أكبر أساليب بث الفرقة والنزاع التي يمكن أن يستغلها العدو في أي معركة هو الشائعة. تنتشر الشائعة بوسائل كثيرة، من أهمها وسائل الإعلام والاتصال والمنشورات التي يزرعها أو يوزعها أحد طرفي المعركة. تتدرج خطورة هذه الشائعات بالتعاكس مع شفافية من يديرون المعارك. كلما كانت المعلومات واضحة وموزعة ومعلومة لدى الناس، انخفض تأثير الشائعة وقبولها لدى الناس. تنتشر الشائعة بسبب حب الاستطلاع أو الرغبة في السبق الصحافي أو الإعلامي أو المجتمعي. رغبة كثيرين في إثبات معرفتهم وسعة اطلاعهم وعلاقاتهم، تدفع بهم نحو توزيع كل ما يصل إليهم من المعلومات أو المقاطع أو الرسائل، ما يؤدي إلى ردود أفعال تحقق مطلوب منشئ الشائعة. لهذا يبذل منشئ الشائعة جهودا حثيثة في سبيل إعدادها وتنفيذها وإرسالها بالشكل الذي يمكن أن يكون قابلا للتصديق والانتشار. شواهد الحروب تعطينا كثيرا من الأمثلة على نجاح الشائعة في تحقيق أهداف كثيرة لم تحققها القوات العسكرية، عندما قرر هتلر أن يحتل كل دول أوروبا كانت وسيلته الرئيسة هي الشائعة التي أنشأ لها وزارة متخصصة، فكان يهدد والدول تتساقط، وأولها كانت تشيكوسلوفاكيا التي تنازلت عن إقليم السويدات دون أن تطلق طلقة واحدة. نابليون كان يقول أخشى صرير القلم أكثر من دوي المدافع. عاش العالم العربي ضحية شائعة خط بارليف، الذي أسمته إسرائيل الخط الذي لا يقهر، ورغم ذلك تمكن الجيش المصري من اختراقه خلال ساعات بعد أن كان حاجزاً نفسياً لأكثر من ست سنوات. تسهم الشائعة في تغيير مواقف الناس سواء في الميدان أو في الجبهة الداخلية. نشاهد هذه الأيام كثيرا من محاولات نشر شائعات كاذبة عن عمليات عاصفة الحزم، وتصوير مشاهد ومقاطع من مناطق أخرى وتركيبها وإرسالها للناس على أنها من نتائج هذه العمليات.أحسنت قيادة العمليات حين عينت مسؤولاً إعلامياً يوصل للعالم الحقائق دون تلميع أو تزييف أو كذب، وهذا النجاح ليس غريباً على قيادة محترفة تعاملت مع حروب سابقة وتعلم أهمية المعلومة الصادقة في وقتها. يبقى دور المتلقين الذين يتم العمل على تضليلهم وتشويش أفكارهم بقصص مختلقة ورسائل مشبوهة. علينا جميعا ألا نشارك في توزيع أو قبول مثل هذه الرسائل ومكافحتها في كل الوسائل التي نتعامل معها.