قرار العرب بالاجماع لأول مرة في تاريخهم المعاصر بانشاء قوة عربية مشتركة أثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب في شرم الشيخ، يوم أمس الأول لمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها الدول العربية يعد في جوهره خطوة حاسمة وحازمة، فصيانة الأمن العربي من خلال المواجهة الشاملة لكل التحديات تحولت الى مشروع حيوي، كان لا بد من قيامه على الأرض حماية للأمة العربية، فالتدخل السريع لمواجهة التحديات هو الخيار العقلاني الأنسب، ولا شك أن القمة العربية التي ستعقد في شرم الشيخ اليوم وغدا ستناقش هذا الخيار لاقراره وتبنيه. ويجيء الاهتمام بانشاء مشروع القوة العربية المشتركة انطلاقا من التحديات التي يواجهها العرب، كما هو الحال مع الحوثيين في محاولة استيلائهم على مقدرات اليمن.. وتنظيم داعش الارهابي حيث استولى على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، وهو استيلاء يهدد الأمن العربي تهديدا صارخا لا بد من مجابهته باجراءات تنفيذية، وآليات عمل تحول دون استمرار العمليات الارهابية العبثية في العراق وسوريا واليمن، ولا شك أن مشروع القوة العسكرية المشتركة سوف يحول دون استمرارية ظاهرة الارهاب، ويضع حدا قاطعا لعبث العابثين بمقدرات الأمة العربية واستقلالها وأمنها. لقد تحولت تلك الظاهرة الى خطر ماحق شوهدت آثاره الوخيمة في اليمن، حيث تقوم - عاصفة الحزم - بمجابهة أولئك المارقين والخارجين عن القانون، الذين سيطروا على مؤسسات الدولة واشاعوا الفساد في الأرض اليمنية وانقلبوا على الشرعية، فالتآلف العربي في ظل كافة التحديات المحدقة بالأمة أضحى مطلبا ملحا، ليس لمواجهة الارهابيين في العراق وسوريا فحسب، بل لمواجهتهم في كل قطر عربي يحاولون العبث بمقدراته وحرية مواطنيه كما هو الحال على الأراضي الليبية، حيث يتصاعد فيها الاقتتال وتبرز رؤوس التنظيمات الارهابية المقيتة لتعيث فسادا فيها وتشيع الاضطرابات والفتن ومصادرة حرية وأمن المواطنين الليبيين. ان المشاركة العربية الفاعلة في مؤتمر شرم الشيخ اليوم وغدا لمناقشة مشروع انشاء القوة العربية المشتركة الرادعة لكل التحديات التي يواجهها العرب تمثل خطوة إيجابية وحيوية لترسيخ أهم مبادئ التضامن العربي المنشود، فالأخطار التي تواجه الأمة العربية تشكل تهديدا صارخا لأمنها واستقلالها وإرادتها. وما مباركة وتأييد المجلس الوزاري العربي لجامعة الدول العربية لـ «عاصفة الحزم» الا مؤشر هام لنجاح التحالف العربي المطلوب للدفاع عن الشرعية في اليمن، وهو مؤشر هام في الوقت ذاته لأهمية مناقشة وقيام مشروع القوة العربية المشتركة، لمعالجة الأزمات القائمة اقرارا لوحدة الكلمة العربية وصيانة لسلامة الأوطان العربية ووحدتها وحفظ سيادتها واستقلالها، وهو إقرار تستند تفاصيله وجزئياته الى اتفاقية الدفاع العربي المشترك في ميثاق جامعة الدول العربية وعلى المادة الواحدة والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة، وقد ترجم التحالف العربي على الأرض من خلال الدفاع عن الشرعية في اليمن وصولا الى إعادة الأمن والاستقرار الى الربوع اليمنية وعودة قيادتها الدستورية الشرعية. وانطلاقا من فكرة الدفاع عن استقلال الدول العربية وأمنها، فإن مشروع إنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة سيكون مرجعا هاما لمواجهة كافة التحديات والأزمات التي يواجهها العرب في عصرهم الراهن؛ لنشر الأمن في ربوع الديار العربية وإبعادها عن تهديد التنظيمات الارهابية لأمنها وسلامتها.