قررت الحكومة الفلسطينية موازنة طوارئ للعام الحالي، في ظل استمرار إسرائيل باحتجاز أموال الضرائب الفلسطينية، والتي ناهزت 300 مليون دولار حتى الشهر الحالي، وتسببت في أزمة مالية للحكومة لم تستطع معها الوفاء بالتزاماتها. وقالت الحكومة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «نظرا لاستمرار حجز أموال المقاصة حتى تاريخه، وقرب انتهاء الفترة القانونية التي تسمح للحكومة بالصرف حسب 1/12 من موازنة العام السابق، واستنادا إلى المادة 4 من قانون 1998 بشأن تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية، فإنه أقر العمل بموازنة الطوارئ». ويبدأ العمل بالموازنة من الأول من أبريل (نيسان) المقبل، وتأخذ بالاعتبار «الاستمرار في ترشيد النفقات، وزيادة الإيرادات، والالتزام بعدم تجاوز السقوف النقدية، والنسب (الحصيفة) للاقتراض من البنوك». وجاء في بيان الحكومة أن إعداد مشروع القانون «يأتي في ظل ظروف صعبة ومُعقدة تُعاني فيها الخزينة العامة من أزمة مالية خانقة، تُلقي بظلالها الثقيلة على قدرة الحكومة على الاستجابة للاستحقاقات المطلوبة منها على كل الأصعدة، جرّاء غموض موارد السلطة الوطنية نتيجة القرار الإسرائيلي باستمرار حجز إيرادات المقاصة، التي تشكل 70 في المائة من الإيرادات، وعدم الالتزام بتحويل الأموال التي تعهدت بها الدول في مؤتمر القاهرة، إضافة إلى عدم الالتزام بتفعيل شبكة الأمان المالية العربية، وغيرها من الالتزامات التي تعهدت بها الدول العربية الشقيقة خلال القمم العربية، إضافة إلى الصناديق التي أنشئت من أجل القدس». واضطرت الحكومة إلى هذا الإجراء لأن القانون الفلسطيني الأساسي ينص على إقرار الموازنة العامة للحكومة الفلسطينية قبل حلول 31 مارس (آذار) من كل عام. وفي هذا الإطار أكد وزير المالية شكري بشارة على أنه فور انفراج الأزمة المالية سيتم تقديم موازنة تكميلية بقانون موازنة معدل للعام 2015. وكانت الحكومة الفلسطينية أقرت العام الماضي موازنة بـ4.2 مليار دولار، ووصل العجز فيها إلى نحو 1.3 مليار دولار. ولم تستطع وضع موازنة عامة بسبب استمرار احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية منذ 3 شهور، وهو الأمر الذي لم تستطع معه دفع كامل رواتب موظفيها. وتحتاج السلطة الفلسطينية شهريا إلى نحو 170 مليون دولار لدفع رواتب 175 ألف موظف مدني وعسكري، وإلى مبلغ مماثل لتسديد الخدمات الأخرى. وتؤمن السلطة الرواتب من خلال المستحقات التي تحولها إسرائيل، وأيضا من خلال جمع ضرائب مباشرة من الفلسطينيين، كما تتلقى مساعدات أخرى أوروبية وأميركية وعربية لتسيير شؤونها الأخرى. وخلال السنة المالية الماضية بلغ إجمالي قيمة فاتورة الرواتب نحو 1.92 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي نفقات الحكومة الفلسطينية خلال الفترة نفسها نحو 3.7 مليار دولار، أي ما نسبته 54 في المائة من الميزانية. وقالت الحكومة إن موازنة الطوارئ «ترتكز على التقنين النقدي، وفقا للإمكانيات المالية المتاحة، والالتزام باستمرار صرف الرواتب كاملة لمن يبلغ راتبه ألفي شيقل فما دون، وصرف 60 في المائة لمن يزيد راتبه على ألفي شيقل، إضافة إلى صرف النفقات التشغيلية للوزارات والمؤسسات، على أساس الصرف النقدي بنسبة 50 في المائة مما تم صرفه عام 2014، والالتزام بالتحويلات الاجتماعية للعائلات دون خط الفقر والمهمشة، وسداد جزء من متأخرات القطاع الخاص، لضمان استمرار العجلة الاقتصادية». وأعلنت الحكومة أنها رصدت مبلغ 800 مليون دولار أميركي لإعادة إعمار قطاع غزة، و300 مليون دولار للمشاريع التطويرية الاعتيادية، ستتم تغطيتها من الدول المانحة، بالإضافة إلى مبلغ 20 مليون دولار من الخزينة العامة. وقال أمين مقبول، القيادي في حركة فتح، إن اجتماعا سيعقد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير غدا الخميس، لبحث تنفيذ وقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، إلى جانب قرارات أخرى اتخذاها المجلس المركزي بداية الشهر الحالي. ويتوقف شكل وسرعة تنفيذ القرارات على نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي ستظهر بشكل نهائي اليوم. ولذلك تأمل السلطة الفلسطينية بتغيير المشهد السياسي في إسرائيل بعد الانتخابات، بما يتيح تجديد العملية السلمية والإفراج عن الأموال المحتجزة.