صحيفة المرصد :تميزت أعراس أهل المدينة قديما في الحواري بالتعاون والمشاركة والعمل يدا بيد، حيث درجت العادة على مشاركة الجميع بفرح وسعادة دون استثناء ابتداء من الكبير إلى الصغير منذ أن يبدأ الفرح من ساعات الصباح الأولى حتى صباح اليوم التالي، حيث يبدأ التجمع عند أهل النوب، وهم أهل العريس وأهل العروسة، وإن كانوا في حارة واحدة فيكون الحفل واحدا، إذ يتم توزيع الفزيعة، فمنهم من يذهب إلى سوق الحطب، ومنهم من يتوجه إلى سوق الخضار أو سوق الغنم، في حين يكلف البعض الآخر بالذهاب إلى محلات إيجار المفارش ومستلزمات الشاي والقهوة لإتمام عملية الحجز، حيث كانت تنظم الأعراس غالبا في البيوت والمنازل. هكذا تصف السيدة المدينية إحسان بخاري ليلة الزفة المدينية، التي لها بالوجدان نكهة خاصة، وتتسم بالبساطة وعدم الإسراف، وما زال يذكرها كبار السن حتى الآن، وتقول بكل أسى، للأسف لقد اندثرت. وتسرد بخاري ليلة الزفاف قائلة: طباخ الحفل كان يأتي إلى الموقع وتجري الترتيبات وتنصب التيازير إلى ما بعد صلاة الظهر، لاستقبال الضيوف لفترة غداء يوم الحنة أو ما كانت تسمى قيلة الحنة حتى نهاية صلاة العصر، إذ يستعد الجميع من أهل النوب والفزيعة لترتيب أمور العشاء، ويتم استقبال الضيوف وإكرامهم ويمد لهم العشاء، ثم يودعوا بالتهاني والتبريكات بعد زفة العروسين. ووفقا لصحيفة مكة تذكر بخاري، أن العادة جرت في ذلك الوقت أن لا تغادر امرأة قبل مشاهدة الزفة التي يتم بعدها تناول طعام العشاء، وهي التعتيمة المكونة من الهريسة الحمرة الحلوة واللبنية والشاشاني التي اشتهر بصنعها طباخ المدينة عبدالله عشي، بالإضافة إلى الفتوت، والجبنة البلدي، والحلاوة الطحينية والزيتون بجميع أنواعه، ولا يغفل أيضا الكماج وهو الكيك، وبعد أن يغادر حضور الحفل يبقى أهل النوب والبعض من أحبابهم، حيث يحضر لهم الطباخ الإفطار وهو عبارة عن الزلابية بالشيرة. وفي يوم الصبحة، وهو اليوم الثاني ليوم الدخلة، يحضر طعام الغداء ويقدم أهل العروسة لأهل العريس بقشتين، الأولى تحتوي قماشا من التترون المنشأ، والسراويل الطويلة المشغولة، وطاقية بوقس وشالا أبيض، بالإضافة إلى الغترة ودهن العود والورد كهدية للعريس ووالده، والبقشة الثانية تقدم لأم العريس وتحتوي على قطعة قماش نسائي، ومحرمة، ومدورة، مبينة أن من أقدم قصور أفراح أهالي المدينة قصر الشربتلية، وقصر ابن محفوظ الذي أصبح يطلق عليه قصر الفيروزية.