حض الرئيس الأميركي باراك أوباما خصومه على وقف اللجوء إلى أزمات تضر بالولايات المتحدة كما قال، داعياً الكونغرس إلى التفاهم حول موازنة على المدى الطويل وإصلاح الهجرة. وقال في كلمة وجهها من البيت الأبيض إن «سوء الأداء السياسي يشجع أعداءنا ويضعف أصدقاءنا». واعتبر الرئيس الأميركي أنه لا يوجد «أي رابح» على أثر الأزمة السياسية حول الموازنة والمديونية التي أصابت الدولة الفيديرالية بالشلل طيلة أكثر من أسبوعين. وغداة الاتفاق في الكونغرس الذي أبعد موقتاً شبح تخلف الولايات المتحدة عن السداد، دعا الرئيس الديموقراطي إلى وقف الصراعات والتصويت على موازنة على المدى البعيد لإعطاء المزيد من «الثقة» للمتعاملين الاقتصاديين. لكن شلل الإدارات الفيديرالية الأميركية سيترك تداعيات على الاقتصاد. وبحسب وكالة «ستاندارد أند بورز» للتصنيف الائتماني، فان الشلل سيكلف النمو الاقتصادي الأميركي 0.6 نقطة مئوية في الربع الأخير من العام، أي ما يعادل خسارة 24 بليون دولار من الثروة المنتجة. وقال الرئيس الأميركي أيضاً بعد 16 يوماً من شلل الدولة الفيديرالية «لنكن واضحين، لا يوجد أي رابح هنا. الأسابيع الأخيرة ألحقت باقتصادنا ضرراً من دون أي مقابل». وأضاف أوباما: «لا يوجد شيء على الأرجح يضر باقتصادنا ومصداقيتنا في العالم سوى المشهد الذي عشناه في الأسابيع الأخيرة». وكان أوباما وقع صباح أول من أمس القانون الذي جرى التصويت عليه في اللحظة الأخيرة في الكونغرس الأميركي لرفع سقف الدين العام الأميركي، ما شكل خاتمة لأخطر أزمة سياسية أثناء ولايته الثانية. لكن الحل الموقت الذي تم التوصل إليه يثير الخشية من مواجهات جديدة بين الجمهوريين وأوباما الذي لا يزال يسعى إلى تحقيق نجاحات تشريعية في ولايته الثانية. وطلب أوباما من خصومه التخلي عن «استراتيجية الأوضاع الحرجة» التي تهدد الاقتصاد وتزعزع ثقة الأميركيين في حكومتهم، كما قال. وبشكل أكثر تحديداً، طلب أوباما من النواب الجمهوريين في مجلس النواب أن ينكبوا على إصلاح قانون الهجرة الذي تبناه هذا الصيف مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الديموقراطيون. وتطرق أيضاً إلى ضرورة تبني قانون حول الزراعة، وهو مجمد أيضاً. وأقر مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب على التوالي مساء الأربعاء وبغالبية واسعة قانون التسوية الذي أعلن عنه قبل بضع ساعات بعد مفاوضات مكثفة وأسابيع من الخلافات النيابية. وتسمح هذه التسوية للخزانة بالاقتراض حتى 7 شباط (فبراير) وتتيح تمويل الدولة الفيديرالية حتى 15 كانون الثاني (يناير). كما طلب من كافة الموظفين الفيديراليين الذين وضعوا في إجازة من دون راتب منذ 16 يوماً بسبب أزمة الموازنة، العودة إلى العمل اعتباراً من صباح أول من أمس. وستدفع لهم رواتبهم مع مفعول رجعي. لكن هذه التسوية تبقى موقتة لأنها تتيح بضعة أشهر فقط أمام الفريقين للتوفيق بين مواقفهما في شأن الموازنة. وستدعى لجنة من المجلسين لتضع قبل 13 كانون الأول (ديسمبر) أطر موازنة للأشهر المتبقية من العام 2014. إلا أن أعضاء الكونغرس المنقسمين بين ديموقراطيين وجمهوريين أبدوا حتى الآن عجزهم عن إيجاد أرضية تفاهم. وبعد قرابة عام على إعادة انتخابه، تبقى الحصيلة التشريعية للرئيس الأميركي هزيلة بسبب عدم تعاون الجمهوريين. وهؤلاء الذين منيوا بنكسة كبيرة مع رئيس مجلس النواب جون باينر الذي طالب خلال أسابيع السلطة التنفيذية بتقديم تنازلات، وبخاصة في شأن النفقات الاجتماعية قبل أي تصويت على الموازنة، لا يزالون مناهضين لأي زيادة على الضرائب سواء عبر زيادة السحوب من الأكثر يسراً أو إلغاء الملاذات الضريبية. وقد جمد المحافظون في الأشهر الأخيرة كل الأعمال التشريعية المهمة لأوباما أي إصلاح قانون الضريبة أو وضع إطار صارم لحركة نقل الأسلحة النارية. وقبل أوباما، أقر نائب الرئيس جو بايدن الذي رحب صباح الخميس بموظفي وكالة حماية البيئة العائدين إلى وظائفهم، بأنه لم يتم تحقيق عهد جديد من التعاون. وقال بايدن: «لا توجد أي ضمانة. لكني أعتقد أن عدداً من الديموقراطيين وعدداً كبيراً من الجمهوريين قالوا مساء أول من أمس كفى. لم يكن هناك أي تبرير اقتصادي» لهذه الأزمة. وأضاف: «آمل أن يكون الجميع استخلصوا العبر». وألغت الحكومة الأميركية تقريرها الشهري عن إنتاج الحبوب والقطن أول من أمس للمرة الأولى منذ بدء إصداره عام 1866 وقالت إنها لن تصدر تقديرات للمحاصيل الأميركية أو العالمية قبل أوائل تشرين الثاني (نوفمبر). ويعني إلغاء تقرير تشرين الأول (أكتوبر) أن التقديرات الجديدة للمحاصيل الأميركية ستصدر في الثامن من تشرين الثاني. وهذا التقرير وما يصاحبه من بيانات عن المحاصيل في أنحاء العالم هو التقرير الرئيس لوزارة الزراعة الأميركية. والتقرير هو أكبر ضحية لإغلاق استمر 17 يوماً لمؤسسات حكومية كثيرة في الولايات المتحدة. وقد بحث المسؤولون اليوم أيضاً إمكانية إصدار تقرير متأخر عن معدل التضخم. وانخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة الأسبوع الماضي من أعلى مستوى في ستة أشهر لكنه ظل مرتفعاً لأن ولاية كاليفورنيا ما زالت متأخرة في إنجاز بعض الطلبات بسبب خلل بأجهزة الكومبيوتر. وأفادت وزارة العمل بأن الطلبات الجديدة لإعانة البطالة انخفضت 15 ألفاً إلى 358 ألفاً بعد تعديل لأخذ العوامل الموسمية في الحسبان. وكان اقتصاديون قد توقعوا في استطلاع أجرته وكالة «رويترز» انخفاض العدد إلى 335 ألفاً. وقال محلل في وزارة العمل إن الطلبات في كاليفورنيا - التي تعرضت لمشاكل فنية خلال تحديث أجهزة الكومبيوتر، ظلت عند المستويات التي سجلتها في الأسبوع السابق.