قال لـ"الاقتصادية"، مختصون نفطيون، إن رفع السعودية لأسعار بيع الخام في أسواق آسيا يعكس الثقة في تعافي الطلب على النفط، مشيرين إلى أن السوق ما زالت تتأرجح بين الصعود والهبوط بسبب تداخل عوامل تدفع للارتفاع تارة والهبوط تارة أخرى، مؤكدين أن تراجع أسعار النفط سيحقق وفورات مالية للدول المستهلكة للنفط بنحو 500 مليار دولار في 2015. وأوضح لـ"الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن الفرصة ما زالت مواتية لدول الاستهلاك للاستفادة من أسعار منخفضة وملائمة للطاقة، حيث ما زال السوق يتأرجح بين الصعود والهبوط بسبب تداخل عوامل متعارضة تدفع إلى الارتفاع وأخرى تدفع إلى الهبوط. وأشار ديبيش إلى أهمية إسراع أسواق الاستهلاك ومستوردي الطاقة في ترجمة الوفورات في الواردات إلى رفع معدلات التنمية موضحا أن تقديرات معهد "بيترسون للاقتصاد الدولي"، أكدت أن تراجع أسعار النفط سيحقق توفيرا ماليا للدول المستوردة للنفط بنحو 500 مليار دولار. وأضاف ديبيش أن المعهد أجرى هذه الحسابات في ضوء توقعاته باستمرار التراجع لسنوات متتالية، حيث اشترط المعهد في تقديراته لتحقيق هذا الربح المالي استمرارية أسعار النفط ضمن مستوياتها المنخفضة خلال عام 2015 بينما تذهب توقعات الكثيرين إلى تحسن كبير في الأسعار خلال النصف الثاني من العام الجاري. وأوضح ديبيش أن عودة الأسعار إلى الارتفاع ستعوض بعض من خسائر المنتجين إلا أن معاودة أسعار النفط نحو الارتفاع ستشكل تحديا لجميع منتجي النفط التقليدي، حيث إن تراجع الأسعار تسبب في خفض إنفاق الشركات على مشاريع التنقيب وتسريح أعداد كبيرة من العمال في بعض الشركات، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار سيجعل الشركات تعيد الحسابات من جديد وربما تقدم على تنفيذ بعض الاستثمارات التي جمدتها بسبب انخفاض الأسعار. ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور إبراهيم عزت رجل الأعمال المقيم في النمسا أن انخفاض أسعار النفط فرصة جيدة للاهتمام بالصناعات المرتبطة بالنفط باعتبارها عالية الربحية وتعوض بعضا من خسائر تجارة الخام، كما أنها أصبحت ضرورة لتنويع الموارد الاقتصادية بالنسبة للمنتجين وعدم الاعتماد فقط على تصدير الخام. وأضاف عزت أن أسعار البتروكيماويات تراجعت ما بين 25 إلى 30 في المائة نتيجة وضع الاقتصاد العالمي وهبوط أسعار النفط موضحا أن هناك تحسنا متوقعا خلال الفترة المقبلة في أسعار منتجات البتروكيماويات، حيث بدأت الأسعار في صعود واضح مع ارتفاع أسعار النفط لافتا إلى أهمية دعم قطاع البتروكيماويات والتركيز على زيادة الاستثمارات به خاصة في ضوء انخفاض تكلفة مدخلات الإنتاج. وأشاد عزت بقرار السعودية رفع أسعار تصدير الخام إلي آسيا موضحا أن الرياض اتسمت سياساتها البيعية بالمرونة ومواكبة متغيرات السوق وسبق أن قامت بتخفيضات متتالية في أسعار البيع بسبب وفرة المعروض والمنافسة مع بقية المنتجين، مؤكدا أن رفع الأسعار يعكس زيادة الطلب على النفط السعودي ويتواكب مع اتجاه الأسعار إلى الزيادة. وأشار عزت إلى أن السوق تسوده حاليا توقعات بتراجع معروض النفط العالمي بسبب تقلص الإنتاج الأمريكي واضطراب الإنتاج في ليبيا وهو ما يدعم اتجاه الأسعار لمعاودة الارتفاع بقوة. وأوضح لـ "الاقتصادية"، بيوتر فدوفنسكي المحلل البولندي، أن انخفاض أسعار النفط أدى إلى مراجعة الكثير من الدول والشركات العالمية لميزانياتها للتأقلم مع أوضاع اقتصادية جديدة قد تستمر بعض الوقت وتقوم على توافر النفط بأسعار رخيصة غير مسبوقة. وقال فدوفنسكي أن دول أوبك تعاملت مع الأزمة برؤية ثاقبة والأمر ليس فقط قاصرا على المنتجين الكبار، مشيرا إلى إشادة صندوق النقد الدولي بقيام أنجولا بإعادة النظر في ميزانية الدولة على خلفية تراجع أسعار النفط عالميا. وأشار فدوفنسكي إلى أن الفترة السابقة التي اتسمت بالانخفاض الحاد في أسعار النفط ساعدت على التوسع في نشاط التخزين الذي وصل الآن إلى مستويات قياسية ويجذب السوق حاليا نحو الانخفاض بسبب تباطؤ الطلب أحيانا لافتا إلى تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، الذي يتوقع ارتفاع المخزونات بمقدار 4 ملايين للأسبوع المنتهي 27 شباط (فبراير) إلى إجمالي 438.1 مليون برميل بأعلى مستوى للمخزونات منذ آب (أغسطس) 1982. إلى ذلك، غلبت التراجعات المحدودة على أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث هبط سعر خام برنت أمس صوب 60 دولارا للبرميل مع صعود الدولار الذي ضغط على أسعار السلع الأولية في الوقت الذي قال فيه المهندس علي النعيمي وزير البترول، إنه يتوقع أن تحقق السوق التوازن بنفسها وأن تتعافى الأسعار. وبحلول الساعة 1405 بتوقيت جرينتش نزل سعر مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم نيسان (أبريل) 66 سنتا إلى 60.36 دولار للبرميل بعد ارتفاعه 2.5 في المائة أمس الأول. وزاد سعر الخام الأمريكي في العقود الآجلة 10 سنتات إلى 50.62 دولار للبرميل. وفي خطوة اعتبرت على نطاق واسع إظهارا لثقة السعودية في تعافي الطلب رفعت المملكة أكبر منتجي منظمة أوبك أسعار البيع الرسمية لشحناتها إلى آسيا والولايات المتحدة أمس الأول. وفي الأسابيع السبعة الأخيرة صعد برنت من أدنى مستوياته في ست سنوات ليتماسك فوق 60 دولارا للبرميل بالرغم من استمرار المخاوف من وفرة المعروض العالمي. ووفقا لـ «رويترز» وجدت أسعار النفط دعما في ضربات جوية استهدفت مرافئ نفطية ومطارا في ليبيا.