لا جدال أن تخلف أي نظام تعليمي يمكن إيعازه مباشرة إلى خلل في نمط تفكير صانعي قراره. نحن اليوم في أمس الحاجة إلى نمط جديد من التفكير يعالج ما استوطن تعليمنا من علل. فالحالة المتردية لتعليمنا اليوم التي تؤكّدها كثير من الشواهد والدراسات البحثية لا يمكن معالجتها بنفس الصف من القيادات التعليمية التي مارست نمطاً من التفكير أنتج معضلات تعليمية كثيرة (المدارس المستأجرة وضعف تنافسية الطلاب الدولية - مثلاً). وهذا يعني أن علينا أن نعيد تقييم آليات وأساليب اختيارنا للقيادات التي تخطط لتعليمنا وتصنع قراراته. كنا نظن أن علة تعليمنا هي في نقص التمويل، لكن سرعان ما اكتشفنا أن تعليمنا لم يتحسن رغم ميزانياته الهائلة مقارنة بنظم تعليمية أخرى. إن اختيار أي قيادي تعليمي غير قادر على أن يحدث فرقاً في إنجازات الطلاب هو خطأ جسيم يرتكب بحق التعليم. في الغرب عندما يتعلّق الأمر بالتعليم فإنهم لا يتسامحون في الأخطاء ولا يمررونها مهما كانت صغيرة. بلادنا لا تشتكي إطلاقاً من نقص الكفاءات التعليمية، بل إن الشكوى تأتي من عدم وجود الآليات التي توصلنا إلى تلك الكفاءات المؤهلة في مناخ من تكافؤ الفرص. ربما تكون أبرز مشكلات قياداتنا التعليمية الحالية هو انغمارها في عالم التنظير (على مستوى المركزي وعلى مستوى الفصل)، وهذا يعني عدم قدرتها على تحويل الرؤى التربوية الجميلة التي تنادي بها إلى واقع يمارس على الأرض. تطرح قياداتنا التعليمية رؤى تربوية رائعة، لكنها فيما يبدو عاجزة عن إنزال تلك الرؤى التربوية المثالية من السماء إلى الأرض.