عندما ينظر شخص إلى صورة لمجرة درب التبانة فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه أنها تبدو كالقرص المستوي، لكن هذه النظرة ستزول للأبد بعد الاكتشاف الأخير لعلماء الفيزياء الفلكية الذي بيَّن أن مجرتنا متموجة وربما أكبر بكثير مما يعتقد. فقد توصل هؤلاء العلماء إلى أن لمجرة درب التبانة أربعة تموجات على الأقل،مما يجعلها -حسب وصفهم-تبدو كقطعة من الورق المقوى المموج أكثر منها كدائرة شبه مسطحة. وهذه الأشكال الثلاثية الأبعاد للمجرة لا تُظهر فقط أنها أكثر تعقيدا مما يعتقد حاليا، وإنما أكبر أيضا بنحو 50%، وذلك على افتراض أنه لا توجد فيها تموجات خفية قد تجعل حجم المجرة أكبر من ذلك بكثير. واستخدم العلماء بيانات جمعها منظارالمسح الرقمي للسماء "سلون ديجيتال سكاي سيرفي" التابع لمرصد "أباتشي بوينت أوبزيرفاتوري" في ولاية نيومكسيكو الأميركية، لتحليل إضاءة وبُعد النجوم على حافة المجرة. وتبين لهم أن هامش قرص المجرة مجعد على شكل تلال وأخاديد من النجوم، بما يشبه قطعة الورق المقوى المموجة. وقالت الفلكية هايدي نيوبيرغ، من معهد "رينسيلير بوليتكنيك" في نيويورك، إن تلك الأنماط من التموجات ربما كانت تتبع البنية الحلزونية لمجرة درب التبانة، واشتبهت هي وزملاؤها بأن مجرة قزمة ربما اقتربت من قرص درب التبانة مسببة التموجات مثل حصاة تسقط في بركة. والأدلة على أن ما تسمى "حلقة وحيد القرن" التي تبعد نحو 65 ألف سنة ضوئية عن مركز المجرة، ربما تكون جزءا من مجرة درب التبانة، أدهشت نيوبيرغ وفريقها الذي اكتشف تلك الحلقة عام 2002. وقالت نيوبيرغ "كنا نعتقد أن تلك الحلقة هي امتداد من حطام مجرة قزمة اقتربت ونشرت نجومها في شكل هذه الحلقة الكبيرة"، مضيفة أنه لأكثر من عقد كان هناك جدل في هذا المجال حيث يعتقد نصف علماء الفلك أنها دفق من المد النجمي لمجرة أخرى، في حين يعتقد النصف الآخر أن لها صلة بقرص درب التبانة، "وأنا كنت من النصف الأول". وضمُّ هذه الحلقة إلى خريطة درب التبانة يجعل قطر مجرتنا يمتد من مائة ألف سنة ضوئية إلى 150 ألف سنة ضوئية، حسب عالم الفلك يان شو من مرصد الفلك الوطني الصيني وعالم زائر لمعهد رينسيلير. يسافر الضوء بسرعة 300 ألف كيلومتر/الثانية، وعلى ذلك فإن السنة الضوئية تعادل من المسافة تقريبا 9.46 تريليونات كيلومتر.