خلال الأيام القليلة الماضية ضربت أزمتان أسواقنا.. الأزمة الأولى كانت في شح أنابيب الغاز في محافظة جدة، التي تسببت في غلق عدد من محالّ بيع أنابيب الغاز أبوابها؛ بسبب عدم استطاعتها توفير حاجات العملاء، ما تسبب أيضاً في توقف بعض المطاعم عن ممارسة نشاطها التجاري، وتحملها خسائر مالية فادحة، هذا فضلاً عن معاناة المواطنين. الأزمة الثانية كانت في ارتفاع أسعار البيض في الأسواق وزيادة أسعارها عن المعدل الطبيعي، بما يعادل 4 ريالات تقريباً عن سعره الحقيقي، الذي يتراوح بين 10 و12 ريالاً، وتحمّل المواطن من جيبه الخاص تلك الزيادة المتوالية في الأسعار. المدهش في الحالتين، هو طريقة تفاعل الوزارات والمسؤولين مع الأزمة.. ففي الحالة الأولى، كان المبرر في الأزمة الحاصلة عدم تجديد شركة الغاز والتصنيع الأهلية عقود عدد من الموظفين في قسم الإنتاج، مما أدى إلى قلة الأيدي العاملة في فرع الشركة في محافظة جدة، وكما ذكرت مصادر حكومية أن الأزمة سببها إداري وليس إنتاجياً! في الأزمة الثانية، قالت وزارة الزراعة إنها رصدت تلاعب سماسرة أجانب في أسعار البيض في الأسواق وزيادة أسعاره عن المعدل الطبيعي، حيث عمدوا إلى تخزينه في الثلاجات لخلق أزمة، أي أن المشكلة أيضاً هنا ليست إنتاجية، بل إدارية وسوقية. في كلا الحالتين وقع المواطن البسيط ضحية شح أنابيب الغاز.. وفي الثانية وقع ضحية ارتفاع أسعار الغذاء. وفي كلا الحالتين تخبرنا الحكومة والجهات المسؤولة عن سبب وقوع الأزمة، وهو شيء إيجابي ومحمود.. ولكننا نتساءل: هل دور الوزارات والمسؤولين هو انتظار الأزمات حتى تقع، ثم البحث عن أسبابها، ثم الشروع في علاجها، إن قدر لهم الوقوف على الأسباب الحقيقية، ثم علاجها، وطيلة هذه الفترة يئنّ المواطن من وقع الأزمات تلو الأزمات؟! إن الوزارات مطالبة بتوقي الأزمات وتجنبها، وليس فقط علاجها، فعلاج الأزمات التي تنشأ من أمور قدرية غير محسوبة يكون طبيعياً، ولكن من غير الطبيعي أن تتخلق الأزمات أمام أعين المسؤولين، وتلاحق المواطن أينما كان، حتى إذا ضجر بالشكوى تفاعل المسؤولون مع شكواه. إننا نحمد لكل وزارة وهيئة مسارعتها في التخفيف عن كاهل المواطنين، ونعيب بشدة على كل الوزارات وكل الهيئات التي تتقاعس حتى تمس الأزمات جلد المواطنين، والتي تتخلى عن المنهجية والعلمية في درء الأزمات وتكتفي بعلاجها بعد وقوعها والتخفيف من حدّتها وأثرها.