صدق بالفعل، فلا مجال لغير التصديق، «الشمة» بنصف ريال، والكبيرة منها بـ»واحد ريال».. والبيع علنيا وفي وضح النهار لكثير من «المنوعات» الأخرى مثل «السديهات الإباحية» والتنباك الرديء.. إنه سوق «البنغالة» الواقع في حي البغدادية بجدة، والذي يختلف عن معظم الأسواق الشعبية في نوعية بضائعه وتجاره وزبائنه أيضا، فما أن تدخله بقدميك حتى يداهمك صراخ البائعين للتنباك والشمة والتمبول بأسعار في أغلبها في حدود الريال أو الخمسة ريالات. المدينة» تجولت في ذلك السوق الغريب، وتنقل المشهد كما يقولون «بالصوت والصورة». في البداية أول ما يلفت النظر عند دخول السوق هو استخدام بعض المطاعم والمحالات أسماء تجارية بلغات غير عربية وعلى رأسها «الأوردية» ويتجاهل أصحابها تماما للأنظمة التي تحظر استخدام مسميات غير عربية للمحلات التجارية، إضافةً إلى غياب إجراءات النظافة وعدم وجدود كروت صحية لدى بعض العاملين بالمطاعم وبيعهم على الأرصفة لسلع محظورة تجاريا الشمة والتنباك. أما عن «الشمة» وغيرها من مصادر الكيف والمزاج الرخيص، يقول أحد العمالة الذين يصنعون الشمة والتنباك محمد رشي: «هناك ورق لبعض الشجر مخصص لتغليف التنباك نقوم بجلبه من الهند في حقائب السفر الخاصة بطريقة يصعب استكشافها ونقوم بشراء مادة من محلات السباكه تسمى «نورا»، والتي تباع بـ5 ريالات للعبوة الكبيرة ومن ثم نقوم بمسح مادة «نورا» على ورق الشجر ثم إضافة مادة التنباك التي يباع الكيلو الواحد منها بـ6 ريالات بعد وضع النكهة المميزة «فلافو» وتكون ذات لون أحمر وتضيف بعض الحرارة للشمة. وحول ملاحقة البلدية لبائعي الشمة قال: إن البلدية نادرًا ما تعبر من داخل أزقة حي البغدادية، مشيرًا إلى أنه في حال مرور أحد المراقبين نقوم بإخفائها إذ أن المحل مخصص لبيع الشاي والقهوة وبيع بعض الكعك. وفي شأن المشترين أضاف رشي: أن أغلبية المشترين هم من العمالة الهندية والبنغالية، كما هناك بعض الشباب السعودي من صغار السن وطلبة المدارس. وعن سعر بيع الخلطة قال: إن تلك الخلطة يقوم بصنعها في ثوانٍ معدودات وتباع بنصف ريال أو ريال حسب رغبة العميل بزيادة الكمية. وبالقرب من المحال والاكشاك التي تبيع بضائع الكيف والمزاج توجد تجارة الملابس الرخيصة والخضروات الرديئة، ويقول يوسف راغي: إن أسواق البنغالية تكون مقسمة إلى عدة أقسام فمنها ما يبيع الملابس والخضار ومنها ما يختص ببيع الأفلام والسديهات وهناك ما يختص ببيع الصحف العالمية والمجلات وبعض الكتب. وعن مهمته في السوق قال: إن دوره هو تجميع قطع الخبز الزائدة الملقاة على الأرض ووضعها في كراتين وتوزيعها على محلات داخل السوق وتقوم بتنظيفها وبيع 8 قطع بـ(ريال واحد فقط). ويلتقط زميله محمد مور طرف الحديث قائلا: هناك الكثير من الكراتين الملقاة على الأرض وأكثرها من بائعي أسواق الخضار والفواكه وأقوم بتجميعها وبيع الكيلو بـ»50 هللة»، مضيفًا أنه يجمع الكثير من المبالغ جراء جمع الكراتين. وعن نظامية إقامته قال: إنني أحمل إقامة رسمية وأشار إلى أن عمله في محل سباكة ويمارس عمل جمع الكراتين في أوقات الصلاة وبعد إقفال المحل. وأضاف أن هناك فاكهة وخضارا لا يتم بيعهما إلا بسوق «البنغالية» للفواكه، حيث تستخدم للإيدامات والعصائر والسلطات مثل الكالا والغوسجي والتي تكون أسعارها لا تتعد الـ6 ريالات للحبة الواحدة. يقول فور كوتي: «أشتري «الدرزن» من البناطيل المختلفة بـ120 ريالا من الميناء أو من الأحياء الشعبية المختصة ببيع الجملة ومن ثم أقوم ببيع القطعة الواحدة بـ14 ريالا»، مشيرًا إلى أنه في يوم الجمعة فقط يتم بيع جميع الملابس بداخل المحل لكثرة تجمع العمالة المختلفة ورغبتهم في شراء الرخيص والجيد للاستعمال. سرقات محدودة وعن معدل السرقات فى السوق يشير رامي الجهني حارس الأمن في سوق الخضار والفاكهة إلى أنه كان في السابق قبل أن تضع أمانة جدة مشرفين على سوق الخضار تكثر فيه السرقات بشكل كبير وبعد وضع حراس الأمن تراجع معدل السرقات بشكل ملحوظ. وأضاف أن هناك سرقات محدودة في آخر الليل بقيام بعض العاطلين والذين ليس لهم مصدر دخل بسرقة حبات من الخضار والفاكهة للعيش عليها حتى يجدون فرصة عمل. وأشار الجهني إلى أن العمالة لا تكترث لشروط الأمانة من حيث قيامهم بشراء شراع ومن ثم يقومون ببسطه وبيع الفاكهة في أي مكان بل يقوم بعضهم ببيعها مكشوفة. مطاعم مخالفة وخلال الجولة تم الدخول للشوارع والازقة التي بها مطاعم، حيث الزحام الشديد، والأسماك الموضوعة على الأرض أو بجانب صنابير المياه ووضع مواد غريبة بداخل (قدور) متسخة. وبين إسلام محمد أن جولات البلدية تعتبر نادرة على المطابخ البنجالية والهندية والباكستانية، إضافة إلى عدم اكتراث زبائن المطعم إلا بطعم الوجبة. وقال نصير الدين فات: إن أبرز ما يتم طبخه هو إيدام السمك ووجبة النهاري التي يبلغ سعر الطبق منها بـ18 ريالا والسمك المقلي والجمبري، مضيفًا أن سعر الكيلو من السمك بمختلف أنواعه هو 60 ريالا ويتم طبخه منذ الساعات الأولى من الصباح الباكر وبيعه بعد صلاة العصر مباشرة وحتى الساعة 9 مساءً. وأضاف فات: «يوم الجمعة من الأيام التي نجتهد بالبيع بها إذ أن دخل المطعم في ذات اليوم يتراوح ما بين 1500 و2500 ريال، أما بقية الأيام لا يتجاوز الربح لـ1000 ريال. وفي زاوية التمور بالسوق يقول علي الشاوي من الجنسية اليمنية: «إنني في بداية الأمر تخوفت من البيع بداخل أسواق الجالية البنجالية ولم أجد إلا نشاط بيع التمور وبالأخص تمر العجوة وبعد التسويق بالصوت المرتفع ممزوج ببعض اللغة البنجالية فوجئت بالربح الذي يصل إلى 300 ريال من الساعة 4 عصرًا وحتى 7 مساءً. المزيد من الصور :