×
محافظة مكة المكرمة

الشاب ناصر السبيعي يعيش على التنفس الصناعي ووالده يناشد نقله لأحد المستشفيات المتخصصة

صورة الخبر

كشف وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل الجلسات المغلقة الخاصة بمناقشة إنشاء القوة العربية العسكرية المشتركة لصيانة الأمن القومي العربي.. وأكد أنه ساهم في تقديم الكثير من المقترحات التي أكدت أهمية اعتماد القوة من حيث المبدأ، وتوضيح مهامها ومشاركة من يرغب من الدول. وقال العمامرة، إن بلاده سوف تساهم بتقديم المساعدات اللوجيستية، كما فعلت من قبل في الصومال.. كما تحدث عن طبيعة المعالجات والتدخلات السياسة لحل أزمات ليبيا واليمن والاحتقان الحالي مع إيران وتدخل الأخيرة في الشأن العربي. وقال إنه «قد يكون التفاهم والتلاقي بداية لإسقاط كل هذه المشكلات».. وإلى نص الحوار.. * بداية، ما هو مفهوم الكلمات التي رددها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال أعمال القمة قائلا: «إما أن نخرج بنتائج مهمة وقرارات تنفذ، أو نظل دولا عاجزة تجتمع لتتحدث عن التاريخ»؟ - دعيني في البداية أقل إنها قمة تسمى «عادية» بمفهوم الجامعة العربية من حيث التنظيم، وإنما هي «غير عادية»، وفي تقديري «استثنائية»، بالنظر إلى التحديات وطموحات الشعوب العربية والإمكانيات المتاحة إذا توفرت الإرادة السياسية لدفع العمل العربي المشترك. وقد انعقدت القمة والأمة العربية في أزمة، بينما تمتلك الدول العربية من الموارد والإمكانيات والقدرات والكفاءات ما يؤهلها للتغلب على هذه الأزمة، ولفتح آفاق واعدة حقيقية للشعوب العربية، وليست تلك الأوهام التي ارتبطت في الماضي القريب ببعض الأحداث والتحركات السياسية داخل بعض الدول العربية. * ماذا تقصد بالآفاق الواعدة؟ - أقصد النهضة الحضارية كي تصبح الأمة العربية عنصرا فاعلا على الساحة الدولية، يؤثر ولا يتأثر، مثل في كثير من الحالات.. حتى من الناحية الاقتصادية لو توحدت كلمة الدول العربية مثلا في ما يتعلق بالمجال النفطي، كما حدث في حقبة السبعينات (من القرن الماضي)، لأصبحنا صناع آليات السوق النفطية العالمية.. وكذلك نؤثر على مستوى الأسعار وما إلى ذلك، على الأقل بالتساوي مع غيرنا من الاقتصادات الكبيرة في العالم. * كيف ترى القمة العربية هذه بعد مرور سبعين عاما من إنشاء الجامعة العربية؟ - الجامعة العربية مرت بسلامة عبر سنوات، وأعتقد أنها نجحت في مساعدة الدول العربية على تحقيق الاستقلال وتثبيت مقومات الهوية والتلاقي في إطار الجامعة العربية وبناء توافق. وقد حصلت أشياء كثيرة إيجابية، وقد يصعب القول أيضا إنها نجحت ومعها الدول العربية في كل ما كانت تطلع إليه الشعوب، وإنما نجحت إلى درجة كبيرة في جعل الجامعة بوتقة لمشروع قومي عربي معنوي؛ ليس فقط مدفوعا إلى الحنين، وإنما مبني على وقائع والوزن الخاص للعالم العربي، سواء في ما يتعلق بجانب سياسي أو أخلاقي أو اقتصادي. إذن، أعتقد أن ما آلت إليه هذه القمة من تفهم للأوضاع، ومن إدراج لحجم هذه التحديات، وفي نفس الوقت لقدرة البلدان العربية التغلب على كل هذا.. والعيب ليس في النصوص أو البرامج والخطط التي اعتمدت هذه المرة، أو اجتماعات سابقة، وإنما نقص الإرادة السياسية والاقتناع أن الطريق المؤدي إلى التقدم والازدهار يكمن في العمل الجماعي. وكذلك ربما في احتكار العمل العربي المشترك من طرف الدول، مثل ما يتعلق بالهيئات التنفيذية كحكومات، ولم يفتح المجال بشكل كاف لبقية القوى في عالمنا العربي مثل القوى الوطنية وأرباب العمل والشباب والمرأة؛ كل هذه العناصر مهمة. * ماذا عن القوى العسكرية المشتركة والميثاق ومجلس الأمن والسلم في تقديركم؟ أليست هذه أدوات يستحقها العالم العربي بعد مرور سبعين عاما من العمل العربي المشترك منذ ميلاد الجامعة العربية؟ - أتفق معكِ.. نحن ومصر الشقيقة وبعض الدول العربية الأفريقية منخرطون في إطارات عمل من هذا النوع في نظام الاتحاد الأفريقي، والذي لا يملك كل الإمكانيات المتوفرة لدى الجامعة العربية – مثل اللغة المشتركة والدين والقدرات الاقتصادية والمادية.. ومع هذا فإن الاتحاد الأفريقي لديه منظومة أمن وسلم متكاملة الجوانب، وتمكن من إنشاء قوات جاهزة، وكذلك قوة للرد الفوري على الأزمات – مثل التحرك والتدخل السريع وكل هذه الأمور. وبالنسبة للتحرك السريع لمواجهة الأزمات، فإن الانخراط فيها اختياري مثل ما حدث من توافق في قرار إنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة في إطار عمل على مستوى الوزراء، ثم القادة، خلال مناقشة بند القوة العربية المشتركة. * هل وافقت الجزائر على إنشاء هذه القوة ولم تتحفظ على شيء؟ - لا.. لم نتحفظ على شيء. وأستطيع القول إن مداخلة الجزائر على المستوى الوزاري، ثم على مستوى القمة، كانت أساسية في بناء توافق وتفاهم مشترك لهذا الموضوع. وقد اقترحنا عددا من التعديلات على المسودة الأصلية هي التي اعتمدت في النهاية. * ما هي تعديلات الجزائر في هذا الخصوص؟ - أولا، قبول الفكرة واعتمادها ضمن قرارات القمة من حيث المبدأ، على أن يتبع هذا بدراسة معمقة لعدد من الجوانب الموضوعية، التي تعد الممر الضروري لإنجاح هذا العمل. * ماذا تقصد بالممر الضروري لإنجاح هذا العمل؟ - أن يكون انضمام الدول لهذه القوة العسكرية العربية المشتركة اختياريا، وهذا يعني إذا تطوعت بعض الدول لتشكيل القوة وامتنع البعض الآخر فهذا لا يعني التمييز بين أعضاء الجامعة العربية، بل كان لكل منهم المساهمة.. ثم بعد الدراسة المعمقة لكل دولة عربية ترغب في المساهمة في تعزيز الأمن القومي العربي إمكانية أن تختار طريقة المساهمة. ونحن قلنا وبكل صراحة، وهذا معروف كذلك أفريقيا، إن الجزائر لا تساهم بوحدات مقاتلة، وإنما في التكوين والتمويل والتجهيز والنقل الاستراتيجي، لأن التدخل السريع يقتضي سرعة التحرك، خاصة توفير الطائرات التي تنقل الجنود وغيره.. وسبق وأن قامت الجزائر بعمل أساسي في نقل القوات الأوغندية والبوروندية من بلدانهم إلى الصومال مع الخطر آنذاك، وكانت حركة الشباب تسيطر على العواصم والمناطق المجاورة للمطار، ورغم ذلك قامت عشر طائرات شحن جزائرية كبيرة بنقل كل هذه القوات الأفريقية التي غيرت المشهد السياسي والأمني في مقديشو ثم بقية الصومال. ولذلك، فإن شعور الجزائر بالأمن القومي العربي يجعلها تقدم عددا من العوامل التي تثري هذا التوجه، وتجعل دولة عربية في أريحية تحدد لنفسها طبيعة المشاركة في هذه القوة العسكرية العربية، على أن تكون مشاركة تنصب في نفس البوتقة وتساهم في تحقيق نفس الخطة. * هل تمت مناقشة مقر هذه القوة؟ - فكرة القوات الجاهزة هي أن تكون مرتبطة مع بعضها من حيث التكوين والتجهيز والقيادة والسيطرة، وبالتالي المقر من المؤكد سيكون من داخل جامعة الدول العربية، لأن القوة لا يمكن أن تنفصل عن الجوانب السياسية والدبلوماسية. * تقصد أن يكون مقر قيادة القوة العربية العسكرية المشتركة داخل الجامعة العربية؟ - أكيد، لأن القوة ليست غاية في حد ذاتها، وإنما الجوانب السياسية هي التي تحكم هذه القوة، وستكون جزءا من منظومة العمل العربي المشترك. وأعني إذا اجتمع الرؤساء أو الوزراء أو حتى المندوبون الدائمون بتكليف من حكوماتهم لاتخاذ قرار معين بنشر وحدة معينة، فلا بد أن يكون جهاز الأركان حاضرا، ويستعد لوضع الخطة التي تعكس الرغبات السياسية التي تتبلور من خلال المناقشات بين المؤهلين لهذا العمل. * إذن، ستكون قوات هذه القوة موجودة في دولهم ويقوم رئيس الأركان بالتنسيق للقيام بمهمة التدخل والردع السريع؟ - بكل تأكيد لم يقرر هذا الموضوع بعد، وأعني التفاصيل الفنية، وإنما هذا هو المعمول به في الإطار الأفريقي. * هل هذا العمل الخاص بالقوة العربية المشتركة يحتاج لصندوق تمويل؟ - هذه النقطة كذلك جزء من التحضير الذي سيجري بعد أسابيع، وأستطيع القول إن العنصر الضعيف في المنظومة الأفريقية هو التمويل. * الحديث يدور حول مكافحة الإرهاب والعناصر الإرهابية التي بدأت تمتلك أسلحة تقترب من سلاح الجيوش النظامية.. كيف ترى دور هذه القوات العربية المشتركة؟ - مكافحة الإرهاب تعني هل اتفقنا على ما هو الإرهاب.. وهو عنصر آخر لأن التدقيق ضروري. ثم الإرهاب أنواع، مثلا هناك مكافحة لإرهاب تطلب عن طريق الأجهزة الشرطية، وهو نوع من الإرهاب التقليدي ضيق النطاق، وهناك إرهاب «داعش» ولديهم جيوش. * وهنا ندخل في قصة الميثاق وتعديله؟ - أكيد، لا بد من ذلك لأن اتخاذ القرار أساسي ولا يمكن أن ينفرد عضو أو اثنان أو الأمانة العامة باتخاذ القرار في مواضيع بهذه الحساسية، والتي أعتبرها شروطا أساسية لإنجاح المشروع برمته، وإلا ستبقى أداة مشكلة. وكما أسلفت، كل العناصر متوفرة. أما إذا فشلنا في الجوانب التنظيمية والسياسية والقانونية لاتخاذ القرار يصبح المشروع من دون جدوى. وهنا أقول إنه في الإطار الأفريقي هناك هذه التدخلات العسكرية التي ليست مبنية على طلب سيادي من الدولة المعنية، كما حدث في الصومال. إذا يتخذ القرار من طرف القمة بأغلبية الثلثين، وعندما يتعلق بتنفيذ خطة تسوية داخلية، وأعني أطرافا تفاوضت داخليا من خلال وسيط الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة أو الجامعة العربية، وتوصلت إلى بعض الحلول. وهذا ما نتمناه في ما يتعلق بليبيا مثلا، أن يصل الفرقاء الليبيون إلى خطة متماسكة. وهناك جوانب سياسية مؤسساتية وأمنية وعسكرية، والجيش الوطني.. كيف يتم تشكيلها وتسليحها، وهناك جوانب اقتصادية مرتبطة بالنفط؟ وعندما تكون هذه الأمور متكاملة آنذاك، قد يكون من بين آليات التنفيذ نشر قوات حفظ سلام، للمساعدة على التنفيذ والتدريب للقوات الليبية لجعلها في بوتقة مشروع وطني كجيش متماسك. وهذا أسهل في الحل لأن الكل سوف يبارك الوصول إلى تحقيق التوافق، ثم يلتزم الجميع بالمساعدة بما في ذلك بناء مؤسسات الدولة. * تقصد أن يكون من بين مهام القوة المشتركة دراسة الأوضاع في العالم العربي وفق الحالة التي تحدث في كل دولة على حدة من الدول التي تعاني أزمات، مثل سوريا واليمن وليبيا؟ - صحيح، كل دولة يكون الحل وفق نوعيتها – واليوم في المنظمات الإقليمية تنتشر بعثة المساندة والمساعدة في الجوانب المختلفة.. الجانب العسكري قد يكون مهما لاستتباب الأمن، ولكن في حاجة إلى جمارك في الموانئ وإلى قضاة يساعدون على إعادة بناء مؤسسة القضاء.. وهذا كله يقتضي أن تضم البعثة مكونا عسكريا وشرطيا ومدنيا، وكل هذه المكونات. ونحن نرى أن إيجاد الحلول المتوازنة تكون منبثقة من تجارب غيرنا، لأن هناك تجارب قامت بها الأمم المتحدة وأخرى أفريقية وأوروبية، إذا استفدنا منها ووضعنا يدنا على مواطن الضعف وحاولنا إيجاد الحلول لهذه النقائص الموجودة في تجربة غيرنا ستكون الصورة متكاملة، وتسهل في اتخاذ القرار السياسي والمضي قدما نحو مرحلة نوعية جديدة في العمل العربي المشترك. * إذن الجزائر حاولت إيضاح المواقف، وليس من قبيل التحفظ على القرارات الخاصة بإنشاء القوة أو حتى «عاصفة الحزم»؟ - الجزائر قدمت توضيحات خلال المناقشات، وليس من باب التحفظ.. وأنا أكرر: نحن ومصر منخرطان الآن في المنظومة الأفريقية، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نلتزم في المنظومة العربية - ونحن نحاول أن نفعل الأشياء - بالجدية حتى يكتب لها النجاح. * علاقة الجزائر منفتحة مع إيران.. لماذا لا تساهم في تخفيف الاحتقان العربي الإيراني بسبب تدخلها في الشأن العربي في اليمن وسوريا ولبنان واحتلال جزر الإمارات؟ - نحن نريد انتهاء أي احتقان بين الدول العربية وأي من الدول الإقليمية، ونتأسف ونشعر بألم شديد أن نشاهد تمزق العالم الإسلامي، وهذا الشرخ الذي أصبح مع الأسف عميقا بين السنة والشيعة. ونحن لا نعرف هذا في أوطاننا، ونعتبر أن المسلمين كلهم إخوة، والرابط الروحي أقوى من الخلافات السياسية. ثم إن التوافق في الأمور السياسية التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم يوجب أن نصل مع كل الدول الكبيرة المؤثرة في الساحة العربية والإسلامية إلى تفاهم ومستويات معقولة من التعاون من أجل إنجاز أعمال مشتركة.. إذن نحن نرى أن تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإيران سوف ينتج عنه خير لكل الأطراف. والجزائر لها علاقات طيبة مع كل الدول الشقيقة على الساحة العربية، ولها تاريخيا كذلك علاقات ثقة ومودة وإخاء مع إيران، وبالتالي نحن في حوار مع الكل، ونقول دائما نفس الكلام لكل الأصدقاء والأشقاء الذين نعالج معهم هذه المسائل، ونعتقد أن هذا التفاهم والتلاقي بين إيران والدول العربية سوف يساعد كثيرا في تحسين الأجواء عامة وتعزيز قدرتنا التفاوضية كعرب على الساحة الدولية، وحتى في ما يتعلق بالنسبة لتحقيق السلام في الملف الفلسطيني؛ لأن الأمور في مأزق ولا توجد خيارات أمامنا سوى استرجاع المبادرة على كل الأصعدة، والدفع بعجلة العمل الدولي دعما لما تقرره القيادة الفلسطينية، ومناصرة الحق الفلسطيني.