يبدو أن الواتس اب أخذ منحى آخر في أولويات المثقفين وذلك بعدما تم استغلاله ليكون بديلاً لهم عن الحوارات المباشرة من خلال قوائم المجموعات التي تعرف بالقروبات والتي أصبحت في الآونة الأخيرة تتسع لمئة عضواً بدلاً من عشرين عضواً كما كان في السابق. وأصبحت تلك القروبات لدى البعض من المثقفين تعد بمثابة قاعات الاجتماعات تناقش فيها كافة قضايا المجتمع الساخنة، الاجتماعية، الفكرية، الاقتصادية، الصحية. وقد تباينت وجهات النظر حول النقاشات التي تتم عبر الواتس اب. إذ يرى أحمد الحربي أن الحوار عبر الواتس يعد ظاهرة صحية وتؤدي نفس الغرض للاجتماع المباشر بالإضافة إلى كونها توفر على المتحاورين الوقت والجهد. مشيراً أنها تتماشى مع التقنية والسرعة المنشودة في هذا العصر بالإضافة إلى التوثيق الذي يتم عن طريق الكتابة والرجوع إلى المحادثات السابقة وقت ما رغب الأعضاء في الرجوع إليها ومراجعتها لأي سبب كان. وعلى عكس ما يراه الحربي يرى صالح الرشيد أنه لا جدوى من مثل هذه الحوارات التي تتم عن بعد وتكون بواسطة الكتابة وقال لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحل هذه الحوارات مكان الحوارات المباشرة لأن اللقاءات المباشرة لها خصائصها في التأثير والاقناع وتوصيل الرسالة والهدف الذي ينشده المتحدث على عكس من يتحدث بواسطة الكتابة ولا يعرف على أي حال هو، حتى وأن كان المتحدث لبقاً وراقياً في أسلوبه بالإضافة إلى أن النقاش عبر الكتابة قد يأخذ وقتاً طويلاً ويمتد لساعات من أجل الرد على كافة المداخلات التي تنهال تباعاً على شاشة الهاتف الصغيرة ويصعب معها التركيز وعدم إيصال الفكرة. أما سعد العبيد فيقول إن قروبات الواتس قد تستغل من هذه الناحية في التنسيق وترتيب اللقاءات بين الأعضاء وما عدا ذلك فأعتقد أنه عبث لأنها تفتقد لطابع الجدية ومن يرى غير ذلك يناقض نفسه، هذا فيما يتعلق بالاجتماعات التي تتم لدراسة موضوع ما. أما النقاشات الأخرى كالتي تتعلق بالقضايا الاجتماعية أو القضايا الفكرية وغيرها من القضايا الأخرى فإنها غير مجدية إطلاقاً وتفسد أكثر مما تصلح لأن النقاش في هذه الحالة يكون البعض قد برمج عقله على أفكاره وقناعاته الشخصية ولا يستوعب ما يقال له بمعنى أنه لا يمكن أن يقبل الرأي الآخر إن لم يكن إقصائياً ودائماً ما تكون ردوده نحو مخالفيه تتم بطريقة تلقائية دون التمعن أو قراءة ما يكتبه له الطرف الآخر. ويرى عبدالله الشهري أن النقاش والحوار عبر الواتس فيما يخص زملاء العمل صحي وله فاعلية وما عدا ذلك يرى الشهري أنه غير صحي خصوصاً أن القروبات تجمع فئات من المجتمع غير متكافئة من الناحية الفكرية والعلمية والمعرفية وقد ينزل البعض إلى مستوى من هو أقل منه علماً وفكراً لأن كل يأخذ ويعطي بأمور ليست من اختصاصه، وبالتالي يصبح الحوار مع هؤلاء كما يقال عند العامة (حوار طرشان).