اتهم رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني، قطر وتركيا بدعم تنظيم «داعش» في بلاده بـ «المال والسلاح»، منتقداً الحظر الدولي على تسليح الجيش الليبي،.وقال في تصريحات إلى «الحياة» إن هذا الحظر «يُمكّن الإرهاب من السيطرة». وسبق للدوحة وأنقرة نفي مزاعم مماثلة بتقديمهما دعماً للفرع الأم لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية والعراق. وزار الثني القاهرة على رأس وفد رفيع المستوى ضم وزيري الدفاع والداخلية ومسؤولين أمنيين واستخباراتيين التقوا نظراءهم في الحكومة المصرية. وعلمت «الحياة» أن اتفاقاً تم بين مسؤولي البلدين على تكثيف التعاون الأمني والاستخباراتي في المرحلة المقبلة، وأن وفداً أمنياً مصرياً يضم مستشارين في مجال الأمن الداخلي، سيسافر إلى مدينتي طبرق والبيضاء شرق ليبيا في غضون أسابيع، لتدريب قوات الشرطة الليبية، فضلاً عن إيفاد ليبيين إلى القاهرة لتلقي تدريبات ونقل الخبرات التي اكتسبوها إلى وحدات الأمن الليبية. وقالت مصادر مُطلعة على مضمون المفاوضات التي جرت في القاهرة في شقها الأمني، إن القاهرة أبدت تفهماً لطلبات ليبية في شأن التدريب الأمني والعسكري، ويجري حالياً بحث تفاصيل تنفيذ هذا التعاون، لافتة إلى أن مصر عرضت على الجانب الليبي معلومات عن تسلل لـ «إرهابيين» من منطقة «جغبوب» في جنوب شرقي ليبيا إلى واحة «سيوة» في الأراضي المصرية، إذ تم القبض على متسللين في تلك المنطقة، وفي التحقيق معهم اعترفوا بانتماءاتهم إلى تنظيمات متطرفة في ليبيا. وطلبت القاهرة من الجانب الليبي ضبط الحدود في تلك المنطقة قبل فتح «منفذ سيوة» بين البلدين المقرر العام المقبل. وأوضحت المصادر: «تم الاتفاق على عدم تشغيل المنفذ قبل السيطرة تماماً على تلك النقاط التي ينفذ منها المسلحون». وأشارت المصادر إلى أن وفداً أمنياً ليبياً رفيعاً سيزور الخرطوم في غضون أيام، في إطار عملية «تنسيق إقليمي» لضبط الحدود. وقالت مصادر ليبية: «هناك تحسن في موقف الخرطوم. قطعاً هناك تسللات تحدث من السودان إلى ليبيا تُفيد المسلحين، لكن هناك مؤشرات على أن تلك العمليات تتم بعيداً من أعين الحكومة، وليس بدعم منها». من جانبه، قال رئيس وزراء ليبيا عبدالله الثني لـ «الحياة» إن الدولة الليبية لن تخرج من كبوتها إلا «بالتكاتف العربي والعمل بجدية على حل مشكلة تسليح الجيش»، مضيفاً: «نحن نواجه تحديات كبيرة، منها غياب الحقائق في أغلب وسائل الإعلام. وهناك دول عربية تساند الإرهاب في ليبيا وتدعمه بالمال والسلاح والإعلام. منع السلاح عن الجيش الليبي أمر خطير للغاية»، لافتاً إلى أن محادثاته في القاهرة أثمرت «نتائج جيدة»، إذ تفهم المسؤولون في مصر خطورة الوضع في لبيبا «وستكون هناك مساندة سياسية وأمنية من الرئيس عبدالفتاح السيسي والدولة المصرية». وأشار إلى أنه تحدث مع الرئيس السيسي عن تكوين «جبهة دفاع عربية» عن ليبيا تقودها الدول الداعمة للحكومة والجيش الليبي، وفي مقدمها مصر والسعودية والإمارات والأردن. وقال: «التحالف العربي سيشكل ورقة ضغط كبيرة على المجتمع الدولي، فالتكاتف العربي ستكون ثماره إيجابية في المواقف الصعبة»، مذكراً في هذا الصدد «بالدور الكبير الذي قامت به السعودية في حرب أكتوبر من العام 1973 واستخدامها سلاح النفط كورقة ضغط على الدول المساندة لإسرائيل». وطالب الثني الدول العربية بدعم ومساندة الجيش والحكومة الليبية. وقال: «الوضع في ليبيا يتطلب المزيد من التعاون العربي والضغط الدولي حتى يتم تسليح الجيش الليبي، ففي الوقت الذي تستخدم فيه قوى الإرهاب من «داعش» و «فجر لبيبا» أحدث الأسلحة نجد المجتمع الدولي يحاصر الجيش ويمنع عنه السلاح نهائياً، حتى لو عصًا كهربائية. هذا الحصار يعرّض ليبيا للخطر الداهم ويُمكّن الإرهاب من السيطرة». وقال الثني إن هناك تحركاً من الدول الداعمة لليبيا، وفي مقدمها مصر والسعودية والإمارات لمخاطبة الصين وروسيا للحصول على السلاح وتدعيم الجيش الليبي. وعن موقف السودان من الأوضاع في ليبيا، قال الثني: «موقف السودان تغيّر تجاه ليبيا، وهناك تنسيق كامل معها في الوقت الحالي من أجل وحدة ليبيا»، منتقداً موقف قطر من بلاده. وقال الثني لـ «الحياة»: «موقف قطر يظل مخزياً تجاه الدولة الليبية، فهي ممول رئيسي لقوى الإرهاب في ليبيا، مادياً وإعلامياً. لقطر وتركيا دور كبير في دعم داعش بالمال والسلاح، وهناك صعوبة في تأمين الحدود والسواحل الليبية التي يستغلها المهربون لإمداد «داعش» والجماعات المتطرفة بالسلاح». ونقلت «رويترز» عن الثني قوله إن حكومته ستوقف التعامل مع تركيا لأنها ترسل أسلحة إلى مجموعة منافسة في طرابلس «لكي يقتل الشعب الليبي بعضه بعضاً». وأضاف: «تركيا دولة لا تتعامل معنا بمصداقية.. تصدّر لنا أسلحة لكي يقتل الشعب الليبي بعضه بعضاً.. الشركات التركية ستستبعد من التعاقدات على الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة وأي فواتير قائمة سيتم دفعها». لكن الناطق باسم وزارة الخارجية التركية نفى في شدة مزاعم الثني، وقال المتحدث تانجو بلجيتش لـ «رويترز»: «بدل ترديد المزاعم غير الحقيقية ذاتها والتي لا أساس لها من الصحة ننصحهم بدعم مساعي الأمم المتحدة من أجل الحوار السياسي». وأضاف: «سياستنا بشأن ليبيا واضحة للغاية. نحن ضد أي تدخل خارجي في ليبيا وندعم بشكل كامل الحوار السياسي الدائر بوساطة الأمم المتحدة». وقال بلجيتش إن الحكومة التركية وجهت الدعوة لرئيس مجلس النواب المعترف به دولياً لزيارة تركيا لكنه لم يقبلها. من جهة أخرى، قال السيسي للمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر خلال لقاء جمعهما في القاهرة أمس، إن «عملية الناتو غير المكتملة كانت لها عواقب وخيمة على الشعب الليبي الذي أضحى مصيره في أيدي جماعات مسلحة. كان يتعين جمع السلاح وتنظيم انتخابات بإشراف دولي للتأكيد على الإرادة الشعبية الليبية، فضلاً عن وضع برنامج تدريبي مكثف لإعداد الجيش الليبي الوطني ومختلف الأجهزة الأمنية، إلا أن ذلك لم يحدث». وأضاف السيسي أنه سبق أن حذّر مختلف القوى الدولية من مغبة ترك الأوضاع في ليبيا وغيرها من دول الشرق الأوسط وأفريقيا على هذا النحو. واعتبر السيسي أن «الفرصة ما زالت متاحة لتدارك الأوضاع في ليبيا، عبر نزع أسلحة الميليشيات المتطرفة، ومنع تدفقها للجماعات المتطرفة والإرهابية، والحيلولة دون تحقيق تلك العناصر مكاسب سياسية بالقوة، ودعم الجيش الوطني الليبي».