×
محافظة المنطقة الشرقية

إلى متى السكوت على عدوان إيران؟ - جاسر عبد العزيز الجاسر

صورة الخبر

قال مسؤول المراسم بنبرة هادئة رخيمة: «في صحة رئيس الولايات المتحدة الأميركية». وتجمع أعضاء في إحدى الجماعات الحقوقية العسكرية، وجنود في الخدمة في مدينة بافالو ونهضوا من أجل النخب. كان العام هو 1962. وكان جون كيندي هو الرئيس، وكنت أنا من بين ضباط الجيش في قاعة تناول الطعام. من المؤكد أن بعض الأشخاص الحاضرين كانوا يدعمون الجمهوري ريتشارد نيكسون في الانتخابات الرئاسية عام 1960. لكن لم يكن هذا يمثل مشكلة؛ فقد وقفنا جميعا تبجيلا واحتراما للرئيس الأميركي المنتخب. فيما بعد في 22 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1962، ألقى كيندي خطابا إلى الأمة عن أزمة الصواريخ الكوبية التي كان من المحتمل أن تكون شرارة تؤدي إلى اندلاع حرب نووية. وعلى مدى 13 يوما، عمل كيندي والرئيس السوفياتي نيكيتا خروشوف على اتفاق يقضي بتفكيك السوفيات لمواقع الصواريخ في كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا. تخيل أنه في خضم المفاوضات أرسل مجموعة من أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ خطابا مفتوحا إلى خروشوف مفاده أن كيندي لا يمتلك أي سلطة لإبرام أي اتفاق يتم التفاوض عليه.. كم كان سيكون هذا سخيفا وغير معقول. ليس اليوم. لقد وصلنا إلى وضع مزرٍ في أميركا؛ وحلت روح موقف روجر توني، رئيس المحكمة العليا، في قضية دريد سكوت عام 1875، الذي رأى أن السود «لا يتمتعون بحقوق يجب على الرجل الأبيض احترامها»، على إدارة الرئيس أوباما. عندما يستطيع رئيس مجلس النواب توجيه إهانة علنا تتمثل في دعوة قائد أجنبي إلى الكونغرس من أجل إدانة أهم مبادرة دبلوماسية اتخذها الرئيس، وعندما يستطيع 47 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ إرسال خطاب مفتوح يخبرون فيه عدوًا أجنبيًا بأن المفاوضين الذين اختارهم الرئيس لا يملكون أي سلطة لإبرام الاتفاق الدولي الذي يتم التفاوض عليه حاليًا، فمن العدل أن نقول إن الجمهوريين يخبرون العالم أن هذا الرئيس لا يملك سلطة يشعرون أنه «يجب عليهم احترامها». لا يحترم كل من جون بينر، رئيس مجلس النواب، وميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، وجماعتهما من الجمهوريين، أوباما إلى الحد الذي يجعلهم لا يفوّتون أي فرصة إلا ويحاولون إضعافه وتوجيه الإهانات إليه. وبكراهيتهم للرجل يقللون من شأن أمتنا، ويسببون الضرر لها ولمكانتها في العالم. إن العالم الذي نعيش فيه عالم خطير بسبب إيران، التي تمثل قوة أجنبية قرر الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ تحويلها إلى صديق. ما أقوله ليس محض أوهام بشأن إيران وقد عبرت عن آرائي في مقال بعنوان «نهج إيران المعادي للسامية يجعلها أكبر تهديد لليهود» خلال شهر أغسطس (آب) عام 2012. وقد كان المقال يعرب عن كراهية لما بدا ردا عالميا يشبه الهمهمة على نهج معاداة السامية الذي ترعاه الدولة الإيرانية. وفي غضون أيام عقب نشر المقال، تلقيت مكالمة هاتفية في منزلي من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقد استنتجت وقتها أن المحادثة ليست بغرض الاستهلاك الإعلامي، لذا تعاملت مع الأمر على هذا الأساس، ولم أخبر سوى المحررين في صحيفة «واشنطن بوست». وفي نهاية المكالمة، وجه نتنياهو لي دعوة لزيارة إسرائيل، وآمل أن أستطيع القيام بذلك حين تسنح الظروف. وقد كتبت على مدى الستة أعوام الماضية الكثير من المقالات التي تتناول الهجمات غير الشريفة وغير العادلة ضد إدارة أوباما. ولم أتحدث أبدا مع الرئيس، رغم أنني قابلته حين كان مرشحا للرئاسة. مقصدي هو أن معارضتي الشديدة لطريقة تعامل الجمهوريين مع أوباما لا تقوم على الآيديولوجية، وبالتأكيد لا تقوم على أي علاقة شخصية؛ فأوباما لا يعرف عني أي شيء. وما يثير غضبي هو محاولات الجمهوريين المستمرة غير المسؤولة لتدمير هذا الرئيس. إن هذا عالم خطير، وهناك الكثير من الأمور على المحك. وحتى في هذه المرحلة المتأخرة في المحادثات النووية الإيرانية، من الواضح أن الرئيس يستطيع وضع رأي الكونغرس في الاعتبار، حتى إذا كانت الإدارة تعتقد أن أوباما لديه سلطة إبرام «اتفاق تنفيذي منفرد» دون الحاجة إلى عرضه على مجلس الشيوخ للتصديق عليه، أو الكونغرس من أجل إقراره. وقد قام رؤساء سابقون بهذا، مثلما كان الحال في اتفاقية يالطا عام 1945، واتفاقية السلام مع فيتنام عام 1973. واتفاق الرهائن الإيراني عام 1981. بحسب وزارة الخارجية. في حال عقد اتفاق نووي، ينبغي على أوباما، بحسب ما يقتضي البروتوكول، الذهاب إلى إسرائيل وتوضيح الأمر مباشرة لرئيس الوزراء والكنيست. إن التوصل إلى اتفاق دولي ملزم بشأن برنامج إيران النووي أمر يخدم المصلحة الوطنية، في حين أن استخدام إسرائيل في شنّ حرب ضد رئاسة أوباما لن يخدم المصلحة الوطنية. وما هذا سوى إساءة استغلال غير أخلاقية للسلطة من جانب الجمهوريين. وأظن أن توني، رئيس المحكمة العليا السابق، كان ليوافق على هذا. * خدمة «واشنطن بوست»