أبرزت مباراة الهلال السعودي مع شقيقه فريق فولاذ الأحوازي مدى قوة وشائج القربى والمحبة بين الشعبين العربيين السعودي والأحوازي، وأظهرت مراسم الترحيب والمحبة من المشجعين الأحوازيين للهلال أكثر وأعمق من دعمهم لناديهم. وتعطي هذه المظاهر غير المعتادة في الأستاد الرياضي في طهران مثلاً، حين تقام مباراة استضافة مع أي فريق عربي يبدأ الجمهور الإيراني بالصراخ بهتافات عدائية ضد العرب والعروبة، وتزداد تعميقاً في إثارتها الأخلاقية في حالة الخسارة تتعدى في حقدها المحيط الرياضي وتتجه نحو صنيعتهم وفتنة ثقافتهم الطائفية والتي تبتعد عن أداب الضيافة والتنافس الرياضي الإنساني. وما أظهره أشقاؤنا الأحوازيون في ملعب الغدير مؤشر واضح على عمق التسلط الفارسي لكل ما هو عربي. وقد استفزهم الزي العربي الذي ارتداه المشجعون الأحوازيون (الكوفية والعقال) تحدياً للتيار الفارسي المعادي لكل ما يربط الأحوازيين بالعروبة، والذي أطلق عليه رئيس وكالة مهير الفارسية (لباس العربان) اسهزاءً ومطالبة شعب الأحواز بعدم ارتدائها. وامتد في حقده للعراق مطالباً بالبراءة من هذا الزي الرمز للتخلف العربي،كما يدعي هذا الحاقد الطامع. إمارة الأحواز العربية احتلها جيش رضا بهلوي عام 1925م إثر تسوية استعمارية رخيصة بين السير برسي كوكس المندوب البريطاني في الخليج العربي والحكومة الإيرانية للمشاركة في الحرب القائمة بين الحلفاء والقوات الروسية المحتلة لنصف إيران، وإثر تحقيق النصر على الروس منحت إمارة الأحواز (هدية النصر) للشاه رضا بهلوي، ونُفي أميرها الشخ خزعل الكعبي إلى طهران ولقي حتفه هناك بعد عام مسموماً في معتقله. ونفذت حركة كبيرة فارسية للتغيير الديموغرافي لكل مدن الإمارة العربية مع تغيير أسمائها بأخرى فارسية لطمس جذورها العربية، فالعاصمة الأحوازية المحمرة أصبحت خرم شهر، ومدينة البترول عبادان حولت إلى اللكنة الفارسية آبادان، وإمارة الأحواز العربية إلى خوزسستان، وقد وصفها الرئيس الأسبق محمد خاتمي بأنها أم إيران التي تغذي كل إيران بالمحاصيل الزراعية وتعتمد عليها أيضاً بتمويل الميزانية الإيرانية بنسبة 15% من إيرادات حقولها البترولية، وكما قال خاتمي (إيران تحيا بخوزسستان). كانت القضية الأحوازية مرتكز الخلافات الإيرانية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية لارتباطها التاريخي بولاية البصرة والترابط الاجتماعي بين المنطقتين كان ولا يزال وثيقاً، فمعظم القبائل في الأحواز عربية أصيلة تنتمي في جذورها للقبائل المجاورة لها في العراق والكويت والبحرين، منها بنو كعب وبنو مالك وربيعة أبناء وائل وبني خالد وبني تميم وغيرهم الكثير من الأصول العربية، وتعرض الشعب الأحوازي لظلم وتسلط الفرس الصفويين، ومنعت اللغة العربية في مدارسها، وكذلك تسمية أبنائهم بأسماء الخلفاء الراشدين، وهدمت أو حولت مساجد أهل السنة إلى الحسينيات، وتعرض الأهالي إلى حملة لا إنسانية من التفريس بإنشاء مستوطنات فارسية جلبت من أقصى إيران للعيش في الأحواز ومنحهم أراضي زراعية واسعة اغتصبت من أبناء أهل السنة بعد تهجيرهم إلى البصرة والبحرين حفاظاً على أرواحههم وأعراضهم ودينهم. إن أصوات المشجعين الأحوازيين التي تعالت في ملعب الغدير بالترحيب وتأييد ناد عربي يتنافس رياضياً مع فريقهم يعطي إيجابية وأمل بتمسك هذا الشعب المغتصب وطنه بحقوقه المشروعة بالحرية والاستقلال عن الاستعمار الفارسي، وقد عومل بكل قسوة ووحشية ووأودع الكثير من الأحوازيين السجون والتعرض لصنوف الإهانة والتعذيب. هذا الحدث البطولي يذكرنا بثورة المقاومة الأحوازية عام 2005 و2011، حيث قاوم أبطال المقاومة رجال النظام الفارسي، وحدثت تصادمات مع قوى الأمن في شوارع المدن وأروقة الجامعات ذهب المئات من رجال المقاومة شهداء دفاعاً عن وطنهم المسلوب. المقاومة الأحوازية الوطنيه لابد أن تقتدي خطى الثوره الجزائرية، بتشكيل جبهة التحرير الأحوازية وتوحيد الهيئات والمنظمات المعادية للاستعمار الفارسي تحت منظمة واحدة أسوة بجبهة التحرير الجزائرية لمقاومة الاستيطان الاستعماري الفرنسي، التي افتدت بمليون شهيد على أرض تحرير الجزائر لإجبار الرئيس ديغول زعيم فرنسا الكبير لإعلان سلام الفرسان، وثم تحقق استقلال الشقيقة الجزائر من براثن الاستعمار الفرنسي والذي دام لأكثر من قرن ونيف، فالأمل بالله ومن ثم قوى المقاومة الأحوازية أن تتوحد بجبهة واحدة لتنفيذ الهدف السامي لنيل الاستقلال والتخلص من الاستعمار الفارسي. جامعة الدول العربية معنية أكثر من غيرها لنصرة الشعب الأحوازي وتبني قضيته الوطنية العادلة بعرضها أقليمياً ودولياً، وتقديم الدعم المالي واللوجستي للمقاومة الأحوازية لنيل حقوقها المشروعة بالحرية وإعلان دولته المستقلة، ودعمها إعلامياً بفتح المجال الفضائي بإنشاء قناة فضائية تعرض قضيتهم ومنحها مساحة واسعة لعرض قضيتهم العادلة. وفي الجانب التحريض الإيراني هناك أكثر من ستين قناة طائفية مهمتها الرئيسة نشر الفتنة الطائفية بتوجيه من سلطة الملالي في طهران لحرمان كل صوت عربي ينطلق من الأحواز بحرمانه من كل حقوقه الإنسانية وتعرضه للتهميش والتسلط وسلب ثروات وطنهم وإهمال منطقة الأحواز وتركها دون أي اهتمام تنموي، وتعيش سلة غذاء إيران ذات الخمس أنهر حالة من التخلف الاقتصادي والاجتماعي، والضمير العربي أولاً والعالمي بمنظماته السياسية والإنسانية في غفلة النسيان عن هذا الوطن العربي السليب.. القضية الأحوازية ورقة عربية ثمينة، فهل يدركوا حسن استخدامها بالتوقيت المناسب إقليمياً ودولياً من أجل نصرة أشقاء العروبة أهل الأحواز المنتفضين.!!