يكرس اللاجئ السوري عبد الرحمن جلّ وقته لدراسة اللغة السويدية بغية الحصول على عمل يؤمن دخلا له ولعائلته التي تركها في محافظة الرقة بسوريا. وقد مضى عام ونيف على وصول عبد الرحمن للسويد التي تعد قبلة اللاجئين السوريين نظرا لما يلاقونه من ترجيب وعناية فيها. عبد الرحمن الذي غادر منزله بمفرده حصل على الإقامة الدائمةبالسويد ويقيم حاليا في مسكن خصصته له إدارة الهجرة يقع في منطقة تبعد نحو 500 كيلومتر عن العاصمة بجنوبي البلاد. وفي إحدى مقاهي ستوكهولم القربية من محطة القطار، أخذ عبد الرحمن يفكر ملياً في طلب كان تقدم به للم شمل عائلته. يقول هذا الأب في حديث للجزيرة نت "أعيش حالة انتظار صعبة ريثما تحصل زوجتي وأولادي على تأشيرات الدخول، لقد قررنا مغادرة سوريا لأنه لم يعد لدينا أي أمل بالحياة هناك. فقدت الوظيفة التي كنا نعتاش منها". ويتذكر عبد الرحمن -الذي كان يعمل مدٌرس لغة إنجليزية- لحظات الرحيل نحو المجهول قائلا "بعد أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على محافظة الرقة أصبحت الحياة فيها مستحيلة". ويضيف أن المغادرة كانت تتسم بالفوضى والخوف خصوصاً أثناء الانتقال عبر البحر إلى اليونان. وعند سؤاله عن إمكانية الاطمئنان على العائلة، صمت قليلا ثم أجاب بحرقة "يقول لي أولادي عبر السكايب إن الطائرات تحوم فوق المنزل وإنهم يقصفون بالقرب منهم" . عبد الرحمن فر من الرقة وحصل على إقامةدائمة فيالسويد(الجزيرة نت) سياسات الهجرة تتوقع دائرة الهجرة السويدية أن يصل إجمالي عدد طالبي اللجوء نحو 85 ألفا إلى 105 آلاف في نهاية العام الحالي، يشكل السوريون النسبة الأكبر بينهم، في وقت تشهد البلاد ارتفاع نسب جرائم الكراهية والعنصرية. وباتت سياسات الهجرة واللجوء السويدية -التي تتسم بدرجة عالية من الانفتاح والمرونة- أمام اختبار صعب، ولا سيما أن الحزب اليميني المتطرف (الديمقراطي السويدي) يعارض بشدة منح إقامات دائمة لطالبي اللجوء بحجة عدم وجود حرب دائمة في سوريا، بحسب أحدث تصريحات قادته. وإلى مركز مارستا لاستقبال طالبي اللجوء القريب من مطار أرلاندا في ستوكهولم، يأتي معظم السوريين منهكين من مشقة الرحلة ومجردين إلا مما تيسر من أمتعتهم الشخصية، والعديد منهم لا يزال تحت صدمة الحرب الدائرة في بلادهم. ولا يتسنى لطالبي اللجوء المكوث في هذا المركز الأشبه بفندق صغير سوى بضعة أيام، لتبدأ بعدها معاناة إيجاد مأوى. ليندستراند:يصعب إيجاد مساكن لجميع طالبي اللجوء (الجزيرة نت) السكن والاندماج وغالباً ما تجد عائلة لاجئة حديثاً مؤلفة من خمسة أو ستة أفراد تقطن عند أحد الأقارب أو الأصدقاء فيضيق المنزل على ساكنيه. ولا تخفي المديرة الإقليمية في دائرة الهجرة السويدية فيرونيكا ليندستراند أن السكن واحد من التحديات الكبرى. وتوضح "من الصعوبة بمكان إيجاد مساكن لجميع طالبي اللجوء، ولكن نضع كل جهدنا في هذا الإطار"،مؤكدة أن كل لاجئ قادم من سوريا يلقى ترحيباً كبيراً ويدين مفتوحتين وخدمات جيدة. وتبين أن دائرة الهجرة توفر السكن الموقت خلال مدة دراسة طلب اللجوء، في حين يضطلع مكتب خدمات التوظيف بالتعاون مع البلديات بمهام عملية الاندماج. وبشأن تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الأطفال والقاصرين السوريين إلى السويد دون ذويهم، أشارت ليندستراند إلى أن هذه القضية تضع دائرة الهجرة وكذلك البلديات تحت اختبار حقيقي نتيجة النقص الشديد في أماكن السكن المخصصة لهم.