أكد الأزهر أن الحملات العالمية التي يطلقها تنظيم «داعش» الإرهابي لضم الشباب المسلم إلى صفوفه هي «حملات ضالة ومُضِلة»، غرضُها زعزعةُ أمنِ الأوطان الإسلامية، والنيل مِن استقرارها، وزلزلة أركانها، واستهداف شبابها الذين يمثلون عماد هذه الأمة، وذلك مِن خلال دعوات ترفع الإسلام شعاراً لها، والإسلام منها براء. ودعا الأزهر في بيان له أمس الشباب المسلم إلى عدم الانخداع بمثل هذه الدعوات التي يُطلقها هؤلاء الجُهَّال المتطرِّفون الذين لا يعرفون عن تعاليم دِينهم شيئًا. وشدد الأزهر على أنَّ مَن يُطلَق عليهم تنظيم «داعش» إنَّما هم خوارجُ وبُغاةٌ يجب على ولاة الأمر قتالهم ودحرهم وتأمين الناس والشعوب من شُرورهم وفتنتهم المضلَّة حيث كانوا، فهم لا يختلفون شيئًا عن الخوارج الذين تمرَّدوا على أمير المؤمنين عليٍّ بن أبي طالب -رضي الله عنه واتهموه بالكفر كما اتهموا أصحاب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالخروج عن الملة، بل كَفَّروا كلَّ مَن خالَف مذهبهم، وكلَّ مَن لم ينضمَّ لصفوفهم من عامة المسلمين، ولم يكن مِن بينِهم رجلٌ واحدٌ من آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما لم يكن مِن بينهم رجلٌ من المهاجرين أو الأنصار، أو مِن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم. وقال الأزهر في بيانه «ما أشبه اليوم بالأمس، إذْ نرى تنظيماتٍ مُتطرفةً تتكلَّم باسم الإسلام وهم لا يعرفون مِن الإسلام غير اسمه، وينسبون أنفسَهم إليه، وكأنَّهم يتكلَّمون عن دينٍ لا يعرفه المسلمون ولا يعرفه علماء الأمَّة، إنَّ هذه الحملات المشبوهة التي تطلُّ علينا في هذه الآونة تهدف بالأساس إلى تشويه الإسلام، وتقديم صورةٍ كريهةٍ ظالمةٍ لهذا الدين الحنيف، ولنبيِّه صلى الله عليه وسلم الذي أرسَلَه الله رحمةً للعالمين، وتنسجُ الأباطيل والمفترَيات والأكاذيب حول تعاليمه لكَي تبعثَ برسالة تنفيرٍ وكراهيةٍ للعالم أجمع مِن هذا الدِّين الحنيف مصورةً إيَّاه بدِينٍ دمويٍّ متوحشٍ يدعو للقتل وإراقة الدِّماء، والدِّين من كل ذلك براءٌ». وطالبُ الأزهرُ جميعَ المسلمين شبابًا وشيوخًا، وجميعَ المنظمات الإسلامية ومنظمات العمل الحكومية والأهلية بضرورة التكاتُف والوقوف صفًّا واحدًا أمامَ ذلك الخطر المحدق الذي يُهدِّد أمنَ أمَّتِنا، ويُريد أنْ يسرقَ عقولَ شبابها الأطهار. وأهاب الأزهرُ بكل أبناء الأمة إلى أخذ الحيطة والحذر والانتباه إلى هذا الفكر الشاذِّ والمتطرف، مع أهمية الرُّجوع إلى علماء الأزهر للردِّ على تُرَّهات هؤلاء المضلِّلين وأباطيلهم، والتي يرفعون فيها شعارات كاذبة لا تمتُّ للدِّين بصِلةٍ، ولكنها تهدمُه بمعاولَ تَكاتَفَ أهل الباطل على صناعتها. وفي معرض رده على ما ورد من تصريحات منسوبة ل»جون سويرز» الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطانية لقناة ال بي بي سي الرابعة الإنجليزية، والتي أشار فيها إلى أنَّ «الدِّينَ الإسلامي ككلٍّ ليس مهيَّأً بشكلٍ جيدٍ لإحياء وتجديد نفسه لكي يتوافقَ مع قيم ومعايير مجتمع يعيش في القرن الحادي والعشرين» قالت مشيخة الازهر في بيان لها أمس إنه من المعلوم إن الإسلام متجددٌ بطبعه ويستطيع مواكبة متطلبات ومستجدات العصر، وشريعته صالحة لكل زمانٍ ومكانٍ، ذلك أنَّ من خصائص الإسلام المرونة والقدرة على احتواء الآخر وقبوله والتفاعل معه، نظرًا للمبادئ والقيم الآتية التي يحث عليها دين الإسلام وهي الإقرار بأن البشرية جمعاء مردُّها إلى أصلٍ واحدٍ، والإقرار بأن الله كرم الإنسان بصرف النظر عن عرقه أو لونه أو لغته أو معتقده. والإقرار بأن الاختلاف بين البشر سنة كونية مؤداها التعاون المثمر والبنَّاء لما فيه صالح البشرية. واعتراف الإسلام بالرسالات السماوية السابقة عليه شرط من شروط الإيمان، ويعترف كذلك بالتعددية الثقافية والدينية والعرقية مما يجعله منفتحًا ومتفاعلًا مع مختلف الثقافات والحضارات والأديان.وأكد الازهر ان تصريحات «جون سويرز» اعتمدت على ممارساتٍ فرديةِ اتخذت منها مبدأً عامًّا للحكم على الإسلام، وفي الحقيقة أن ذلك لا يمت للإسلام بصلة، إلى جانب أنَّ الفرد الذي تكلم عنه «جون سويرز» نتاجُ ثقافة غربيَّة لا عربية ولا إسلامية، على الرغم من انتمائه للإسلام، مع العلم أنَّ معظم الجماعات الإرهابية أثبتَتِ الأحداث أنَّها صنيعة الأجهزة المخابراتية الغربية.