يتجه الناس الى عالم السخرية عندما يتملكهم اليأس من إيجاد حل صريح ومقنع لقضاياهم، فالسخرية لغة المحرومين والمضيعين في طرق الحياة، الضحك على الألم بداية الانتصار عليه، أو التخفيف من قسوته، فالإنسان البسيط فنان بطبعه وعبقري عندما يعبر عن مشاكله، لا يكاد يضاهي إبداعه إلا فنان صرف جل عمره في البحث عن لحظة تميز يمسك بها ويطلقها بشكل مبهر للناس.. أبدع الإنسان السعودي في التعبير عن قضاياه بشكل ساخر، فقد امتلك مساحة ولحظة إبداع ولم يخسرها في معالجة قضاياه.. نحن في زمن الوعي والتميز في كل شيء، نحن في زمن المواطن الذي يرصد ويحاسب، مواطن يعرف كيف يخلص لحكومته، بدون وسيط تربوي أو إعلامي أو سياسي، يحارب الإرهاب مع الجهات الأمنية ويرد على الحاقدين على وطنه بلغة تنهي جهود الخصوم من أول حرف، أفضل كتابة وأنقاها خطت للدفاع عن مملكتنا الغالية وقيادتها جاءت في تغريدة لمواطن عادي وليس من كاتب معروف أو أديب مشهور، فشكراً لكل مواطن أصبح صوتاً أميناً للوطن وسلاحاً يرفع بوجه الغادرين.. فليكن شعار هذه المرحلة "قائد محبوب وشعب أمين" فقد لمس قائد الشعب حبه في قلوب مواطنيه رداً على محبته لهم وبادلوا حبه لهم أمانة وإخلاصاً، هذه مرحلة عطاء ووضوح، فالانجاز والاستقرار يتطلب شد اليد على اليد، والإصرار على النجاح، فطموح القائد يحكي ذلك وإخلاص الشعب أيد ذلك. المواطن لم يسخر من حلول البطالة بل من إحصائياتها المتخالفة في أرقامها بين وزارة ووزارة، بين رقم يبشر ورقم يحذر بين تفاؤل وتشاؤم، وصف لواقع يلغي الواقع فهكذا حال لاتجدي معها إلا السخرية، ولتدارك احترام الأرقام لابد من ضبط محترم لواقعها، والعمل بإخلاص لانتزاع الارتباك في حساب المعادلات والأرقام، فمعرفة الشيء جزء من الحكم عليه، ووصف واقع الأزمة برقم صحيح يسهل مهمة علاجها، فلماذا لا ترى وزارة العمل إجراء شراكة معلوماتية مع وسائل الإعلام لضبط حقيقة نسبة البطالة ومحاسبة المتسبب في تغييبها، فالإعلام هو حلقة الوصل بين المجتمع ومؤسساته الخدمية، وهو أيضاً من يجتهد في صناعة المعلومة الوطنية الصحيحة أن يسر له ذلك، ولكي تتم هذه الصناعة المطلوبة بالحاح من القيادة والمجتمع فلا بد من وجود شراكة حقيقية مع الجهة المعنية بقضية البطالة ووسائل الاعلام، لكي يكون النشر صحيحاً وواضحا ومفيداً، وعندها سوف يحاسب المواطن وسائل الإعلام على تقصيرها بدلاً من أن يطلب منها نقل سخريته من فمه إلى أذنه. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net