×
محافظة المنطقة الشرقية

رياح التغيير تهدد عددا من أعضاء الجمعية العمومية

صورة الخبر

قال حكيم العرب أكثم بن صيفي قولته الشهيرة «تباعدوا في الديار تقاربوا في المودة». أي أنه كلما كان المرء بعيدا عن المكان الذي يقطن فيه المقربون له أسهم ذلك في زيادة مقدار المودة والوله. ولا يبدو أن حكيم العرب كان يقول ذلك من وحي الخيال، فقد أشار علماء الأنثروبولوجيا إلى أهمية البعد والقرب في العلاقات بقولهم إن الناس بطبيعتها «تتقارب بحذر وتتباعد براحة»، بحسب د.حمود القشعان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت. وهو أيضا مصداق للقول الشائع «زر غبّا تزدد حبا». أي كلما كانت زياراتك للآخرين متباعدة أسهم ذلك في إبقاء قدر من المودة والألفة. فالمتأمل لقضية البعد والقرب في تعاملاتنا يجدها ترسم طبيعة العلاقة. فمن المسؤولين من يتعمد مد جسور مؤقتة للتواصل مع الآخرين لكنه سرعان ما يرفعها حينما يشعر أن من أمامه لم يعد يثمن قيمة القرب من كبار المسؤولين. ولا يختلف اثنان على أن كثرة القرب أو «الالتصاق» بالآخرين قد تقودهم إلى حالة من التمادي أو التراخي أو الاتكال أو رفع الكلفة بحجة أن هذا المسؤول صار مقربا جدا فينسى هؤلاء أن حالة القرب هذه قد تنقلب إلى عاصفة من اللوم أو الهجوم أو التوبيخ. ولذا يقول الإنجليز keep a distance أي حاول أن تضع مسافة بينك وبين الآخرين. شخصيا أسميها «مسافة الاحترام المتبادل». فالاحترام مثل الميزان لا بد من تكافؤ حذر بين كفته. وبشكل عام يحرص الناس على إقامة علاقاتهم على مسافة معقولة من الآخرين حتى لا يتحول تباعدهم إلى جفاء مقابل أو تمرد أو عداوة. فكم من بذرة خلاف تفاقمت في ظل حالة التباعد أو نقل الرسائل ومشاعر الامتعاض عبر المراسلين الذين يشعلون جذوة الخلاف بمبالغاتهم في النقل. صحيح أن العلاقات الحميمة بين الزوجين وأفراد الأسرة تستثنى أحيانا من حالة البعد والقرب، لكن الحق يقال فإن كثرة الصد والهجران تورث البغضاء وتجفف ينابيع المودة. ولذا كان الاعتدال في التباعد والتقارب سببا في بث مشاعر المحبة بين الناس في العمل وخارجه.