أَفَادَتْنِي الْقَنَاعَةُ كُلَّ عِــــزٍّ وَأَيُّ غِنًى أَعَزُّ مِنْ الْقَنَــاعَةْ فَصَيِّرْهَا لِنَفْسِك رَأْسَ مَالٍ وَصَيِّرْ بَعْدَهَا التَّقْوَى بِضَاعَةْ تَحَرَّزْ حِينَ تَغْنَى عَنْ بِخَيْلٍ وَتَنَعَّمْ فِي الْجِنَانِ بِصَبْرِ سَاعَةْ رائعة من الروائع تُنسب لـ «أبي تُراب» رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصِهْره ومَنْ افتداه بنفسه عند الهجرة، ورابع الخلفاء الراشدين، ومن قال عنه عليه الصلاة والسلام يوم خيبر: ((لأعطيَّن الرَّاية رجلاً يُحب الله ورسوله، ويُحبَّه الله ورسوله، ويفتحُ الله على يديه))، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (فما أحببتُ الإمارة قبل يومئذٍ)، قال: فدعا علياً فدفعها إليه))، وفي قصة تسمية علي بن أبي طالب بأبي تُراب فوائد جميلة لكل أب أكرمه الله بتزويج بناته لرجال صالحين، وليت الجميع يطَّلعُ عليها ويعيها بكافة حواسه. في اعتقادي أن القناعة رزق مثلها مثل كل نِعمة يُرزقها المرء دون إرادة منه، ثم يُنميها في ذاته -إن أراد - بحسب نظرته للحياة، ولذلك وجَّهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: (انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم) رواه مسلم. وقال ابن سعدان: تقنَّع بما يكفيك والتمس الرِّضا فإنَّك لا تدري أتُصْبِحَ أمْ تُمسِي فليس الغِنَى عن كَثْرة المال إنَّما يكون الغِنَى والفَقْر من قبل النفس في الكلمة الضافية والخطاب السامي الذي خاطب به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- شعبه مساء أمس الأول، وما لمسناه من حرصه على الوطن وأمنه واستقراره ، واهتمامه بالمواطن وما يقدم له من خدمات ما يُذكِّرنا بقول الحق تبارك وتعالى: ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)) سورة النحل-18. فبرغم كل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما تتناقله الألسن في المجالس من مثالب وقصور في الخدمات، يبقى ما نتمتع به من رفاهية وخيرات مثار حسد أو غبطة -في أحسن الأحوال- لدى الكثير من الشعوب المحيطة بنا، فهلا حمدنا وشكرنا المنعم عز وجل على هذه النِّعم لتتزايد عملاً بقول الحق تبارك وتعالى ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)) سورة إبراهيم -7. وقال إبراهيم بن المدبر: إنَّ القَنَاعةَ والعَفَــاف ليُغْنِيَانِ عَنِ الغِــــنَى فإذَا صَبَرتَ عَنِ المُنَى فاشْكُرْ فَقَدْ نِلْتَ المُنَى يقول علماء النَّفس: إن آخر خمس وأربعين دقيقة قبل النوم هي أهم الدقائق في حياة كل إنسان لأن العقل الباطن يعمل خلال النوم بما كان يُشغل نفسه به قبل النوم، لذا فلنجعلها جميعاً لحظات إيجابية نستشعر بها نِعَم الله علينا لتغمرنا السعادة ويحدونا الأمل لكل ما يحمله الغد من جمال، ولنتذكر دائماً وأبداً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري وصححه الألباني: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). قبل الوداع: سألتني: مِنْ أصدق ما قرأتِ؟ فقلت: ما ورد عن الإمام أحمد بن حنبل أنه سأل حاتم بن الأصم -وكان من الحكماء- كيف السبيل إلى السلامة من النَّاس؟ فأجاب: تُعطيهم مالك ولا تأخذ من مالهم، ويُؤذونك ولا تُؤذيهم، وتقضي مصالحهم ولا تُكلِّفهم بقضاء مصالحك، فقال أحمد: إنَّها صعبة يا حاتم؟ فأجاب: ولَيتك تَسْلَم. وكما قال أبو العتاهية: أجلَّك قومٌ حين صِرْتَ إلى الغِنَى وكلُّ غنيٍّ في العُيُون جَلِيلُ رئيسة قسم العلاقات العامة والإعلام الاجتماعي النسائي بالمنطقة الشرقية