الذكرى الرابعة للثورة، للانتفاضة، للصراع، للأحداث، للحرب، في سورية، على سورية... لا شيء يليق بوصف ما يحدث، أي وصف يليق بهذه المأساة؟ سورية التي لم تشهد «ولا لحظة سكينة واحدة منذ أربع سنوات»، لكنها شهدت كل الفظاعات الممكنة والأوجاع، هي في كل صورة ووجه ومكان.. السوريون يغزون التلفزيونات، العربية والفرنسية بل بالتأكيد كل الشاشات في هذه «الذكرى المؤلمة». المقاتلون بكل أنواعهم التي لم تعد تُحصى، والمحاصرون السوريون الرهائن بين فكيّ كماشة «من جهة فظاعة تنظيم الدولة ومن أخرى اليد الحديد للنظام»، والمعتقلون الذين «مات منهم منذ أربع سنوات 13 ألفاً تحت التعذيب في سجون النظام»، 215 ألفاً الذين قتلوا والعشرة ملايين الذين نزحوا والأربعة ملايين الذين هاجروا... مع كل هؤلاء بقي شيء لم يتغير كما تخبرنا المحطة الفرنسية العامة «فرانس 2» في نشرتها. إنه «رمز» هذا الصراع، «الرجل القوي» الباقي في مكانه «جالساً على كومة من الحطام». تذكير بالصراع، الوصف الأكثر تردداً في التقارير الإخبارية، ومقارنة بين صور البدايات وتظاهراتها السلمية والتطورات اللاحقة وبدء الحرب. اهتمت الإخبارية الفرنسية «إي تيلي» (التابعة لـ «كانال بلوس») وهي تستعرض المأساة الدموية، بشرح استراتيجية بقاء «الرئيس» في دمشق: «أنا أو الفوضى»، ثم خلق هذه الفوضى والحفاظ عليها، وتحرير سجناء إسلاميين والاكتفاء بضرب الجيش الحرّ من دون «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش)... المحلل الإخباري للمحطة نصح النواب الفرنسيين الذين ذهبوا إلى دمشق، بقراءة كتاب «جهاد أكاديمي» لنيقولا حنين ليفهموا عقلية النظام و «عدم الوثوق به». كان ثمة تركيز على أطفال سورية وعلى آلام المنفى. لقد استقطب اللاجئون السوريون العدسات والتحقيقات. الشاشات الفرنسية اهتمت بالأطفال والنساء بخاصة، من دون أن يعني هذا إهمالها للرجال. كانت أحوال الأطفال في المخيمات وطريقة عيشهم ومواضيع كالزواج المبكر للفتيات مثلاً وارتفاع نسبته في مخيمات اللجوء وخارجها، محطة توقفت عندها تقارير عدة. ظهرت خريطة سورية على شاشات سود غارقة في الظلام، سورية البلد «المنطفئ» حيث اختفى أكثر من 90 في المئة من الكهرباء، لا سيما في الرقة وحمص... نقلت المحطات عشرات الصور لضحايا «قمع النظام» المعروضة بكل قسوتها في ردهات الأمم المتحدة، كأنها بالنسبة الى المنظمة الدولية عشية الذكرى الرابعة، استعادة لا بد منها وتذكير لا مفر منه «بفظاعة الأعمال الوحشية المرتكبة في الصراع السوري». مع الدخول في سنة خامسة من الآلام والأهوال، اهتمت وسائل الإعلام أيضاً بتصريح نال من الأهمية ما نالته ذكرى أربع سنوات، إذ يبدو أن «واشنطن غيّرت العدو في سورية».