يقع متحف التراث السرياني ببلدة عنكاوا في محافظة أربيل بـإقليم كردستان العراق ويضم عشرات القطع والمجموعات التراثية التي تعبّر عن عمق حضارة الشعب الآشوري. ويشكل المتحف الذي افتتح في أبريل/نيسان 2011، حلقة امتداد لتاريخ يواجه شبح الفناء، وربما مستقبلا مجهولا بالنسبة لأناس فضلوا الهجرة وتركوا موطن أسلافهم. وحسب مديره فاروق حنا عتو، يتألف المتحف من ثلاث قاعات رئيسية، تضم الأولى أقساما للأزياء والمنسوجات والمواد المنزلية والزراعية والمعدنية والخشبية والحجرية وغيرها. وتحتوي القاعة الثانية على صور لرواد النهضة الفكرية والثقافية السريانية، إلى جانب شخصيات تركت بصمتها على المسرح والموسيقى. كما تضم نسخا من الصحف والمجلات القديمة وبعض الوثائق التي صدرت وكتبت قبل عشرات السنين. أما القاعة الثالثة فقد تم تخصيصها للنشاطات الثقافية والفنية والتراثية، في حين تعرض في مدخل المبنى ملامح عن التاريخ الاجتماعي للسريان وتراث مجتمعات القرى الزراعية وطبيعة الحياة فيها والحرف الشعبية. ويؤكد عتو للجزيرة نت أن إدارة المتحف أنشأت خمس ورش للخياطة والحياكة والتطريز والإكسسوارات والمواد الطينية والصيانة، وذلك بهدف إعادة تأهيل المقتنيات والتحف. مراحل التطور ونوهت مسؤولة القسم الفني للمتحف هيوي رمزي إلى أن غالبية المقتنيات توضح مراحل التطور الحضاري التي شهدتها القرى والمدن العراقية ذات الغالبية المسيحية وخاصة في إقليم كردستان العراق، ومناطق سهل نينوى خلال قرن ونصف القرن. وقالت للجزيرة نت إن أغلب هذه المقتنيات تعود لمنطقة سهل نينوى الممتدة من أربيل إلى الموصل وأكثرها تم إهداؤها من قبل السكان المحليين، بعد أن عثروا عليها في البيوت القديمة أو حقول المزارع. وشددت على أن المتحف في الغالب يقوم بأعمال الصيانة لبعض المقتنيات التي تم الحصول عليها أثناء التنقيبات لحمايتها من التلف، وأحيانا يعيد صناعة مواد تراثية للمشاركة في المهرجانات المحلية والدولية لمنع خروج النسخ الأصلية. ويرى سركيس شامايا -وهو عراقي مسيحي من بلدة عنكاوا- أن المتحف يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمسيحيين كي يتعرفوا على ثقافتهم وتراثهم الذي يحاول بعض المتنفذين في المنطقة اقتناصه. شخصيات ومحطات وقال للجزيرة نت إنه يتفقد أجنحة المتحف التي تمثل كل قرية وقصبة في المنطقة ذات الغالبية المسيحية، ويطالع الأرشيف الورقي والفوتوغرافي والسمعي والمرئي لأبرز المحطات والشخصيات والمناسبات في التاريخ السرياني. ويضيف أن زيارة المعرض تجعله يفتخر بحضارة وثقافة شعبه ويعدل عن فكرة الهجرة التي يطمح إليها المسيحيون في العراق. وتدعو الناشطة لقاء صباح لحماية المناطق الأثرية والتراثية لمسيحيي العراق بعد أن هاجر كثير منهم بسبب الظرف الأمني والتغيير الديمغرافي. وتضيف صباح -وهي مسيحية- أن مقتنيات المتحف والأثار الغنية الممتدة من أقصى البلاد إلى أقصاها تعكس ثراء وعمق تاريخ وحضارة الشعب السرياني.