها. كان نبينا سليمان عليه السلام وهو القدوة الحسنة في تعامله مع ملكة سبأ وقومها حينما أشركوا في عبادة الله. خاطبها نبينا عليه السلام بكلمات مركزة وخفيفة، ظناً منه أن الملكة فصيحة وصاحبة فراسة، فقالت لقومها: "يا أيها الملأ إنيّ أُلقي إليّ كتاب كريم، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألاّ تعلو عليّ وأتوني مسلمين"، فشعرت تلك الملكة الفطنة بقيمة الكتاب وصاحبه، وخاطبت الحكماء من شعبها فتعالوا بقوتهم وأنهم أولو قوة وأولو بأس شديد "ولأمر إليك فانظري ما ذا تأمرين". أعطاهم سليمان لغة في الخطاب العقلاني وأشعرهم بأنهم في طريق غير صحيح يهلك الأمة البشرية "فإما أن تؤمنوا بالله العزيز الحكيم وإلا جئتكم بجيش لا قبل لكم به"، فاتخذت ملكة سبأ قرارها المبدئي بأن تمنح سليمان هدية وستنظر بماذا يرجع المرسلون، فردها سليمان بحكمته، وعلى هذا المبدأ الكريم فعل أيضاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مع مغتصبي اليمن وأهله، لكنهم لم يستجيبوا للعقل لأن عقولهم مغيبة بالخرافات والبدع بعد أن قبلوا هدايا الفرس الغاصبين وانخدعوا بأن قوتهم لا يعلوها أحد حتى تجاوزوا بكفرهم قوة الله عز وجل في حربهم على الشعب اليمني المؤمن، فما بقي شيء إلا فعلوه من غدر وقتل وهتك للأعراض وكفر وفسق؟. نبينا سليمان عليه السلام هزه شرك سبأ وقومها وهم يعبدون الشمس ولا فرق بين هؤلاء وبين الحوثي الذي يعتدي على أهل الدين ويروّع الآمنين ويفجر المساجد ويقتل الأم والأخت والطفل. جاءت ملكة سبأ بحكمتها إلى سليمان حتى آمنت بدعوته، وقيل إنها تزوجته عندما شعرت بالألم والحسرة والخطأ والندم بأنها عبدت غير الله.. فليت الحوثيين يعقلون كما عقلت ملكة سبأ؟. لقد حاول الملك سلمان -حفظه الله- أن يركن المغتصبون للشرعية المتفق عليها من أهل اليمن ووفق ما اتفق عليه أهل الخليج عامة في اتفاقات سابقة نكثوها بحقدهم، ثم تفرعنوا وقتلوا وهجّروا واغتصبوا النساء والأطفال فما كان من الملك الحازم سلمان تجاه الغدر والنوايا الخبيثة المزروعة من فتنة الحوثيين ومن شايعهم من إيران المعتدية على كثير من بلدان العرب والإسلام، إلا أن يبين الحق بعاصفة حزم أذهلت العالم وأيقظته من نوم عميق، وذلك بعد أن سعى خادم الحرمين بكل ما أمكن من لغة الخطاب العقلاني لجمع أهل اليمن على كلمة واحدة، لكن الحوثيون شعروا بأنهم أولي بأس شديد وقوة متين، وتمادوا في غيهم وضلالهم، فما إن أغمضت أعينهم إلا وأمطرتهم قنابل الحق المتين لتؤكد للعالم أجمع وللطغاة الغاصبين، أن لا قوة بعد الله إلا قوة الحق والسلم والشرعية التي أرادها أهل اليمن الكرام من كل الطوائف، وأن لا مكان لإجرام الحوثي وشرذمة علي عبدالله صالح الذي كاد أن يودي باليمن السعيد إلى خاتمة سيئة لولا "عاصفة الحزم" المباركة. إن للملك سلمان -حفظه الله- حكمة في التعامل مع الأحداث لم يعها صالح الغادر والخائن ولا شرذمته الذين اشتراهم بحفنة من الدولارات التي منحها له الخليجيون في سابق الأيام ليبني بها اليمن وشعبه واستولى عليها بخيانته. سلمان لم يقبل المساومة كما لم يقبلها نبينا سليمان عليه السلام، فهل سيؤمن صالح وقومه والحوثيون الغزاة بأن اليمن لأهل اليمن الصالحين دون سواهم وهم معروفون للعالم أجمع وهل سيؤمن هؤلاء الطغاة بالحق الذي انطلقت من أجله "عاصفة الحزم".. حمى الله الوطن وأهل اليمن المخلصين.