إن قرار المملكة العربية السعودية وأشقائها دول الخليج العربي والدول المشاركة لهم، ببدء العملية العسكرية عاصفة الحزم في اليمن الشقيق، لحماية حكومته الشرعية والدفاع عن شعب اليمن العزيز الذي يتعرض لاستباحة أرضه وتخريب ممتلكاته وزعزعة استقراره من قبل قوى المليشيات الحوثية المدعومة من قوى إقليمية ذات مطامع ومشروعات تخريبية بالبلاد العربية، قرار موفق وحكيم، تؤيده المصالح العليا لبلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، ودول الخليج والمنطقة العربية، والعالم الإسلامي الذي يعنيه استقرار اليمن ووحدته، ويهمه أمن بلاد الحرمين الشريفين، الذي هو أمن لكل العالم الإسلامي ويعيش في وجدان كل مسلم، والمسلمون في كل العالم ضد كل من يحاول المساس بأمنه والتعرض لمقدراته. و قد شارك باحثون في دعم هذه الخطوة السعودية التي تقود بها العالم العربي : قال د. سعد مطر العتيبي، أستاذ السياسة الشرعية والقانون الدولي بمعهد القضاء العالي: إن عاصفة الحزم اسم عربي واضح المعنى، لحرب شرعية بنصوص الشريعة الإسلامية في دفع الظالم ونصرة المظلوم، وقانونية بالعهود الإقليمية والإسلامية التي تلتزم العون والنصرة، اتخذ قرارها ونفذها تحالف خليجي عربي إسلامي بقيادة الرياض عاصمة المملكة، بلاد الحرمين الشريفين، مشيراً إلى أنها جاءت بعد جهود متنوعة في الحوارات، ثم رفض المعتدين لآخر دعوة للحوار وتميزت في ذاتها بالتوقيت المباغت، والدقة في الأهداف، مما شل قدرات العدو في المرحلة الأولى للحرب، كما تميزت في بعدها العربي والإسلامي بتأييد قوي يصل حد إجماع الأمة التي يمثلها أهل السنة والجماعة والمسالمين من الطوائف الإسلامية، وظهر هذا التأييد القوي في تعليقات جموع من النخب العربية والإسلامية، وفي إعلان التأييد من هيئات وروابط واتحادات ومجاميع إسلامية، وهو ما يؤكد ريادة المملكة في ضمير الأمة شعوباً وقيادات. وأضاف د. العتيبي أن هذا الظرف يتطلب المزيد من الوحدة والتلاحم، ونبذ الفرقة، والبعد عن أسبابها، على المستوى الوطني بالدرجة الأولى، ثم الإقليمي والإسلامي، وقبل ذلك وبعده يجب علينا التعلق بالله عز وجل فمنه النصر والتوفيق، كما ينبغي الدعاء بالنصر وكبت العدو، وبين أن هذه العاصفة الحازمة ستعين أهل اليمن بإذن الله، على استعادة وطنهم وتحريره من الحوثيين وأعوانهم ممن لا يهمهم وطن ولا شعب، فاليمنيون الشرفاء لديهم قوة أرضية، تحتاج تحريرها من قيادات خائنة لوطنها وأمتها وعروبتها، كما تحتاج تغطية جوية تعينها في المواجهة والتقدم في التحرير؛ ولذلك كانت عاصفة الحزم، مشيراً إلى أنه ينبغي أن نأخذ الحذر من الشائعات التي يروجها العدو، والحذر أكثر من نقل الأخبار المضرة بالمجهود العسكري والأمني في هذه الظروف الدقيقة، مهما كانت النية حسنة في ذلك. من جانبه، يقول د. محمد الدغشي، أستاذ التربية والفلسفة بجامعة صنعاء، الخلفية الفكرية للصراع بين الحوثيين والسلفيين تعود إلى رغبة الحوثيين في استئصال السلفيين و(تطهير) محافظة صعدة من كل فكر مخالف لهم، مادام يتمنع أو يتأبى عن الخضوع لـ(إمارتهم) التي شكلوها في صعدة خارج سلطة الدولة المركزية، فيما يعتقد السلفيون أن الحوثيين صفوية لا سمع لهم ولا طاعة. ومن غير الدقيق ما يشاع اليوم كثيراً في ظل العدوان الحوثي غير المسبوق بهذا التوحش على السلفية وأهل دماج في الفترة السابقة ، أن يقال إن الفريقين قد عاشا أكثر من 30 عاماً على نحو من التحلي بآداب الخلاف في النزاع الفكري بينهما، فالحق أن الشحن (الطائفي) كان قائماً من الطرفين ويصل في العادة إلى حد التضليل والتفسيق وقد يصل أحياناً إلى التكفير، ولذلك ذكرت في كتابي (الظاهرة الحوثية) والآخر (الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي) أن حصاد ذلك الأمر آتى أكله اليوم بعد أن دانت الأوضاع في (إمارة صعدة) للحوثي، وحروب اللسان تسبق حروب السنان – كما تقول العرب- كما أن أول الحرب كلام. وفي هذا درس لنا جميعاً حين نستهين بالغلاة عندما يلعبون بالنار ونظن أن الأمر سيمر دائماً بسلام، أو أنه سيكوي الغلاة وحدهم. ويضيف أنه إلى ما قبل مجزرة دماج في صعدة اتضح فيها أن النظام السابق متحالف مع الحوثيين في أمور كثيرة منها الإجهاز على السلفيين خاصة، وأنهم يقاتلون جنباً إلى جنب مع خصوم النظام السابق من ( أولاد الشيخ عبد الله الأحمر) في العصيمات وعذر بمحافظة عمران. كما أن هناك قوى (إسلامية) سياسية كانت محظورة أو مقموعة، وبعضها كان يحمل السلاح يوماً عادت فدخلت العملية السياسية، وإن كان البعض يناور ليحصل على أعلى المكاسب السياسية ولو بقوة السلاح، قبل أن يضعه، كما هو الشأن في ليبيا، أما في اليمن فإن أكبر قوة (عسكرية) – وليس سياسية- وهي الحوثية ركبت موجة الثورة السلمية –في بادئ الأمر- على أساس أنها تركت السلاح واتجهت نحو العمل السلمي في الساحات والميادين الثورية، لكنها مالبثت أن تنكرت باكراً لأكبر القوى الفاعلة فيها، بحيث يمكن القول بأنها انقلبت فعلياً على الثورة، وتحالفت مع أركان النظام السابق، لتبقى عقدتها محصورة في اللواء علي محسن الأحمر، ولكن بعد أن أفادت منها تحت غطاء الشرعية الثورية فنصبت محافظاً لصعدة خارج قرارات رئيس الدولة، ولايزال الوضع إلى اليوم كذلك، وفرضت أمراً واقعاً جديداً في صعدة، وبعض المحافظات المجاورة، وكل ذلك منذ نهاية مارس/ آذار 2011م، أي عقب مجزرة جمعة الكرمة في 18 مارس / 2011م وأدخلت البلاد في دوامة من العنف أبرزها اليوم في دماج بمحافظة صعدة، وهكذا بالمقابل دفعت بقوى جديدة إلى ساحة العمل السياسي السلمي، كما هو شأن حزب الرشاد السلفي في اليمن، وكذا الحزب الوليد السلفي القادم (السلم والتنمية)، وثمة قوى جديدة من اليمين واليسار، أفرزتها الثورة، لكن بعضها إلى الظاهرة الصوتية أقرب. ويشير الباحث في الشأن السياسي والفكري ( سيف الرويبعي) إلى أنه عندما يكون في العرب حكيم مثل الملك سلمان بن عبد العزيز؛ فاطمئن بأن الأمور ستوضع في مكانها الصحيح؛ ولا تجعل للقلق مكانا على مستقبل الأمة؛ وتفاءل بانتصارها ونهوضها من كبوتها وعودتها لمسارها السليم؛ سلمان أوتي الحكمة ولا تسأل عما أوتي من خير بعدها؛ فهذه الشخصية الفذة تختزل في أعماقها؛ بعدا سياسيا وتاريخيا وثقافيا وإنسانيا وإداريا؛ بجانب صفاته الشخصية من حكمة وعدالة وحزم وفراسة ودقة وحضور ذهني؛ معطيات جعلت الناس يجمعون على شخص سلمان؛ ويلتفون حوله محبة وثقة كرجل مرحلة مهمة وحساسة؛ ليتحمل مسئولية تاريخية هو مؤهل لها؛ ليقود الأمة، بإذن الله، رغم التحديات نحو العالم الأول والمستقبل الأفضل!! وأضاف، لم تكن مملكة الإنسانية يوما ما دولة عدوانية ولا توسعية ولا فاشية؛ يبرهن ذلك امتلاكها لترسانة أسلحة معظمها دفاعية؛ لتقول بهذه الاستراتيجية الدفاعية نحن لسنا من طلاب الحرب، ولا ممن يجيد قرع أجراسه؛ فلقاء العدو ليس من أمنياتنا؛ وسفك الدماء وتمزيق الأشلاء؛ والوصول للغايات الشريرة على ركام الجماجم ليس من أدبيات سياستنا؛ فمنذ أن نشأت هذه الدولة وهي تسير على منهج قويم لا يعرف المؤامرات الدنيئة ولا التحالفات المشبوهة غير الواضحة الهدف والمعالم؛ كانت ولا زالت دولتنا دولة سلمية تنشد السلام وتعمل من أجله؛ وتتمتع بعلاقة متميزة واحترام دولي؛ فقادتها سياسيون محنكون وحكماء، تصرفاتهم تنبع من توجهاتهم؛ بدءا من تصريحاتهم الخالية من لغة التهديد والترهيب أو الاستفزاز؛ كما أن المملكة لم تكن يوما ما مصدر قلق وتهديد لأمن جيرانها؛ فرغم الأساليب العدائية والاستفزازات الإقليمية بالتجارب الصاروخية المتكررة؛ فالتاريخ لم يسجل تجربة صاروخية واحدة؛ من شأنها إثارة الهلع وزرع الرعب؛ في قلوب ونفوس مواطني الدول المجاورة وغير المجاورة؛ فالمملكة ليست من هواة الاستعراض بالسلاح بمناسبة وغير مناسبة؛ ورغم امتلاكها لأسلحة الردع لكل من يفكر في الاعتداء على وطن الحرمين الشريفين أو الاقتراب من حدوده؛ إلا أنها لم تستجب وتتفاعل مع تلك التهديدات؛ وبما أننا في عالم لا يعرف إلا منطق القوة ولا يحترم إلا القوي؛ فقد اضطرت المملكة لاستعراض أسلحتها مرة واحدة عندما أحاط بها عدوها من كل اتجاه؛ واستهان الآخرون بقدراتها العسكرية، وشككوا في إمكانياتها الدفاعية؛ هنا اضطرت إلى الكشف عن شيء مما في جعبتها؛ لتفاجئ العالم بعرض عسكري ضخم سمي آنذاك بـ (سيف عبدالله)؛ هذا العرض أجبر كل متربص بالمملكة شرا إعادة كل حساباته ومراجعة خططه وخطواته!! لم تكن عاصفة الحزم بقيادة الحازم سلمان؛ إلا استجابة سريعة لاستغاثة جاره المظلوم؛ أملتها عليه نخوته العربية ومسئوليته الأدبية نحو مصالح الأمة العليا؛ ليكبح جماح الحوثي وكيل إيران وذراعه في اليمن؛ الذي تجاهل لغة الحوار واستبدلها بلغة السلاح؛ وأفشل كل المحاولات السلمية لإعادته لطاولة الحوار؛ فكان يسابق الزمن بزحفه وتمدده على أرض اليمن؛ ليفرض السيطرة والأمر الواقع على الأرض؛ فكان يصبح في محافظة ويمسي بأخرى؛ دون مراعاة لشرعية ولا اعتبار لاتفاقات موقعة؛ كان الحوثي يسعى جاهدا لتكون أرض العروبة ومنبع الأصالة؛ منطلقا لمؤامرات الفرس لاستعادة دولتهم المجوسية؛ ومكاناً لزرع الأحقاد الطائفية والعنصرية وتصديرها لدول الجوار السنية؛ ليأتي سلمان في التوقيت المناسب والمباغت؛ ويواجه المشروع الصفوي بحزم ويغير جميع المعادلات وقواعد اللعب؛ لينقذ المنطقة بِقطعه لدابر كل غواية شيطانية صفوية مجوسية؛ ويبتر الذراع الفارسية العابثة والباسطة هيمنتها في المنطقة؛ ليؤسس سلمان عهدا وفجرا جديدا لسياسة سعودية وعربية شعارها القوة والحزم!! شكرا سلمان، فقد بعثت في الأمة روحا جديدة؛ وحقنتها بجرعات أمل لتطرد بها يأسا تمكن منها؛ فأعدت لها ثقتها بنفسها وقدراتها لتستعيد، بإذن الله عزتها وكرامتها..