سجل الاقتصاد الياباني خلال الربعين الماضيين، تعافياً من الصدمة التي أثارها رفع حكومة شينزو آبي الضريبة المطبقة منذ نيسان (أبريل) 2014، إذ كانت تداعيات هذا القرار حادة وتسببت بتراجع معدلات النمو السنوي من 2.1 إلى - 1.4 في المئة. ولكن، سرعان ما استأنف النمو مساره على أساس فصلي، مدفوعاً بالاستهلاك الخاص والصادرات. واعتبر الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» جوردي روف في تقرير أن «هذه التحسينات لم تسر في شكل سلس، إذ واصل نمو الاستثمارات، التي تضررت بشدة خلال الفترة ذاتها، تراجعه بعد الربعين اللذين تليا تطبيق رفع الضريبة، ولكن في شكل عام، ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع عام 2014 إلى - 0.7 في المئة سنوياً، في تحسن ملحوظ نظراً إلى أثر زيادة الضريبة. وأضاف: «أما المؤشرات الأخرى، فتدل على نظرة مستقبلية إيجابية معتدلة على المدى القصير، بينما يحوم بعض الشكوك حول المستقبل، في حين أن المؤشرات المرتبطة بالاستهلاك كانت ضعيفة في كانون الثاني (يناير) الماضي وتشكل تهديداً للتعافي المعتمد على الاستهلاك والصادرات في اليابان. أما نمو الإنفاق السنوي للأسر، فانخفض في كانون الثاني إلى - 2.9 في المئة، كما تراجعت مبيعات التجزئة إلى - 2 في المئة». ولفت روف إلى أن «الأداء السيئ لهذه المؤشرات في مطلع السنة ترافق مع ارتفاع طفيف في معدلات البطالة بلغ 0.2 في المئة، ما قد يفسر مستويات المؤشرات، كما أن مستويات الأجور التي شهدت انكماشاً لعامين تقريباً، تعطي فكرة واضحة عن نقاط الضعف الرئيسية الكامنة وراء الاستهلاك في اليابان باعتباره مصدراً للنمو، وتشير إلى أن ضعف القراءات في مطلع السنة قد لا تكون موقتاً. ولكن مع ذلك، تظهر بوادر ازدهار في قطاعات محددة». وأشار إلى أن «الإنتاج الصناعي تعافى من الآثار السلبية لرفع الضريبة، وارتفع من 95 نقطة إلى 102.6 نقطة، على رغم أن هذا المعدل أقل مقارنة بالعام الماضي. وتعزز القراءات الإيجابية للقطاع الصناعي، أرقام مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي الذي بقي فوق 50 نقطة في كانون الثاني وشباط (فبراير) الماضيين، وسجل المكون الثانوي للناتج مستويات نمو مرتفعة، أما تراجع قيمة الين، فواصل دعمه للصناعة اليابانية من خلال تعزيز الطلب الخارجي». وأوضح روف أن «هشاشة الاقتصاد الياباني تنطوي في إنفاق الأسر وليس في قطاعي الصناعة والشركات»، مشيراً إلى أن «آبي كان ناشد الشركات زيادة تعويضات الموظفين بهدف معالجة هذا التهديد للاستهلاك، وتجنب انتشار تداعيات ذلك إلى القطاع الصناعي». وسيساهم قرار آبي تأجيل رفع الضريبة للمرة الثانية لمدة 18 شهراً، والذي كان مقرراً في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، في منع أي صدمة أخرى على المدى القصير، ويؤجل مساعي الدمج، ما يشير إلى أن الإنفاق الحكومي لن يكون عائقاً في الوقت الحاضر. أما الدراسة الصادرة عن مراقبي المؤشرات الاقتصادية في اليابان، فعكست نقاط الضعف الحالية في إنفاق الأسر، لكنها تشير إلى تحسن متوقع في ظروف السوق. أما تأجيل رفع الضريبة وتعويضات الموظفين المرتفعة والمتوقعة، إلى جانب أسعار الوقود المتاحة، فسيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد. وإذا تجسدت هذه التوقعات، وطُبقت الإصلاحات تدريجاً وفي وقتها المناسب في كل القطاعات، باستثناء الزراعة، خصوصاً في سوق العمل وحوكمة الشركات، والطاقة، بهدف إحياء الاستثمارات، وهذا الطريق الذي تسلكه اليابان، فسيؤديان إلى التعافي في المستقبل القريب.