في 12 مارس 2012 قدم داوود الشريان برنامجه الشهير "الثامنة" بحماس منقطع النظير وبطريقة لا يؤديها إلا داوود، وتعرض لمواضيع ساخنة أشهرها حينما أطلق العنان للسانه وقال "التعليم الأهلي خرباااااان"! وصداه يرن في أذني حتى الآن ولكن للأسف لم يرن في أذن مسؤولي التعليم حينها، رغم أن داوود ذكر المتسببين في هذا الخراب بأسماء بعينها ولكن لا حياة لمن تنادي، وتمنياتنا للقائمين على التعليم حالياً بالتوفيق والنجاح وتحقيق المستحيل. في حلقة "يا حسين" الشهيرة خسر داوود كثيراً وخسر حماسه وفقد صوته، لا يمكن أن ينجح داوود بصوت هادئ لأنه يتحول إلى أي مذيع ممل تراه في الإخبارية أو القناة الأولى!! تحول برنامج داوود أخيراً إلى برنامج أقل أهمية وبحلقات مكررة يمرر أحياناً رسائل حكومية بطريقة فجة لا تتناسب ومهنية داوود العالية. كنت أتوقع أن يصيب الملل حلقات الثامنة بعد السنة العاشرة ولكن يبدو أن تسارع وسائل التواصل الاجتماعي المخيف أسرع بحرق منتجات التلفزيون بطريقة لم نعهدها، لم يعد هناك ما يبهر مشاهد التلفزيون بعد أن صارت هذه التقنيات تقذف بكل ما هو جديد وغريب ومدهش بسرعة فائقة على مختلف تقنياتها وتعدد أنواعها. من وجهة نظري، لم أعد أرى في حلقات الثامنة الأخيرة ما يلفت الانتباه، وتشابهت مواضيعها وشخوص ضيوفها، يبدو أن ما يبقي داوود على البرنامج هو المقابل المادي الذي لا يمكن العيش بدونه خصوصاً أن الإعلانات تشكل نسبة كبيرة من وقت البرنامج، علماً بأن أي برنامج آخر على إم بي سي سيحظى بنصيب الأسد في الإعلان. داوود الذي يكره الملل والتكرار باختلاف تجاربه الصحفية وزعله ورضاه ورحيله الشهير لبرنامج لقاء ثم عودته ببرنامج صار السعوديون يضبطون ساعاتهم عليه يوميا ويلجؤون إليه لحل مشاكلهم المستعصية، لابد أن يتوقف ليعود محلقاً كما تعودناه. لا أخفيكم سراً أنني سعدت بعودة داوود للكتابة الصحفية من خلال عموده الشهير "أضعف الإيمان"، ما أعطاني شعورا أرجو أن يكون صحيحاً بترجل داوود عن كاميرا الثامنة التي صاحت "أما آن لهذا الفارس أن يترجل"، والمعروف أن داوود توقف عن الكتابة فور التحاقه ببرنامج الثامنة. غياب أقلام رائعة مثل داوود أو عبدالرحمن الراشد أو فهد الحارثي عن الكتابة خسارة للصحافة السعودية، فرب ضارة نافعة، فحينما يخرج داوود من التلفزيون يعود لنا في الكتابة، لا أحد يبدع في المقال السياسي كما يبدع داوود الذي يقدم خلاصة سريعة ومفهومة لأحداث متضاربة وبلا لف ولا دوران كما يفعل كثير من المحللين السياسيين السعوديين. سيأتي خروج داوود من التلفزيون بعد أن فقد التلفزيون هيبته وجماهيريته أمام زحف وسائل التواصل الاجتماعي المرعب الذي يهدد بسحب جيل كامل من الانتظار أمام الشاشة الكبيرة، قياساً بشاشات التواصل الاجتماعي التي يتسمر أمامها الجيل الجديد بالساعات الطوال بلا كلل ولا ملل، حيث أصبح انتظار برنامج في ساعة محددة شيء من بقايا التاريخ لا زال لجيل آبائهم شيء من هذا الولع والانسجام. مصير التلفزيون يشبه مصير الصحافة الورقية ما يزيد الضغط على مقدمي البرامج التلفزيونية وكتاب الصحف عن ماذا لديهم ليكسبوا إعجاب شريحة عريضة من المشاهدين ترى أنهم من بقايا التاريخ، لهذا كثرت برامج الواقع وكثرت برامج المسابقات الغنائية وما يتبعها من تصويت وإثارة وتشويق ما يبقي أصحاب المهن التلفزيونية في مناصبهم ولكن الرهان على المستقبل مخيف، وكما قال عبدالرحمن الراشد "كلنا إعلاميون" الآن بعد هجمة وسائل التواصل الاجتماعي التي لا ترضى أن تتوقف.