طالب العراق المجتمع الدولي بضرورة الاهتمام بالإرث الإنساني في العراق، وحث دول التحالف التي تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق على تجنب استهداف المواقع التاريخية قدر المستطاع. وخلال المؤتمر الدولي حول أمن واستقرار العراق الذي عقد في باريس منتصف الشهر الجاري، نبه العراق إلى حاجتهللدعم للحفاظ على الآثار وتجنيبها أي استهداف أثناء العمليات العسكرية. وفي لقاء مع الجزيرة نت، ذكر الناطق الرسمي باسم وزارة الآثار والسياحة العراقية قاسم السوداني أن مؤتمرا ستعقده منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) نهاية الشهر الحالي -وستشارك فيه وزارتا السياحة والآثار والثقافة العراقيتان- سيناقش هذه القضية. وأضاف السوداني أنه لا توجد إحصائية دقيقة حول الآثار التي دمرت بعد سيطرة تنظيم الدولة على عدة مدن بشمالي البلاد، وذلك لصعوبة الوصول إلى الأماكن الأثرية. وأكد أن وزارة السياحة قامت بتشكيل لجنة تضم ممثلين من وزارتي الداخلية والثقافة من أجل متابعة خطة الطوارئ لحماية الآثار والمراقد والكنائس من التخريب، بالإضافة إلى تفعيل القوانين الدولية وتعاون المجتمع الدولي. السوداني: لا توجد إحصائية حول الآثار التي دمرت بعد سيطرة تنظيم الدولة على عدة مدن(الجزيرة نت) وكانت وزارة السياحة والآثار قد قالت في بيان صحفي إن أكثر من 4370 موقعا أثريا تتوزع في خمس محافظات شملت الموصل وديالى وكركوك والأنبار وصلاح الدين تتعرض للتخريب والتهريب المنظم من قبل عصابات الآثار الدولية والإقليمية وحتى المحلية، إضافة إلى الأضرار المادية الناجمة عن العمليات العسكرية. تدمير ممنهج من جانبه، قال المهتم بشؤون الآثار عبد الكريم اللامي في حديث للجزيرة نت إن الآثار العراقية تتعرض لمؤامرة كبيرة مشتركة من جهات محلية ودولية، بالرغم أن المجتمع العراقي لم ينتبه لها، بسبب التشتت والضياع الذي يعيشه. وأوضح أن مقامات الأنبياء في الموصل تعرضت للتدمير بعد تفجيرها ومن الصعب إصلاحها. واتهم اللامي الدولة العراقية بالتقصير في الحفاظ على الآثار بالبلاد، مشيرا إلى أن الحكومة لا تمتلك إحصائية صحيحة عن عدد الآثار التي دمرت أو سرقت، "لأنها غارقة في تقاسم السلطة والمكاسب". اللامي: الآثار العراقية تتعرض لمؤامرة كبيرة مشتركة من جهات محلية ودولية (الجزيرة نت) وأضاف أن الصرخة الأولى المطالبة بالمحافظة على الآثار العراقية لم تكن عراقية بل أجنبية، وهذا الأمر يثير الريبة والشكوك، متهماً أصحاب النفوذ في الدولة العراقية بسرقة الآثار وبيعها. واستغرب اللامي من دعوات مد أنابيب للنفط في مدينة بابل التاريخية، محذرا من أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تدمر المدينة الأثرية. كما دعا جميع الدول التي لديها آثار عراقية إلى "عدم إرجاعها إلى الدولة العراقية،لأنها غير قادرة على حمايتها والمحافظة عليها". الإرث المسروق من جانبه، قال وكيل وزارة الثقافة العراقي مهند الدليمي في حديثه للجزيرة نت إن وزارته مهتمة بالحفاظ على الإرث العراقي وإعادته إلى الوطن بعد أن تعرض للسرقة منذ عام 2003، مشيرا إلى تمكن الدولة من استعادة أكثر من سبعمائة إرث. وبيّن أن وزارة الثقافة قامت بالاتصال بالعديد من المنظمات الدولية ومنها الشرطة الدولية (الإنتربول) لاستعادة الإرث العراقي. وأضاف أن هناك العديد من العراقيين "قاموا بشراء الآثار المسروقة وإرجاعها إلى البلد"، ويتم عرضها حاليا في متحف الفن الحديث في مقر وزارة الثقافة. يذكر أن العراق من أكثر البلدان التي تعرضت آثارها للسرقة والتخريب والتدمير، منذ الاحتلال الأميركي في التاسع من أبريل/نيسان 2003، ثم جاءت سيطرة تنظيم الدولة في العاشر من يونيو/حزيران الماضي على مساحة ثلث أرض العراق لتضيف مأساة جديدة لتدمير وتهريب وتخريب الآثار والمواقع العراقية.