على الرغم من مرور عقد من رحيل الفهد، تلك الشخصية التي غدت مدرسة في فنون القيادة والحزم إلا أن حرقة وفاته لاتزال متجلية في عين شقيقته وزوجته وحفيداته ونساء الأسرة المالكة، كان مشهداً مهيباً ذاك الفيلم الوثائقي الذي استعرض حياة الفهد منذ نعومة أظافره حتى لحظة وفاته، في حفل الافتتاح النسائي لمعرض " الفهد روح القيادة". لم تتمالك صاحبة السمو الملكي الأميرة لطيفة بنت عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ابنة المؤسس دمعاتها الصادقة على رحيل أخيها وعضيدها الفهد، فكانت تتجول بين جنبات المعرض بأعين مغرورقة بالدمع لا تسمع إلا شهقات صامتة يقف خلفها ألف ذكرى وذكرى، فهم أشقاء الطفولة والشباب والمشيب، ابتدأت كلماتها بالدعاء لأشقائها واخوانها الأبطال قائلة: (الله يرحم الملك فهد ويرحم الملك عبدالله والأمير سلطان والملك فيصل والملك عبدالعزيز والملك سعود والملك خالد والأمير نايف وكل أخواني وعيالهم، وإن شاء الله يارب الله يأخذ بيد الملك سلمان ويتم علينا نعمة الأمن بأوطانا، نحن عايشين بنعمة وعز الله يديمها، ولو نتكلم عن الفهد من اليوم إلى آخر أيامنا ما عدينا أفعاله ووفيناها كلها الله يرحمه ويحلله ويجعل الجنة مسكنه). وعند سؤالها عن أجمل المواقف التي جمعتها بالراحل الفهد لم تستجمع نفسها أكثر وكان دمعها يحكي قصيدة حب ووفاء لملك امتلك من الشجاعة والشهامة والبسالة ما يجعل الحديث عنه صعب. ولم تقل زوجته الأميرة الجوهرة البراهيم عن التأثر الذي كانت به شقيقته وقالت في كلمة لها (أتحدث لكم اليوم بمناسبة معرض وندوات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز – يرحمه الله- ليس لتذكر الملك الراحل خامس ملوك هذه البلاد العزيزة فذاكرة الوطن والأمة الإنسانية مكتنزة بالأفعال والأقوال التي خلدته، وإنما لنعرض لهذا الجيل الوفي صفحات من إرث الفهد باعتباره واحدا من قادة العالم العظماء الذين تركوا بصمات واضحة في سفر البشرية وأسهم مخلصا في حدمة دينه ووطنة وأمته العربية والإسلامية وبذل النفس والنفيس في إحلال السلم والتعاون بين شعوب الأرض، كما عمل من أجل أن يلتقي الجميع حول المشتركات الإنسانية التي تجمعهم ولا تفرقهم وتقدم هذا الجيل إلى مدرسته في القيادة والإدارة وتفتح المجال للمهتمين للتعبير عن مكانة الملك فهد في نفوسهم ورصد مسيرته وتوثيق إنجازاته. وزادت سموها أنه من حسن حظ الفهد أن ارتبطت حياته ببناء الإنسان، وترسيخ العمل المؤسسي، وإكمال مسيرة التنمية التي بدأها الملوك الذين سبقوه – رحمهم الله جميعا- فكان رائدا من رواد التعليم، ويصف بكلماته تلك المرحلة في حياته فيقول: بالنسبة لي لست غريبا على رجال العلم وطلبة العلم فقد كان أفضل أيامي التي أعتز بها واعتززت بها في الماضي وسوف اعتز بها في الحاضر وفي المستقبل أن شرفني الله تعالى بالقيام بأعمال وزارة المعارف. وفي السنوات السبع التي تولى فيها الوزارة رحمه الله كأول وزير لها وضع للتعليم عموما وتعليم المرأة خصوصا خططا قصيرة وبعيدة المدى أسهمت بحمد الله في توجيه بلادنا إلى نهضة تعليمية مشهود لها، وتوسع تعليم المرأة بكافة مراحله، والتحقت بالتعليم العالي، وأرسلت في بعثات دراسية للخارج، وفق ما يسمح به شرعنا الحنيف وأضافت سموها أنه نتيجة لذلك التخطيط السليم تحقق المرأة السعودية بحجابها وتمسكها بدينها أعلى الدرجات العلمية وتسجل اسمها في محافل الإبداع والتميز في الطب والعلوم وكافة التخصصات، كما تطرقت إلى مرحلة توليه وزارة الداخلية وتوطيده لأركان الأمن والعمل على تطوير أدوات الداخلية حيث أعاد تنظيم الوزارة وفق أسس علمية عصرية وأنشأ كلية الملك فهد الأمنية لإمداد أجهزة الأمن بقيادات سعودية شابة ومؤهلة علميا وعسكريا للقيام بواجبات الأمن ومهامه. وتحدثت عن فترة توليه ولاية العهد والمهام التي أوكلت إليه داخليا وخارجيا، كما أشارت إلى عاصفة الحزم التي هبت استجابة للملهوف ودعما لشرعية اليمن وتطهيره من المرتزقة الحوثيين، مؤكدة أن هذا الموقف الشجاع من الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – هو نفسه الموقف الذي اتخذه الملك فهد بن عبدالعزيز عندما قرر أن ينتزع الكويت من قبضة الغزاة ويعيدها إلى حكامها وشعبها. كما قالت سموها: لقد سجل التاريخ أن الملك فهد هو أول من لقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين وحرص على عمارتها وخدمتها وأسس مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، مضيفة أن معرض الفهد روح القيادة يحتوي على مقتنيات الملك فهد الشخصية والأوسمة والأوشحة التي تقلدها والهدايا من الملوك والرؤساء والمناسبات الرسمية التي حضرها إضافة إلى وثائق رسمية ومخطوطات عدة وأفلام وثائقية وكذلك تدشين "موسوعة الملك فهد بن عبدالعزيز" التي أعدتها دارة الملك عبدالعزيز في عشرة مجلدات وإطلاق عدد من الكتب التي صدرت بهذه المناسبة. الجوهرة البراهيم: المعرض خصص للجيل الجديد لاستعراض إرث الفهد باعتباره واحداً من قادة العالم العظماء هذا وقد حضرت مساء أمس الأول في الافتتاح النسائي لمعرض "الفهد.. روح القيادة" الذي نظمه أبناء وأحفاد الملك فهد -يرحمه الله- بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة لطيفة بنت عبدالعزيز آل سعود والأميرة الجوهرة البراهيم حرم الملك فهد - يرحمه الله-. واستوقف المعرض التفاعلي لسيرة الفهد حفيداته وصغيرات الأميرات ممن لم يلحقن بمسيرته اهتمامهن بينما جدد الذكرى لدى الكبيرات، فقد عرضت مقتنياته الشخصية ووثائق رسمية ومخطوطات عدة وأفلام وثائقية و1000 صورة تنشر للمرة الأولى غالبيتها.