تراجعت البطالة في ألمانيا خلال آذار (مارس) الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ 24 سنة، وفق ما أعلنت وكالة العمل الاتحادية أمس في نورنبيرغ. وقال رئيس الوكالة فرانك يورغن فايزه إن عدد العاطلين من العمل تراجع عن شهر شباط (فبراير) الماضي بمقدار 85 ألفاً ليصل إلى 2.93 مليون شخص مقارنة بـ3.017 مليون الشهر السابق. ومقارنة بآذار 2014، بلغ التراجع 123 ألفاً، في حين انخفض معدل البطالة من 6.9 إلى 6.8 في المئة. وكان شباط الماضي شهد تراجعاً أيضاً، هو الأول من نوعه منذ العام 1991، وانخفضت فيه البطالة بمقدار 15 ألف شخص على رغم أنه شهر شتوي. ومقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي زادت البطالة بمقدار 121 ألف شخص. وتعليقاً على التطور الإيجابي الجديد لسوق العمل الألمانية، قال فايزه «الانتعاش المستمر في سوق العمل والنمو القوي والزيادات على الأجور، تفسّر هذا التطور، إضافة إلى المفاعيل الإيجابية عموماً التي تشهدها سوق العمل مع بدء فصل الربيع من كل عام». وتجاوز عدد العاطلين من العمل خلال الشهر الماضي المعدل المسجل للسنوات الثلاث الماضية، والبالغ 75 ألفاً. وتوقع الخبير الاقتصادي في مصرف «بيرينبيرغ» كريستيان شولتس انخفاضاً أكبر في البطالة خلال الأشهر المقبلة، إذ إن الزيادات على الأجور هذه السنة بقيت أقل من ثلاثة في المئة على رغم الوضع الاقتصادي الجيد. وفيما أعلنت شركات كبرى مثل «فولكسفاغن» و «بي ام دبليو» و «دايملر بنز» و «أودي» أنها ستشغّل نحو 20 ألف عامل جديد في مصانعها في ألمانيا خلال العام الحالي، لم تُسجل السلطات المعنية حصول تسريحات كبيرة للعمال بسبب قانون رفع الحد الأدنى للأجور الذي نفّذ ابتداءً من مطلع السنة، بعد تحذيرات أرباب العمل الرافضين له. ويُذكر أن من أصل 28 دولة منتسبة إلى الاتحاد الأوروبي، كانت ألمانيا الدولة الـ22 التي تقرر اعتماد الحد الأدنى للأجور وتحدّد أجر الساعة الواحدة بـ8.50 يورو. وفي مقارنة بين هذه الدول أجراها معهد علوم الاقتصاد والاجتماع التابع لمؤسسة «هامس بوكلر» القريبة من النقابات العمالية الألمانية، تبيّن أن ألمانيا تقف في الوسط بينها. وتتصدر اللائحة دولة لوكسمبورغ التي تدفع 11.12 يورو للساعة الواحدة، تليها فرنسا بـ9.61 يورو، ثم هولندا بـ9.21 يورو، فبلجيكا بـ9.10 يورو. ويتمثل الفارق في أن العمال الألمان يستفيدون أكثر من انخفاض كلفة المعيشة في بلدهم، أي أن قوّتهم الشرائية أعلى من قوة شراء نظرائهم في كل من هولندا وبلجيكا وإرلندا. وكما في الدول المذكورة، ينص قانون الحد الأدنى للأجور في ألمانيا على تشكيل لجنة أيضاً لمراقبة التضخم وتطور كلفة المعيشة لاقتراح زيادات على أجر الساعة كل سنتين، وتشكلت هذه اللجنة بالفعل أخيراً. وأمام أزمة تراجع عدد سكان ألمانيا وحاجة الاقتصاد باستمرار إلى أيد عاملة، بدأت حملة لتشجيع العمال الذين وصلوا إلى سن التقاعد على مواصلة عملهم لبضع سنوات إضافية. وبسبب ارتفاع كلفة المعيشة من جهة، وتدني معاش التقاعد من جهة أخرى، أصبح المتقاعدون على استعداد لمواصلة العمل «إذ إن معاش التقاعد وحده لم يعد يكفيهم لتأمين عيش مقبول»، وفق ما أعلنت النقابات العمالية ومنظمات اجتماعية. ولكن دراسة أجراها باحثون من «جامعة بايرويت» في بافاريا على عيّنة من المتقاعدين، بتكليف من المعهد الألماني لرعاية المسنّين، أظهرت نتيجة معاكسة، إذ أشارت إلى أن «المتقاعدين الحاصلين على معاش تقاعدي منخفض ويعانون نوعاً من الفقر لا يبذلون جهداً للحصول على عمل مثل المتقاعدين الذين يحصلون على تقاعد مرتفع»، علماً أن فرص العمل متوافرة للطرفين. ولكن خبراء في الجامعة استدركوا قائلين إن هذا الواقع «يمكن أن يتغير في المستقبل مع تغير شروط العمل ومدى اتساع قطاع الأعمال والخدمات البسيطة والسهلة». وأضافوا أن عامل تاريخ دخول المرء إلى سوق العمل يلعب لدى الكثيرين دوراً حاسماً في رفض مواصلة العمل بعد سن التقاعد. وإذ أكدت الدراسة أن عدد المتقاعدين العاملين ارتفع بعد عام 1995، لفتت إلى أن «النسبة لا تزال منخفضة نسبياً إذا علمنا أن عدد الرجال منهم بلغ تسعة في المئة والنساء خمسة في المئة من إجمالي المتقاعدين». وعقّب الاتحاد العمالي العام على الدراسة بالقول «أي متقاعد يضطر للعمل لأن معاش تقاعده لا يكفيه أمر غير مقبول». وتبحث لجنة من التحالف الحكومي الألماني حالياً في تحديد انتقال مرن بين العمل والتقاعد، وتسعى إلى اعتماد تقاعد جزئي يمكِّن الذين أشرفوا على التقاعد من تأمين دخل إضافي.