×
محافظة مكة المكرمة

“تعليم القنفذة” يحدد بداية الدوام الصيفي الأحد القادم

صورة الخبر

هكذا روى الميداني في كتابه "مجمع الأمثال" هذا المثل، وذكر في "براقش" ثلاثة أقوال؛ اثنين منها اجتمعا على أنها امرأة؛ فإما امرأة ملك من الملوك، وإما امرأة لقمان بن عاد، والقول الثالث أنها كلبة لقوم من العرب، ومع الاختلاف في براقش، والمعني بها؛ فإنهم متفقون على أنها قامت بفعل، وجرى منها حدث، فأُخذت هي وقومها به، وصار الناس يضربون بها المثل لكل إنسان يأتي أمرا، فيرجع إليه منه الضرر، وتنزل به من أجله المصيبة، وتلك هي حال الحوثي ومليشياه في اليمن، وهي نفسها حال الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ومن معه من بقايا حاشيته؛ فكيف جنت أفعال الحوثي على نفسه وعلى جماعته الانقلابية؛ كما يسميه الرئيس هادي، وكيف جنت تصرفات صالح على نفسه، وجرّدته من حقوق كان أهل اليمن قبلوا بها بعد الاختلاف حولها؟ كان علي عبدالله صالح يُسمّى الرئيس المخلوع، وخُصّ بمزايا كبيرة، رآها كثير من اليمنيين أكبر مما يستحق، وأكثر منه، وتحوّل بأفعاله أخيرا إلى خارج على النظام، ومحارب ضد إرادة الشعب؛ كان المسمى رئيسا مخلوعا، يرجو من فعله أن يزيد في حقوقه، ويُكدس من واجبات الشعب في حسابه؛ لكنه جنى على نفسه، وعلى أتباعه، إذا عُدنا للتأريخ، وهو سجل ومدوّنة، سنجد الأسباب التي آلت بالحوثي ومليشياه، وصالح وبقايا نظامه، إلى ما نراه اليوم من عاصفة حزم، اجتمعت عليها كثير من الدول، ودعا إليها الرئيس اليمني، وباركها كثير من شعبه، وما زالوا، حتى كتابة هذا المقال، يُطالبون باستمرارها، والعزم على تحقيق أهدافها، وعلى رأسها حصد شوكة الرئيس المخلوع، ونزع فتيل الفتنة من بين يديه، وتفتيت المليشيا الحوثية، وإعادة ما تتقوّى به من سلاح وعتاد إلى الحكومة الشرعية التي كانت هذه المليشيات، قبل أن تنقلب عليها، جزءا منها، وتسعى مع غيرها في صالح اليمن وأهله!. يجتمع الرئيس المخلوع، والحوثي المنقلب على الشرعية، في خصلة واحدة هي مُعاصاة السياق اليمني، الباحث عن الديمقراطية، والساعي إليها، ورفض السقف الذي خرجت به أمة اليمن بعد ثورتها على النظام السابق، ويريدان عودة اليمن إلى ما قبل الثورة، وهو الأمر الذي يُوقعهما في مصير براقش، ويجعل ما أتياه من أفعال تجرّ عليهما، ويتحملان وحدهما ضريبة الإقدام عليها، وهذا هو شأن الأفعال حين تكون الأمة تعيش جوا مختلفا، وتبني سياقا مغايرا، فهذان الرجلان ما زالا يعيشان على أن العنف والقوة يصنعان لهما ما يريدانه، ويضمنان لهما تحقيق أهدافهما، ولم يُباليا بالجوّ اليمني العام الرافض لهذه الطريقة في نيل المراد، والوصول إلى الهدف. لن يثق أهل اليمن برجلين؛ أولهما يُفاوض دول العاصفة على بقاء ما كان له من امتيازات وحقوق، ويتذرع إلى ذلك بالانقلاب على الحوثي، وتحريك خمسة آلاف من القوات الخاصة لمحاربة مليشياته، ودفع مائة ألف من الحرس الجمهوري لملاحقة الحوثيين؛ فهذا الرجل يُقرّ على لسان ابنه أنه ما زال الرئيس اليمني، وبهذا يظهر أنه يُشكل الخطر الأكبر على الدولة الوليدة المنتخبة، وأنه داعم رئيس في اليمن للحوثي ومليشياته، وليست إيران وحدها هي التي تدعمه!. ولن يثق اليمن وأهله، الرافضون للعنف والمبغضون لاستخدام القوة، بثاني الرجلين، وتأريخه القريب يُحدّثهم عنه؛ أنه كان ضمن العملية الديمقراطية، ثم انقلب عليها، وحاصر قصر الرئيس، واختطف أحمد بن مبارك، مدير مكتب الرئيس، وأنه بما أحدثه من أحداث، دفع الرئيس إلى أن يتنازل له أول الأمر، ويدعوه إلى مغادرة صنعاء، والخروج بمسلحيه منها؛ شريطة أن يجري تعديل على مسودة الدستور التي خرجت بها الأمة اليمينة جميعا! لن يطمئن أهل اليمن إلى رجل اضطر رئيسهم أن يقبل بالتنازل عن مشروع دستورهم، واضطره أخيرا، بعد أن أدرك صعوبة الاستجابة لمطالب مليشيا الحوثي، وأن هذه الاستجابة تعني أول ما تعنيه أنه لم يُعد ممثلا للحوار الوطني، والانتخابات الوطنية التي تكبّد أهل اليمن ما تكبدوا للخلوص إليها، والفوز بها، إلى تقديم استقالته قائلا للبرلمان ورئيسه:" ولهذا نعتذر لكم شخصيا ولمجلسكم الموقر وللشعب اليمني بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود...، ولهذا أتقدم إليكم باستقالتنا"!. هذه النهاية المأسوية للحكومة المنتخبة أمام أعين اليمنيين الذين بذلوا الكثير من أجلها؛ جعلت حالهم مع الرئيس المخلوع، والحوثي ومليشياته؛ كما قال الفرزدق: تصرّم مني ودّ بكر بن وائلٍ وما كان منّي ودّهم يتصرّمُ قوارصُ تأتيني ويحتقرونها وقد يملأُ القطْرُ الإناء فيفْعَمُ كان علي عبدالله صالح يُسمّى الرئيس المخلوع، وخُصّ بمزايا كبيرة، رآها كثير من اليمنيين أكبر مما يستحق، وأكثر منه، وتحوّل بأفعاله أخيرا إلى خارج على النظام، ومحارب ضد إرادة الشعب؛ كان المسمى رئيسا مخلوعا، يرجو من فعله أن يزيد في حقوقه، ويُكدس من واجبات الشعب في حسابه؛ لكنه جنى على نفسه، وعلى أتباعه، فجُرّد من حقوق كان أُعطيها، ومزايا كان قد منحها، وخسر أتباعه بفعله ما كان يُمنيهم به، ويعدهم بنيله، فكان هذا المثل صادقا عليه، وعلى من صدّق وسوسته، ورمى بهموم الشعب المناضل خلفه، وآثر أن يبقى مع رئيس كان الشعب رفضه، وسعى للخلاص منه!. وكذلك كان الحوثي؛ كان حزبا يمنيا، يُحاور غيره، ويُجادله في نيل حقوقه، ويملك رصيدا بشريا، ينفعه في نيل مطالبه، والظفر بما يتمنّاه أفراده؛ لكنه تحوّل بطمع قائده، وقلة خبرته، وصغر سنه، وسهولة مُخادعته من قبل الرئيس المخلوع، ودولة إيران، إلى مليشيا انقلابية، تُحارب من كانت تنتزع منه حقوقها، وتقف في طريق من كانت تتوقع منه عونها؛ بالأمس تُحاور لنيل الحقوق، وتسعى لكسبها، وفي هذه الأيام تُحارب من أجل فرضها على أهل اليمن، وتُقاتل في سبيلها، فانتهت بها تلك الأفعال إلى حال براقش، فعُدت خارجة على النظام، وطُولبت أن تدفع بما تملكه من أسلحة إلى الحكومة المنتخبة، وهكذا جُرّدت من عناصر قوتها، وأسباب استعلائها، وذاك كان البيان الختامي لقمة شرم الشيخ، الذي جاء فيه أمر هذه المليشيات:" بالانسحاب الفوري من العاصمة صنعاء والمؤسسات الحكومية وتسليم سلاحهم للسلطات الشرعية". وإذا كان أهل اليمن، وحكومته المنتخبة، صبرا كثيرا على الرئيس المخلوع، وعلى عدوه في القديم، وصديقه في هذه الأيام؛ فإن دول الخليج، ومنها دولتنا، صبرت كصبر أهل اليمن، وبذلت لهما من التسهيلات والتنازلات مثلما بذله أهل اليمن؛ لكنهما رآيا في ذلك ضعف هذه الدول، وعجزها، ولم يتوقعا أن تُعاملهما بنقيض ما توقعاه؛ حتى انتهى الأمر بالحوثي أن يُهدد دولتنا وشعبنا علنا، ويتبجح أمام مليشياه، وداعميه الخارجيين، بإجراء مناورات عسكرية في منطقة متاخمة لحدود دولتنا، ويطرح في إحدى تغريداته ما يُفسّر هدفه الواضح من وراء هذه المناورات، وتلك كانت تغريدة إعلان الحرب علينا، وما كان ذاك بمستغرب منه؛ فهو الذي أقدم على العدوان السافر علينا قبل خمس سنوات تقريبا، وكل ما فعله الحوثي معنا لم يجعله يتوقع، أو يخطر في باله، أن تأخذ دولتنا بالحزم في عاصفة الحزم، وتدعو أخواتها من الدول العربية إلى تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بينها، لم يخطر في ذهن الحوثي، الذي صغر عمره، وضاقت تجربته، وغرّه الدعم الخارجي والداخلي، أن تلتفت دولتنا مستجيبة لنداء الشرعية في الدفاع عن الحكومة اليمنية المنتخبة، وعن شعبها الذي يتطاول عليه باعتدائه، وإجراء المناورات قريبا منه، إلى بيت شوقي المشهور: والشرُّ إنْ تلقه بالخيرِ ضقتَ به! ذرعاً وإن تلقه بالشر ينحسمِ لأن كثرة الصبر عليه غرّته، وأوهمته أنّه صبر من غير صابر، وطالما كان الصبر عن الجهل إغراء لصاحبه، وفتنة له، ودفعا له في سبيل أوهامه؛ حتى يكون ذلك إعذارا في معاقبته، ومحاسبته على ما كان منه في القديم والحديث، فتأتيه العقوبة وقد انتظر الناس أن تحلّ عليه، وتقع بداره، فلا يستغربون منها، ولا يلومون القائم بها، كذلك هي حال الحوثي ومليشياه، وحال المخلوع، وحال كل إنسان يخال في صبر الناس عليه نقطة قوة له، وأمارة خوف منه! وأخيراً؛ يا ليت أن تطبق مع الرئيس المخلوع مثلما اشترط مع الحوثي، فيُجرّد الرجل من القوات الخاصة التي يملكها، ويرد ما معه من الحرس الجمهوري إلى الحكومة المنتخبة؛ فبقاء هذه القوات معه تجعله يحتفظ بأوراق قوة، مثله لا يستحقها، وبقاؤها معه أيضا نزع ليد الدولة من الإشراف عليها، والإدارة لها، وهل دفع اليمن، وأخذ بأهله إلى ما نرى، إلا هذا؟!.