بدأت هذا المقال بسبب حالة رعب تعرضت لها أثناء قيادتي اليوم. كانت أمامي سيارة ضخمة جدا، كأنها مصممة للاستخدامات العسكرية، وبداخلها عدد هائل من «البزورة» يفوق عدد أحزمة الأمان المتوفرة بداخلها، وغالبا أن عددهم يفوق أحلام مصمم السيارة، بل والشركة المصنعة لها بأكملها. وكانت الديناميكية بداخل مقصورة الركاب نشطة جدا: يبدو أن مجموعة من الأطفال كانوا يتبادلون اللكمات الحقيقية، وما يشبه شد الشعر، لدرجة أن هيكل السيارة كان يترنح وهي واقفة في مكانها. وتخيلت مقدار تركيز السائق الغلبان في هذه البيئة الخطيرة. وكانت بيئة مقصورة الركاب تعكس المعنى الدقيق لكلمة «الربشة» : وهو التجسيد لمظاهر القلق. وعند التأمل في هذا الموضوع، وجدت أن إحدى مسببات الربشة الأساسية في حياتنا لا علاقة لها بالأطفال، أو الأزواج، أو الزوجات. الربشة العظمى تنبع من داخلنا بإرادة الله عز وجل من خلال عمل الهرمونات المختلفة. وعالم الهرمونات من أغرب المؤثرات على سلوكياتنا بمشيئة الله. تخيل مجموعة من «الجزر» المنعزلة التي تفرز سوائل بكميات ضئيلة جدا فتبثها في محيط هائل وهو أجسامنا لتغير حياتنا، وسلوكياتنا، بل حتى أشكالنا، وتفضيلنا للشرب، والأكل، والعمل، والمتاع. تلعب الهرمونات دورا عجيبا في تشكيل حياتنا وتنظيمها بما يسمح الخالق، ومنها ما تسببه مادة تفرزها غدد صغيرة تسمى الغدد «الكظرية» وموقعها على كليتينا. اسم المادة الأدرينالين ومعناها باللاتينية «القريبة من الكلية». ومن العجائب أنها لم تكتشف الا منذ حوالي مائة سنة فقط. واحدى الصعاب في اكتشاف روائع الغدد والهرمونات أنها لا ترتبط بباقي الأعضاء بشكل مباشر. فلا توجد أنابيب تصب في مكان ما بشكل مباشر لتبين العلاقة كما هو الحال في معظم الأنظمة بداخلنا. وكما ذكرت أعلاه فهي أشبه بالجزر المعزولة وسط البحار. ولكن «رشة» هنا و «رشة» هناك تقلب «الدنيا» رأسا على عقب بداخلنا. هرمون الأدرينالين أو «الإيبي نفرين» على وزن «أبي يقطين»، هو من أغرب المواد التي يفرزها الجسم لأن مفعولها يحد من النزيف، والأزمات التنفسية، والحساسية المفرطة، والربو الشديد، والأزمات القلبية الحادة. وهو من الاستخدامات المهمة في طب التخدير أيضا. وتجده يسبح بداخل البشر في أي معركة تعلو فيها الأصوات، والتهديدات، و «العفرتة». والواقع أنه من المفاتيح الأساسية لرفع ضغط الدم بإرادة الله عز وجل. ولكن إذا تطلب الموقف الانسحاب السريع والفرار، فستجد أن الأدرينالين خلف الموضوع لأنه يشجع الجسم بتجهيز منظومة الانسحاب السريع. يعني تجده في الضارب والمضروب، وفي الشجاع والجبان، والمقدام والمتقهقر، وسبحان الخالق القدير. أمنيـــة أتخيل دائما أن كمية الأدرينالين بداخل مقصورة السيارات على طرقاتنا رهيبة. وأتخيل أن الرائحة المشتركة بداخل العديد من السيارات هي رائحة هذا الهرمون العجيب. ولكن بصراحة وجدت أن للموضوع أبعادا أخرى «فالربيع العربي» يستحق إعادة تسميته ليصبح «الأدرينالين العربي» لأنه عبارة عن ربشة كبرى تجتاح بعض البلدان العربية بطرق الله أعلم بها. أتمنى أن يقينا الله شرها. وهو من وراء القصد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة