×
محافظة عسير

طالبة متوسط بالنماص تتحدث 4 لغات

صورة الخبر

إن عالم الدكتور شكري فيصل في الثقافة والأدب، فسيح جداً وواسع حَداً لأنه خاض غمار الأدب منذ شبيبته،، فاستطاع أن ينطلق نحو الدراسة الأدبية والتناول النقدي والبحث الثقافي، ويعد شكري فيصل من الباحثين الأكاديميين الأوائل من جامعة القاهرة، بل إنه من أدباء العرب المعاصرين الذين كانت لهم قدح السبق في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة وبين الأكاديميين والأساتيذ، وعلى هذا الغرار من العلم والأدب والثقافة، نجد هذا الباحث والأديب في عالمه المعنوي رافعاً رايته الثقافية والأدبية، حيث يرى أن الأدب العربي عاش في دفقات الثقافات الكثيرة التي التقت في الحياة الإسلامية، فأضفت ألوانها عليه، بحيث اكتملت الصورة واكتمل المشهد من خلال الأدب والثقافة بل إنه يرى أن الأدب العربي في عرف النظرية الثقافية لا يختلف عن الآداب الأخرى في أنه ثمرة للثقافات المختلفة التي غمرت العالم الإسلامي على تتابع العصور، ويمضي قائلاً: النظرية الثقافية تعتمد هذه النظرة التاريخية للأدب العربي فترى أن هذا الأدب كان له طوابعه الخاصة حين كان حبيس الجزيرة لا يكاد يفلت منها أو يبعد عنها، فإذا أبعد لم يجاوز مشارف الشام أو سواد العراق أو هضاب الحبشة على أبعد مدى، فلما انطلق ذات يوم موغلاً في الشام والعراق ومصر مع الهجرة الكبرى لم يستطع أن يتخذ له طوابع جديدة في الأيام الأولى إلى آخر ما قال في صدد تأثر الأدب العربي بالآداب اليونانية والفارسية والرومانية، والحبشية، لأن لأدبنا العربي كينونته وبيئته التي خرج منها منذ أقدم العصور حيث يرى النقاد الأقدمون أن تاريخ الشعر العربي يرجع إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً قبل الهجرة النبوية الشريفة. وعلى الرغم مما مضى إلا أن الدكتور شكري فيصل قد عني بالحياة العقلية والعلوم الأدبية والأساليب العربية التي سيطرت على الأدب العربي، ثم ما كان من أثر هذا الأسلوب القرآني في صقل اللغة وإنمائها وفي تشقيق أساليبها وفي تطويعها لكثير من الأغراض الكثيرة أو الجديدة، لكن الباحث هنا يحار من قوله: "ولا تغفل النظرية الثقافية هنا نشوء اللهجات العامية وانتشارها وما كان لذلك من ظلال على الأدب العربي ثم ما كان من نشأة فنون الأدب مثل النثر والشعر "من كتابه مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي صفحة (106- 107) طبعة دار العلم للملايين – بيروت لبنان الطبعة السادسة سنة 1406ه - 1986م. ولكننا نرى العكس من قول الباحث بمعنى أن الأدب العربي الذي كتب بلغة قريش هو المؤثر في مجتمعاته وبالذات في السواد الأعظم من الناس الذين يتخذون في التفاهم والتعلم باللهجات العامية المختلفة. وفي هذا الكتاب المذكور يبني المؤلف مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي، عرض، ونقد، واقتراح على نظريات ومذاهب فنية يحوطها التاريخ والأدب والثقافة، ومع رحلته الطويلة مع الأدب العربي وتاريخه نجد شكري فيصل ينوع في بحوثه العربية والإسلامية على تطور اللغة العربية وتأثرها ببعض ما ورد من مصطلحات لغوية وفكرية وأدبية واجتماعية وذلك من جراء الاختلاط في الفتوحات الإسلامية الأولى بالسكان والصلة بالأرض والاختلاط في الجيش والاختلاط في السبي وآثار هذا الاختلاط في تطور لغة العرب وذلك مثل نشوء لغة التفاهم وفشو اللحن ثم يعرض في التطور الأدبي عند العرب الأقدمين ومكان الأدب والشعر بخاصة في الدعوة الإسلامية، ويركز هنا على مهمة الأدب وقيمة الأدب والارتباط بين قيمة الأدب ومهمته. ويشير إلى أن طبيعة الفكرة الإسلامية كانت تحب أن تهيل على الحياة الأدبية مفهومها الخاص، يقول:"إن قيمة الأدب هي التي أناطت بها الحركة الإسلامية الأدب، وإنما تكتمل في أذهاننا حين نذكر أن الإسلام كان في صورته التعبيرية حركة أدبية معجزة. والقرآن الكريم – وهو الكتاب الذي قامت عليه الدعوة الإسلامية – إنما كان أثراً أبدياً بارعاً، ملأ نفوس العرب دهشة وروعة، وكان بيانه وإعجازه سبيلاً إلى قلوب كثرة كثيرة منهم، فلم تكن مهمة الأدب في الحياة الإسلامية لتقتصر على أن تكون أداة في يد الدعوة مسخرة لغاياتها، ولكنما كان للأدب قبل ذلك وفوق ذلك قيمته الأصلية الخاصة.." كتابه المجتمعات الإسلامية صفحة (322) طبعة دار العلم للملايين – بيروت – لبنان – الطبعة الخامسة يوليو 1981م. نود أن نقول بعد ذلك إن فيصل باحث دؤوب في تاريخ الأدب العربي والفكر الإسلامي والتراث بصفة عامة، فلديه كتب عدة بين تأليف وتحقيق، له في التأليف كتاب نثر شوقي وهو عبارة عن بحث القاه في مهرجان شوقي وقد صدر عام 1958م كما أن له كتاب تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام وكتاب من امرئ القيس إلى عمر بين أبي ربيعة طبع سنة 1959م. وقد حقق كتباً ودواوين مثل " ديوان أبي العتاهية" صدر عام 1965م و "مقدمة المرزوقي" في شرحه لحماسة أبي تمام صدر سنة 1952م ، وكتب وشارك في الكتابة بمجلتي المجمع العلمي العربي بدمشق ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعموماً فإن تناول الدكتور شكري فيصل للأدب والثقافة والتاريخ تناول شمولي للتراث العربي الإسلامي، الذي اهتم فيه بالمجتمع العربي والأدب الديني والفتوحات الإسلامية، كل ذلك عاد فيه إلى مصادر ومراجع لا تحصى، ولا ننسى أن الرجل متأثر بأساتيذ من آداب القاهرة القديمة أمثال طه حسين وأحمد أمين، وأمين الخولي، وهو تأثر دراسي وليس موضوعي وإن يكن ذلك ظاهراً في بعض الأحايين فالدكتور فيصل متمكن في علمه وأدبه وثقافته، ويعد من جيل الباحثين أمثاله: شوقي ضيف، عمر الدسوقي، محمد الشنطي، إحسان عباس، ناصر الدين الأسد، أحمد هيكل وسواهم الذين أرخو للأدب العربي وبحثوا فيه الأبحاث والدراسات والمواضيع العميقة الجيدة التي تنبئ عن رجال خدموا لغة الضاد وفكر الإسلام وتراث العرب. وقد تخصص كما يبدو في الدراسات الإسلامية التي أعطاها جهداً أدبياً وفكرياً وربط فيها بين المجتمع الإسلامي وصلته بالعروبة، وكذا يبحث في شؤون الفتح الإسلامي المبين وانتشار دعوته صلى الله عليه وسلم في العالمين.. وعلى ذلك فإن الدكتور شكري خاض هذه الدراسات بتمكنه الأدبي واللغوي والثقافي، وسار في دربه ماضياً حقبه باقتدار، دارساً أموره شاملاً شؤونه بنظرات فاحصات في التطور الاجتماعي للفتح الإسلامي وأثر الآداب في بعضها البعض ونموها وتطورها عبر التاريخ. بعد ذلك نستطيع أن نقول إن هذا الباحث اهتم في التاريخ العربي الإسلامي بالشعر واللغة والثقافة والأدب وبالذات النثر العربي الذي تأثر بإعجاز القرآن الكريم والبلاغة النبوية المشرفة، ثم درس ذلك بعمق وفحص وتمعن ليقترح منهجاً متكاملاً للأدب العربي مع تقدم الدراسات الأدبية ومع طبيعة الأدب العربي في تطاول عصوره وتنوع فنونه وتوزع القصيد فيه كما أشار الناشر في تقديمه لكتاب مناهج الدراسة الأدبية في الأدب العربي، ولله في خلقه شؤون..