توقعت مصادر في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" حدوث تباطؤ في إمدادات النفط من خارج المنظمة خلال السنوات القليلة المقبلة، مرجحة أن توفر "أوبك" مزيدا من الإمدادات الإضافية بحلول 2018. وقالت لـ «الاقتصادية»:"إن إمدادات "أوبك" ستزيد 11 مليون برميل يوميا بين 2018 و2035 بينما في المقابل الإمدادات الإضافية من الدول خارج المنظمة لن تزيد على ثلاثة ملايين برميل يوميا عن نفس الفترة". وأوضحت أن الفترة المقبلة ستشهد تزايد الحاجة إلى تنامي الاستثمارات من "أوبك" وخارجها ليس فقط لإضافة إنتاج جديد ولكن أيضا للحفاظ على القدرات الحالية للمنتجين الرئيسيين. ولفتت المنظمة إلى أن استثمارات أعضائها النفطية مستمرة في السنوات المقبلة مهما كان تأثير المتغيرات السياسية أو تراجع أسعار النفط الخام أو تباطؤ وانكماش الاقتصاد العالمي. وقالت مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول "إن هناك قناعة بأن منطقة الشرق الأوسط ستظل المحور الرئيسي لإمدادات النفط العالمية وتتمتع بأفضلية في تلبية التوسع في الطلب وتنامي الاستهلاك القادم من آسيا". من جانبهم قال مختصون نفطيون "إن هناك عددا من العوامل الإيجابية سيطغى على السوق في الفترة المقبلة ويدفع نحو ارتفاع الأسعار، منها توقعات بتنسيق وتعاون أوسع بين منتجي "أوبك" والمنتجين من خارجها فى مقدمتهم روسيا، وذلك قبل الاجتماعات الوزارية المرتقبة لمنظمة "أوبك" في فيينا حزيران (يونيو)". وأشار المختصون إلى أن مؤشرات اقتصادية صادرة من ألمانيا تؤكد تحسن مستوى النمو في الاتحاد الأوروبي وارتفاع مستوى الطلب على الطاقة ويجيء ذلك بالتزامن مع تزايد الحفارات النفطية المتوقفة في الولايات المتحدة وهو ما ينبئ بتقلص المعروض العالمي. وقال لـ "الاقتصادية" المحلل النفطي رون بجرنسون "إن التنسيق والتعاون بين المنتجين خاصة الكبار سيسهم في التعجيل باستقرار السوق، وإن انخفاض الأسعار بدون شك في مصلحة الدول المستهلكة، لكن المرحلة الحالية التي تتسم بالتقلبات السعرية ليست في مصلحة استقرار السوق وتؤدى إلى نشاط المضاربات". وأضاف أن "الفترة المقبلة ستشهد انتعاشا لمنتجي النفط التقليدي بسبب تأثر النفط الصخري ومعاناته نتيجة الانخفاضات السعرية الحادة". كما قال لـ "الاقتصادية" فالنتين بومينوف المختص النفطي الروسي "إن الاقتصاد الروسي يواجه تحديات كبيرة في ظل الظروف الحالية للسوق التي ما زالت منخفضة ولا تلبي احتياجات الإنفاق العام في البلاد". وأوضح أن الاقتصاد الروسي واجه انكماشا حادا في الأشهر القليلة الماضية متضررا من انهيار في أسعار النفط ومن العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو بسبب أزمة أوكرانيا. وأظهرت الوثيقة الفصلية للسياسة النقدية التي تتضمن أحدث توقعات البنك المركزي للاقتصاد الكلي توقعا بهبوط احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية بمقدار 50 مليار دولار في 2015 وأن تستقر في 2016. وقال "إن ارتفاع المخزونات الأمريكية إلى مستويات قياسية أسهم في تراجع الأسعار واستمرار تأرجح السوق" مشيرا إلى تزايد تخمة المعروض العالمي نظرا لمحدودية تباطؤ إنتاج النفط في الولايات المتحدة، موضحا أن الطاقة الاحتياطية لتخزين الخام في الولايات المتحدة قد تنفد قريبا، ما يفرض ضغوطا نزولية إضافية على الأسعار. وبحسب تقارير وكالة الطاقة الدولية فإن تلك العملية ستستمر حتى النصف الثاني من 2015 على الأقل حيث من المتوقع أن يبدأ انحسار نمو إنتاج النفط الأمريكي في ذلك الحين. وأوضح بومينوف أن مسار السوق يتجه حاليا لمصلحة المنتجين التقليديين ويؤكد صدق توقعات "أوبك" حيث تؤكد تقارير وكالة الطاقة أن التباطؤ المتوقع للإنتاج الأمريكي بجانب ارتفاع الطلب العالمي سيعطي دعما لأسعار النفط ومتنفسا لدول منظمة "أوبك". وبالنسبة للاستثمارات النفطية فما زالت تواجه صعوبات في ضوء الأسعار الحالية كما قال، وهو ما يدفعها إلى تأجيل خططها الاستثمارية وإعادة هيكلة بنائها الإداري. وقال لـ "الاقتصادية" مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية أوسكار أنديسنر "إن استقرار السوق مرهون بالقضاء على كل الأنشطة والأعمال التجارية غير المشروعة لأنها تضعف الثقة باقتصاديات الدول المنتجة وتحد من الاستثمارات المستقبلية لديها". وأعلنت المؤسسة الليبية للنفط قيام بعض من وصفتهم بـ "الوسطاء والسماسرة" غير معروفي التوجه بعرض كميات من النفط الخام الليبي للبيع بطريقة غير شرعية في السوق النفطية. وقال "إن هناك حاجة إلى تكثيف الجهود لتأمين الحقول والموانئ النفطية بعد تزايد التهديدات التي تطلقها التنظيمات الإرهابية ضد عديد من حقول النفط والعاملين فيها حتى في بعض الدول المنتجة المستقرة". وأكد أن القضاء على بؤر التوتر السياسي خاصة في العراق وليبيا أصبح أمرا ملحا لتعافي الإنتاج في الشرق الأوسط، واستقرار سوق النفط بشكل عام.