مكتب الرياض سفراء لم تكن مدينة عنيزة القابعة وسط القصيم قليلة التميز بروادها وعلمائها في مجالات عدة.. فالعلم لم يكن محصوراً في مجال محدد، بل استطاعت رمال النفود في عنيزة أن تكتشف مساءات الليل في تلك الطفلة البريئة وهي تنظر إلى النجوم بأعجوبة وارتهاب، ثم تصل إليها بطائرتها الشراعية التي يتدحرج بها الهواء وهي تعبث بها في ضحكات بريئة. انتقلت تلك الطفلة إلى انفتاح أميركي وهي ذات السنين العشر حتى استهوتها تطلعات ناسا بصواريخها السلمية الاستكشافية. تحدت الزمن وبرعت في دراستها الجامعية إلى أن وصل بها الحال أن تقترض قرضاً من أحد بنوك أميركا لتكمل دراستها الجامعية في علم الفضاء وصواريخه، رغم أن والدها كان ذو شأن جوي وحالة ميسورة إلا أنه أشعر ابنته بالتحدي فمكثت ابنة العشرين عاماً قرابة الثماني سنوات وهي تسدد ديونها الدراسية والبحثية التي تجاوزت الثمانين ألف دولار. نجت ابنة عنيزة مشاعل الشميمري بل ابنة الوطن في مواجهة الظروف هناك رغم سنها الصغير. واليوم تمكنت (مشمش) -كما يحلو لأمها المثقفة أن تسميها- من البروز في المجال الذي أحبته يوماً ما على ضفاف رمال عنيزة عندما كانت تعبث بالطائرات والصواريخ البلاستيكية خفيفة التحليق، وثابرت إلى أن أنشأت مصنعاً للصواريخ الفضائية الاستكشافية التي تحمل في رؤوسها الأقمار والستالايت خفيفة الوزن بما لا يتجاوز الخمس مئة كيلو غرام تقريباً. بدأت تلك الفتاة السعودية مصنعها بدعم من رجل أعمال سعودي الذي لم يستطع إكمال المشوار معها لظروف مادية، لتصاب باليأس من عدم قدرتها على تحقيق حلمها الوطني المتمثل في نقل تجاربها الفضائية إلى أرض الوطن. لتكون ابنة العشرين نابغة فضائية رأت شركة ناسا فيها ما لم يكتشفه الوطن فيها، فقامت ناسا بتحمل تكاليف دراستها العليا في هذا المجال الفضائي. مشاعل تحدت الظروف وهي تنشئ مصنعها للصواريخ البلاستية الطويلة بتجربة فعلية نفذتها في الولايات المتحدة الأميركية لتضع أملاً في وطنها بأن تجد من يدعمها لتحقق أحلام عقدين من الزمن حتى تخترق الفضاء لوضع تلك الأقمار للمسائل السلمية. نعم إنه الوطن حينما يفي مع أبنائه خاصة إذا ما لمس الوطن جدية وكفاحاً مثل مشاعل التي تجاوزت الابتعاث الخارجي ولم تنضم لمشروع الملك عبدالله كغيرها. مشاعل تتأمل في قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أن تحقق حلمها لخدمة الوطن، في أن يكون هنا معهد متخصص لعلم الفضاء لكي تبدع ومثيلاتها من بنات الوطن وشبابه في علوم الفضاء التي باتت ذات أهمية عالية. ليس من المقبول أن تهمل هذه الفتاة البارعة مشاعل أو تترك وهي تحمل في عقلها وقلبها هذا التميز الكبير. تقول مشاعل: حلمي لو تفضل علي الوطن بأن أبني قاعدة استراتيجية في علوم الفضاء السلمي، لننافس العالم بحول الله في دراسة هذا العلم كي يعود بالنفع على أبناء الوطن وأمنه الاستراتيجي. تتجاوز مشاعل بتفكيرها أن تصعد للفضاء وتتطلع على مفاتنه العجيبة لتتذكر أول رائد فضاء عربي مسلم الأمير سلطان بن سلمان وفقه الله وهي تحلم أن تنثر بين يديه تجربتها الفضائية لتلتقي بفكره وأبوته. الأمير سلطان بن سلمان من الشخصيات الريادية التي تحترم وتُحترم، وتدعم الشباب والشابات في مثل هذا الإنجاز الفريد إذا ما تميزوا في علم الفضاء الكبير. نعم أتوقع بأن تلتقي مشاعل برائد الفضاء لتقتنص منه خبرته ويصغي لها من باب الأبوة والمسؤولية على حد سواء لأن مثل هذه الفتاة تمّكن الغير من تجربتها بشفافية وصدق ولن تبخل على الوطن في أي شيء يسمو به. ابنة الوطن الشميمري نابغة من نوابغ الوطن الكبير، ويستوجب الأمر الأخذ بيدها لتسمو وتعلو بالوطن في هذا المنجز. فمن براءتها إلى تفوقها الفريد وعقلها القيادي، فهي من بيئة متعلمة وريادية يكفيها شرفاً أن والدها كان قائداً لطائرة الملك فيصل رحمه الله حتى تقاعد، ووالدتها قيادية بنكية لسنوات عديدة. مشاعل الشميمري يتطلب منا كإعلاميين الوقوف مع تجربتها وبحوثها العلمية وكذا رجال الأعمال جميل لو ساهموا معها في خلق الأجواء العلمية والبحثية حتى تقف على قدميها وتتمكن من خدمة الوطن وأهله. يكفيها وعوداً من جهات ذات اختصاص كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية!. وهي إلى الآن لم تجد الأذن الصاغية التي تؤهلها.. شكراً عنيزة وشكراً للوطن ولوالديّ مشاعل وأخوتها وأخواتها على صقل هويتها الفكرية.. دمت وطني.