جعلت أقلب فكري في التعبير عن التوجع لفظا لا كلاما، ووجدت أنها مفردة مشتركة في كل شعوب العالم المختلفة الأجناس والألوان واللغات، انها مشتركة كالدمعة، كالتكشيرة، كرجفة الخوف. فـ (الآهة) أو (الآه)، عندما تصدر إما عن ألم أو شكاية أو حزن أو تحسر أو شفقة أو فجيعة أو حتى بشكة دبوس، هي هي تجري على كل الألسن مع اختلاف لفظها أحيانا، اما بتشديد بعض أحرفها أو تخفيفها، أو مد النفس أو قصره، أو تنتهي بتنوين أو بدونه. كأن تقول (آهن) بدلا من (آه)، أو (ايه)، أو (اوه)، أو (اخ) أو (اح)، أو تقصرها فقط على (اي). وبما أن هذه اللفظة التي أشغلت بالي وعانيت منها طويلا في كل مراحل حياتي، لا يمر يوم واحد دون أن أستخدمها على الأقل عشر مرات فيه ــ خصوصا عندما آوي إلى فراشي وأسحب اللحاف على أنفي ــ لهذا رجعت إلى المعجم ووجدت أن اللغة العربية تسجل منها (اثنين وعشرين) لفظا من (التأوهات)، وخطر على بالي الآن أن أحصرها (شعريا وموسيقيا)، وأقدمها (لفنان العرب) لكي يغنيها. وأختم هذه المعزوفة بما تعبر به المرأة الصعيدية عندما تفجع وتصيح: (يا دهوتي). *** الغباء ليس مختصرا على أبناء العالم الثالث، وإليكم ما حصل عندما سأل الأستاذ تلميذه الأمريكي: من هو الرجل الأول، فأجابه التلميذ فخورا: (جورج واشنطن)، فلما صحح له المدرس إجابته موضحا له أن الرجل الأول كان (آدم)، استدرك التلميذ بالاعتذار عن خطئه قائلا: آه ، إذا كنت تقصد الرجل الأول من بين الأجانب غير الأمريكيين، فهو آدم فعلا. *** أنا أكتب في هذه الصحيفة خمسة مقالات أسبوعية ابتداء من الأحد إلى الخميس، ورغبة مني بأن لا أثقل على القارئ أكثر من اللازم، فجعلت يوم الخميس عدة (فقرات مختلفات) كنوع من إعطاء فسحة لراحتي وراحة القارئ ، ومع الأسف أن بعض القراء التبس عليهم وظنوا أنني أخلط (عباس على دباس). كلامي هذا هو للتنبيه فقط، ولكي لا أغثكم أكثر من هذا الغثاء اقرأوا معي التالي: في جزيرة (بورنيو الشمالية) ثالثة كبريات الجزر في العالم، وأكبر جزيرة في آسيا بأرخبيل الملايو، يمنع العروسان من دخول الحمام لمدة ثلاثة أيام بعد الزفاف، ويشمل هذا المنع عدم التبول أو الاغتسال لاعتقادهم أن الالتزام بطقوس هذا التقليد هو سر نجاح الحياة الزوجية، ومن أجل تجنب استخدام الحمام في المدة المذكورة، فإن العروسين لا يتناولان خلالها سوى كميات قليلة من المشروبات، ويخضعان لمراقبة صارمة من قبل أفراد الأسرة ــ انتهى. وبدوري أنصح كل شاب تهفه نفسه على الزواج ويريد أن يكمل نصف دينه، أن يذهب إلى تلك الجزيرة، ويقترن بإحدى بناتها. ففي بعضهـن مسحة من الجمال، المهم الله يعينه على موضوع الحمام، وعليه فقط أن (يربط حماره) بقدر ما يستطيـع. ولو كان الأمر بيدي لكنت أنا من أول الذاهبين إلى هناك، ولكن يا حسرة (العين بصيرة واليد قصيرة)، وغيرها كذلك. نقلا عن عكاظ