×
محافظة الرياض

خليجية التنس تنطلق بالرياض غداً

صورة الخبر

عندما اجتمع وزراء خارجية الصين وكوريا الجنوبية واليابان في سول أخيرا لمناقشة التعاون المحتمل في مجموعة من القضايا، من مكافحة الإرهاب إلى تلوث الهواء، كانت المرة الأولى التي يجتمعون فيها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. ولكن بعيدا عن الموافقة على عقد قمة ثلاثية في "أقرب وقت مناسب"، فإن السؤال الرئيسي الذي يواجه الأطراف الثلاثة يظل بلا حل: فهل يتمكنون من تسوية-أو على الأقل تنحية- النزاعات الإقليمية والتاريخية من أجل تعزيز المصالح المشتركة لبلدانهم؟ لا شك أن الصين تأمل ذلك، على الأقل في ما يتعلق بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية، وهو محاولة مستترة بالكاد للترويج لصناعة البناء والتشييد وتعزيزها في الصين. ولكن على هذه الجبهة، كانت كل من اليابان وكوريا الجنوبية متحفظة، فاتفقا بتأدب على دراسة دعوة الصين للانضمام إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية. وكل من البلدين يدرك العواقب المترتبة على المشاركة في مبادرة تقوض بنك التنمية الآسيوي بل وحتى البنك الدولي، ولو أن كوريا الجنوبية أعلنت الآن عن نيتها الانضمام إلى المبادرة. " تصرفت الصين مؤخرا مع علاقاتها الإقليميةوفقا لقرارات أحادية على النحو الذي تسبب في إثارة التوترات مع الجيران. وبوسعها اليوم أن تصلح هذه العلاقات إذا أمكنها أن تبحر عبر أمواج القضايا التاريخية الصاخبة التي تمتد إليها جذور العديد من صراعات اليوم " تتصور الصين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية بوصفه بنكا رجعيا للتنمية، يطلق مشاريع البنية الأساسية بأقل قدر من الروتين وبلا أي اعتبار للعوامل الاجتماعية أو البيئية. ولكن إذا كان للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية أن يحقق أهدافه الطموحة، التي تتضمن مخططا حديثا لطريق الحرير القديم إلى أوروبا، فسوف يكون لزاما على الصين أن تتغلب على ما هو أكثر من تردد جيرانها، فمن الواجب عليها أن تتعامل أيضا مع نفاد صبر مواطنيها إزاء الرؤى المهيبة المتكلفة. ففي نظر عامة الناس في الصين، تُعد المساعي الجماعية الضخمة أقل أهمية من الأرصفة والحافلات التي تمكن أطفالهم من الوصول إلى المدرسة بسلام وأمان. ومع تسبب الزحف العمراني في الصين في تحويل ما كان ذات يوم رحلة قصيرة بسيطة إلى رحلة طويلة شاقة وخطرة، فإن إدارة مثل هذه المطالب تحتاج إلى نسبة متزايدة من اهتمام الحكومة. وتكافح السلطات الصينية أيضا للتعامل مع الدوافع المتضاربة لدولة الأمن القومي المتنامية. ففي السنوات الأخيرة، كانت الصين تتعامل مع علاقاتها الإقليمية باعتبارها أمرا مفروغا منه، فتصرفت وفقا لقرارات أحادية على النحو الذي تسبب في إثارة التوترات مع الجيران. وبوسع الصين أن تصلح هذه العلاقات، ولكن فقط إذا أمكنها أن تبحر عبر أمواج القضايا التاريخية الصاخبة التي تمتد إليها جذور العديد من صراعات اليوم. ونظرا لعمق هذه القضايا، فإن المناقشات الثلاثية التي طال انتظارها بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية لا بد أن تدور حول ما هو أكثر من مجرد التعاون في مجال التنمية أو حتى مكافحة الإرهاب. بل ينبغي لها أن تهدف إلى غرس الشعور بأن البلدان الثلاثة، مهما بدت غير متوافقة، تتقاسم مصيرا واحدا. والواقع أن مستقبلها سوف يكون متشابكا تمام التشابك كما كان ماضيها متشابكا. وكلما سارع زعماء هذه البلدان إلى إدراك هذه الحقيقة وتحمل المسؤولية عن مستقبل بلدانهم المشترك تحسنت فرص الإفلات -إلى الأبد- من براثن صراعات الماضي وضغائنه. وفي هذا الجهد، سوف يكون لكل بلد دور يلعبه. فتتلخص الضرورة في حالة اليابان في الاستمرار في العمل كمحرك للتنمية وهي تبني مجتمع ما بعد الصناعة الذي يعتمد بشكل متزايد على الآخرين نظرا للشيخوخة السكانية وتقلص عدد السكان. وبالفعل، أصبحت الأسماء التجارية الشهيرة في اليابان أكثر دولية من أي وقت مضى. ومن ناحية أخرى، يتعين على النظام السياسي في اليابان -مثله مثل أنظمة أخرى كثيرة في العالم- أن يوفق بين المطالب المحلية وبناء العلاقات الدبلوماسية وهي ليست بالمهمة السهلة، نظرا لتسبب النزعة القومية الصاعدة في إثارة الشكوك بين البلدان المجاورة. ويتعين على اليابان أن تلبي توقعات حلفائها الأبعد، وخاصة الولايات المتحدة، حتى يتسنى لها أن تتولى دورا أكبر وأكثر استدامة في الحكم العالمي. وكما جرت العادة، تقع كوريا الجنوبية بين المطرقة والسندان. فتاريخيا، عندما لا تنهمك الصين واليابان في تعذيب كل منهما الأخرى، فإن كوريا تكون ضحيتهما عادة. ونظرا لعمق تأثير هذه التجارب على الكوريين، فلا بد أن يُغفَر لهم إذا أسهبوا بإفراط في الحديث عن مظالم الماضي، وخاصة تلك التي ارتكبتها اليابان في حقهم خلال الحرب العالمية الثانية. ولكن لا ينبغي للضغائن التاريخية أن تحجب حقيقة مفادها أن كوريا الجنوبية تواجه العديد من نفس التحديات التي تواجهها اليابان. ففي مواجهة الانحدار الديموغرافي، تحاول هي أيضا التحول نحو اقتصاد ما بعد عصر الصناعة الأكثر تدويلا. وفي هذا السياق، فإن البلدين قادران على تقديم الكثير لبعضهما البعض. " تاريخيا، عندما لا تنهمك الصين واليابان في تعذيب كل منهما الأخرى، فإن كوريا تكون ضحيتهما عادة. ونظرا لعمق تأثير هذه التجارب على الكوريين، فلا بد أن يُغفَر لهم إذا أسهبوا بإفراط في الحديث عن مظالم الماضي، وخاصة تلك التي ارتكبتها اليابان في حقهم خلال الحرب العالمية الثانية " أما الصين فدورها أكثر تعقيداوخاصة بسبب تنافسها مع الولايات المتحدة على فرض نفوذها الإقليمي. وبرغم أن الولايات المتحدة شجعت الاجتماع الثلاثي، فيبدو أنها تخشى أن يؤدي هذا التعاون الناجح إلى تقويض قدرتها على احتواء الصين المتزايدة القوة وحماية مصالحها في آسيا. ولكن لا ينبغي للولايات المتحدة أن تقلق. فالصين تدرك أن استفادتها المحتملة من اقتصاد الولايات المتحدة الديناميكي المزدهر أكبر من استفادتها من تأمين حقوق صيد الأسماك في بحر الصين الجنوبي أو السيطرة على مجموعة من الصخور غير المأهولة في بحر الصين الشرقي. ومن الواضح أن هذا يعود بالفائدة على حلفاء أميركا مثل اليابان وكوريا. وهما يعلمان أن الولايات المتحدة تمنحهما النفوذ في تعاملاتهما مع الصين، ليس فقط في تثبيط موقفها الأمني المتزايد الجرأة، بل وأيضا في دفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المفيدة مع جارتهما العملاقة. باختصار، يشكل التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية أهمية بالغة لتأمين مستقبل هذه البلدان المشترك في الأمد البعيد. ولكن هذا التعاون لن يكون فعّالا إلا إذا ركزت هذه البلدان على القضايا الصحيحة، وهذا لا يعني البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية. إن هذه البلدان الثلاثة -جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة- لا بد أن تركز على تخفيف التهديد الذي تفرضه كوريا الشمالية. ويتعين عليها لتحقيق هذه الغاية أن تعالج قضية كانت مستبعدة من أحدث المناقشات: نظام THAAD للدفاع الصاروخي لحماية كوريا الجنوبية من الصواريخ التي قد تطلقها عليها كوريا الشمالية المارقة. الواقع أن هذا النظام يتسبب في إحداث قدر عظيم من الذعر في الصين. ولكنه خاضع للمناقشة لسبب وجيه. وكما تكهنت وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية بشأن ما إذا كان وزراء خارجية الصين واليابان وكوريا الجنوبية قد ناقشوا مسألة الدرع، فقد تحدث أحد الدبلوماسيين من كوريا الشمالية بفخر عن نجاح بلاده في تركيب رأس نووي على صاروخ. ولعل توقيت التباهي لم يكن متعمدا، ولكنه كان رغم ذلك بمثابة تَذكِرة مفيدة بتصور كوريا الشمالية للعلاقات الإقليمية،وأن "أقرب وقت مناسب" لعقد قمة ثلاثية ليس قريبا بالقدر الكافي.