تعيش معظم محافظات مصر على مدار الأسبوعين الماضيين أزمة خانقة بسبب عدم توفير البنزين والسولار وأسطوانات الغاز بكميات كافية، وتسبب العجز في توفير الأسطوانات بقيام الأهالي في أكثر من مكان بتعطيل سير القطارات، واقتحام بعض المقرات الإدارية للمحافظات، كان آخرها صباح أمس الجمعة. البعض يرى أن هذه الأزمة مفتعلة من قبل "تجار جشعين" ومهربي مشتقات البترول من البنزين والسولار وأسطوانات الغاز، سواء كان هذا التهريب للداخل أم للخارج، وآخرون يرون أنها أزمة السيولة من النقد الأجنبي لدى الحكومة والمخصص لاستيراد المنتجات البترولية. ويرجح فريق آخر أسباب ندرة منتجات الطاقة إلى تغاضي الحكومة عن متابعة أطراف الأزمة حتى تبرر قيامها بإبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3.2 مليارات دولار. وقد رصدت وسائل الإعلام المصرية ظاهرة انصراف المواطنين إلى طوابير الانتظار للحصول على أسطوانات الغاز أو أمام محطات وقود السيارات، بدلا من طوابير الانتظار أمام اللجان الانتخابية للبرلمان بالمرحلة الثالثة. " المختص في شؤون الطاقة إبراهيم زهرانيعتبر أن الحل الوحيدلأزمة منتجات البترول هو وقف تصدير الغازعلى وجه السرعة لأن البلادتعتمدكثيراعلى استيراد المنتجات البترولية " تصدير الغاز وصرح المختص في شؤون الطاقة إبراهيم زهران للجزيرة نت" بأن الحل الوحيد الذي يمكن أن يخرج مصر من أزمتها في مجال الطاقة هو وقف تصدير الغاز الطبيعي على وجه السرعة، لأن مصر تعتمد بشكل كبير على استيراد المنتجات البترولية. ولم يعد لدى السلطات من السيولة بالعملة الأجنبية ما يمكنها من دفع 650 مليون دولار شهرياً لاستيراد منتجات البترول، حيث انخفض احتياطي النقد الأجنبي إلى 18 مليارا بعد عام من الثورة، وقد كان 36 مليارا في ديسمبر/ كانون الأول 2010. ويرفض زهران فكرة زيادة أسعار تصدير الغاز لأنها من وجهة نظره ستضيف مبالغ زهيدة. ووصف استمرار السياسات الحكومية بتصدير الغاز الطبيعي بأنها "كارثة ولابد من وقفها على الفور". ولكنه يستبعد مسؤولية ظاهرة التهريب الداخلي أو الخارجي لمنتجات الطاقة بمصر في صنع الأزمة الحالية، موضحا بأن الكميات التي يتحدث عنها في مجال التهريب لا تذكر، فمصر مثلا تستهلك يوميًا 15 ألف طن من البنزين، ولا يستطيع نشاط التهريب التصرف في كل هذه الكمية. ويطالب زهران الحكومة بتوفير الغاز الطبيعي لبعض المؤسسات المنتجة (مزارع الدواجن، كمائن الطوب، أفران الخبز) التي تقوم باستخدام المنتجات البترولية المدعمة، ويقول إن هذه المؤسسات تضطر للقيام بهذا العمل لأن الحكومة لم توفر لها البديل. غياب الرقابة ويعزو الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق أزمة منتجات البترول إلى مجموعة من الأسباب، على رأسها الغياب الأمني مما شجع على اتساع نشاط تهريب المنتجات البترولية، وكذلك استخدام بعضها خارج القنوات المحددة لاستخدامها، وبخاصة المدعومة منها. ويقول أيضا إن عودة الأمن وممارسة الوزارات المعنية بالرقابة لهذه المهمة على الأسواق من شأنها معالجة أزمة منتجات الطاقة بشكل أفضل. وتبقى هذه المعالجة مرهونة -وفق فارو-ق بشفافية السياسات الحكومية تجاه قطاع البترول، حتى يتفاعل المواطنون إيجابيًا مع هذه السياسات الجديدة، ويطالب بتطهير قطاع البترول من قياداته، حيث يرى أن هذا القطاع "يدار من لدن مسؤولين غير حريصين على الصالح العام". فاروق: تحسين أسعار تصدير الغاز المصري سيوفر موارد أكبر لتوريد منتجات البترول(الجزيرة نت) عائدات أكبر ويختلف فاروق مع زهران فيما يتعلق بتحسين أسعار اتفاقيات الغاز، ويقدر العائد من تحسين الأسعار باتفاقيات الغاز الطبيعي بنحو خمسة مليارات دولار سنويًا. ويضيف الخبير الاقتصادي أنه بهذه الإيرادات ستتوفر موارد لاستيراد منتجات بترولية، على أن تكون هذه الخطوة في الأجل القصير، وأن يُستفاد من الغاز المصري في توفير الطاقة اللازمة لكافة احتياجات البيوت والمؤسسات الإنتاجية والخدمية. وبسؤال فاروق عما يتردد من أن الحكومة تفتعل هذه الأزمة من أجل إيجاد مبرر لها في توقيع اتفاقها مع صندوق النقد، أجاب بأن هذا وارد ولكنه ليس في صالح الحكومة لأن الصندوق إذا شعر بضعف الحكومة وأنها مضطرة فسيفرض عليها شروطا أشد.