يتمسك المصرف المركزي السويسري، بالفوائد السلبية لكبح قوة الفرنك نظراً إلى السيناريوات الاقتصادية الدولية غير المناسبة حالياً، ما يعني أن أي جهد سيبذله المصرف للعثور على بدائل، غير وارد أبداً. واللافت، أن التصريحات الصادرة عن «المركزي» أمام وسائل الإعلام، أضحت دورية بعدما كانت نادرة، ما يعني أن إدارته تشعر بنقمة متعاظمة تحاول السيطرة عليها قدر المستطاع. ويبدو للمحللين أن «المركزي» يستعدّ لإجراء خطوات أخرى، ربما تصعيدية، في الأشهر المقبلة في الأسواق الدولية. وفي الحقيقة، بدأت هذه الخطوات عندما قرر المصرف قبل نهاية السنة، رفع يده عن دعم «قوة اليورو أمام الفرنك»، وما يحصل اليوم هو العكس تماماً. فالفرنك السويسري يعادل اليورو تقريباً، وفي ما يتعلق بمؤشر «ليبور»، الذي يقرر معدل فوائد القروض بين المصارف المحلية ويُعتبر مرجعاً حيوياً للمصرف المركزي، فهو يتأرجح لناحية القيمة بين 1.25- و0.25-. كما أن إيداعات المصارف المحلية لدى «المركزي»، تحظى بنسبة فائدة تاريخية تبلغ 0.75- في المئة. ما يعني أن الرابح الوحيد من هذه الودائع هو «البنك» المركزي لا أحد غيره. ويفيد الخبراء السويسريون بأن قوة الفرنك تبقى فوق التوقعات، لذا فإن اعتماد فوائد سلبية واجب وطني. وتزامناً مع تراجع قيمة اليورو أمام الفرنك وزيادة قوة الدولار أمام العملة الوطنية، نلاحظ أن البورصة السويسرية تعيش فترة مريحة بما أن حركة التداولات التجارية فيها انتعشت 0.4 في المئة أخيراً. في الواقع، قد تدفع حكومة برن ثمن تشبّث «المركزي» بقراراته، فالنمو الاقتصادي المتوقع لسويسرا العام الحالي، تراجع عن مستوى 2 في المئة الذي سجله نهاية العام الماضي، قبل أن يلغي «البنك» المركزي دعمه لمعادلة اليورو - الفرنك، الى واحد في المئة فقط، وقد تهوي هذه النسبة إلى 0.7 في المئة حتى حزيران (يونيو) المقبل. علاوة على ذلك، لا تخفي المنظمات التجارية الوطنية قلقها من تعاظم قوة الفرنك أمام سلة من العملات الصعبة، ومن ضمنها اليورو. فالصادرات السويسرية في تراجع دائم ومقلق، ما سينعكس سلباً على معدل البطالة المحلي الذي سيرتفع بصورة طفيفة العام الحالي. مع ذلك، لن تمرّ سويسرا بمرحلة كساد اقتصادي بما أن الثقل التجاري الخارجي يشهد انتعاشاً يُرضي الجميع. وفي سياق متصل، يؤكد المحللون في كلية الاقتصاد في جامعة زيوريخ، أن على الجميع التعايش حالياً مع قوة الفرنك. صحيح أن موجة التضخم المالي دخلت دوامتها السلبية التي قد تصل إلى 1.2- في المئة العام الحالي، إلا أن الأمر لن يكون مبرراً لولادة موجة انكماش الأسعار المخيفة.